محمد فهمي من سجنه: أخرجوني من المعادلة السياسية

محمد فهمي من سجنه: أخرجوني من المعادلة السياسية

09 أكتوبر 2014
محمد فهمي في المحكمة (Getty)
+ الخط -
"أنا الصحافي، محمد فاضل فهمي، المعروف حاليّاً بـ"صحافي الجزيرة"، "المتهم الخامس"، وربما أيضاً يُقال من قِبَل بعض من لا يعرفني أو لم يقابلني أبداً... "جاسوس قطري" أو "إرهابي إخواني" أو "خائن"... بهذه الكلمات، عرّف الصحافي، محمد فهمي، نفسه في الرسالة التي أطلقها من سجنه يوم أمس. 
 فهمي، العامل في قناة "الجزيرة" الإنجليزية، والمتهم على خلفية القضية المعروفة إعلامياً بـ"خلية الماريوت"، كتب رسالة طويلة من سجن العقرب، تبرّأ فيها من جماعة "الإخوان المسلمين" ومن قناة "الجزيرة مباشر مصر" حتى أنه وصف وائل الإبراشي بالإعلامي الكبير، في خطوة تدلّ ربما على حجم الضجر الذي وصل إليه. وقال فهمي: "لن أردد أقوالاً مأثورة أو آيات قرآنية عن الظلم، ولكن واجبي أن أصحح التاريخ، قبل أن يؤرخ بشكل خاطئ. فماذا يملك المرء أغلى من تاريخ وطنه، وشرفه، وأسرته؟ يصعب عليَّ جدّاً أن أُدان بموجب المادة 86 من قانون الإجراءات الجنائية، وأصبح بين يوم وليلة "عضواً في جماعة الإخوان المسلمين"، جماعة أُسّست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل العمل بالدستور والقوانين.
أنا لا أتذكر يوماً أنني انضممت مثلاً إلى حزب "الحرية والعدالة"، أو تدرجت مثلاً في سلم عضوية الإخوان من درجة "محب" إلى "عضو عامل" تحت رعاية قيادي إخواني".
وتابع فهمي: "كل ما أتذكره هو هتافي ضد الإخوان في مسيرات 30 يونيو، بعد أن تركت العمل الصحافي عدة أشهر. أتذكر أيضاً فرحتي أنا وخطيبتي ونحن نصوّر طائرات قواتنا المسلحة وهي ترسم القلوب في سماء القاهرة لتدخل في قلوبنا الطمأنينة في أيام لا توصف إلا بـ"السوداء" كان المرء يخاف فيها على أمه ونساء عائلته من حتى فكرة النزول إلى الشارع".
وسرد فهمي في الرسالة، تاريخه الصحافي في عدد من وسائل الإعلام العالمية، وقال: "علاقتي كصحافي كانت ممتازة مع أجهزة الدولة السيادية كافة، الرموز السياسية، الحركات الشبابية، بدو سيناء، حتى الإخوان والسلفية الجهادية، وأيضاً الخارجين عن القانون، هؤلاء جميعهم يمثلون المادة الإعلامية التي أقدمها مع وجبة العشاء للمشاهد، وهو يجلس أمام التلفاز في منزله".
وأضاف: بدأتُ العمل مع قناة "الجزيرة" الإنجليزية في شهر سبتمبر/أيلول 2013، والتي لم يتعدّ عملي بها الشهرين وثلاثة أسابيع فقط قبل أن يقبض عليّ. كان أول شرط لي لقبول هذه الوظيفة هو قانونية عمل القناة في مصر، وعدم عرض أي من التقارير التي أقوم بإنتاجها على قناة الجزيرة مباشر مصر، وألا يكون من اختصاصات عملي أي تعامل معهم، لأنني كنت أدرك أن القناة كانت مغلقة رسميّاً بحكم قضائي.
وتابع: قدمتُ هذه الرسائل الإلكترونية التي تثبت ما أقوله إلى هيئة المحكمة الموقرة بما فيها نسخة من رخصة عمل قناة الجزيرة الإنجليزية. إذا كان فعلاً هناك أجهزة غير مرخصة في مكتب القناة فهذه مسؤولية القناة، وليست مهمة الصحافي أن يتأكد من هذا قبل بدء العمل.
ورأى فهمي أن الحكم عليه بسبع سنوات "مشدد" جاء كضربة قاضية، بعد 12 جلسة لم تأت بدليل إدانة واحد بشهادة جموع الصحافيين الذين حضروا جميع جلسات المحكمة. وقال: "حياة السجن ليست بهيّنة، ثلاث وعشرون ساعة في الزنزانة، وأسابيع من الحبس الانفرادي، ونظرات الذل على وجه أمك ممكن أن تكسر الإنسان وتولد الحقد والكراهية تجاه السجان والنظام، خصوصاً لو أنك سجين مظلوم.
في حالتي لم أستسلم لهذه الأحاسيس الهدامة ومرنت نفسي على تفادي هذا الإحساس الناشط كالفيروس في السجون. أصبح تركيزي في معركة البقاء منصبّاً على حل بعض الألغاز الصحافية التي لم أستطع أن أكملها خارج السجن".
ثم تطرق فهمي لـ"الزج باسمه في السياسة": بعد الحكم بساعات قليلة، صرحت الحكومة الأمريكية أنها ستخفض المعونة الأميركية لمصر إذا لم يتم تنفيذ بعض شروطها، ومنها الإفراج عن صحافيي الجزيرة الثلاثة. في اليوم التالي، نشرت تصريحاً من محبسي عن طريق أسرتي أرفض فيه بقوة الربط بيني وبين المعونة، وهذه التهديدات السخيفة التي لم أقبلها على ضميري. كما تنظر واشنطن إلى مصلحتها أولاً دائماً، أنا أيضاً أحاول توضيح موقفي للخروج من السجن ولكن بكرامةٍ رافعاً رأسي. أنا أعلم جيداً أن "دبلوماسية ليَّ الذراع لن تفلح مع الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وعن السيسي قال: "أعلم أنه لن يستخدم حقه في العفو الشامل، ولكنني مستغرب من التصريحات المتناقضة من قِبَل العديد من المسؤولين المصريين، قبل العيد قال نبيل فهمي، وزير الخارجية السابق، في برنامج الإعلامي الكبير وائل الإبراشي: صحفيو الجزيرة لم يخرقوا القانون، وإنما أخلّوا ببعض أعراف الصحافة، وأنا كنت ضد محاكمتهم".
وطالب فهمي في رسالته، من محكمة النقض المصرية، أن تُسرع في نظر قضيته، وإذا تمت إعادة المحاكمة، وتابع: "أرجو من مصر الأخذ في الاعتبار بشهادات رموزها وصناع تاريخها، مثل الدكتور فاروق الباز والمهندس نجيب ساويرس والسيد عمرو موسى والدكتور شريف دوس، الذين أدلوا بشهاداتهم الموثقة للمحكمة، والتي تفيد بأنني لست عضواً في جماعة الإخوان، وأنني أتسم بالمهنية والأمانة.
واختتم فهمي رسالته بـ"كل ما أتمناه من مصر هو إخراجي من المعادلة السياسية، فإذا اختلف الكبار فلا داعي لإدخال الصغار. فأنا مجرد شاب مصري بسيط اسمه محمد فهمي، أحلم بالاستقرار والزواج من خطيبتي وبناء أسرة بسيطة في وطني الغالي مصر. أنا لا أمثل قطر أو أي كيان بعينه، وإنما أجسد فقط شخصية الصحافي الذي يعيش في حلم اسمه "حرية الصحافة والتعبير" عندما ينشر هذا النداء فنحن على الطريق الصحيح، وكلنا أمل في مصرنا الجديدة".

المساهمون