دراسة إسرائيلية تبحث توظيف السايبر بالتأثير على الرأي العام

دراسة إسرائيلية تبحث توظيف السايبر في التأثير على الرأي العام

19 ابريل 2020
تصديق روايات الحملات الإلكترونية الكاذبة (Chesnot/Getty)
+ الخط -

تعكف إسرائيل على توظيف الفضاء الإلكتروني والبرمجيات المرتبطة به ومواقع التواصل الاجتماعي التي تستند إليه، في محاولة التأثير على وعي الجماهير في الدول وأعضاء المنظمات والجماعات التي هي في حالة عداء أو خصومة معها.

ومنذ العدوان على غزة في 2014، عمدت إسرائيل إلى توظيف السايبر في محاولة ضرب الرواية الفلسطينية، علاوةً على استثمار هذا الفضاء في مجال مواجهة حركة المقاطعة الدولية BDS.

وفي دراسة شاملة تضمّنها العدد الأخير من مجلة "سايبر، أمن واستخبارات"، عرض "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، أنماط ومظاهر توظيف السايبر في التأثير على وعي وتوجهات الجماهير والرأي العام في الدول والأطراف المعادية.

وجاءت الدراسة بعنوان "عمليات التأثير في السايبر وكيفية التعرف عليها". وأشار مسؤول القطاع الهندسي في سلطة السايبر الإسرائيلية، الباحث دفيد تيوري، إلى أنه من أجل ضمان تحقيق تأثير على الوعي بواسطة السايبر، فإنه يتوجب توظيف محتوى ومضامين وعرض قضايا، وتعميم رسائل، لتسهم في إحداث تحول على اتجاهات الرأي العام لهذه الجماهير، بما يخدم مصالح الدولة التي بادرت إلى شن هذه العمليات.

ولفتت الدراسة إلى أن كل عملية في السايبر تهدف إلى التأثير على الوعي، يجب أن تتضمن خمس مراحل، وهي: أولاً، صياغة الهدف منها. ثانياً، تحديد الجمهور المستهدف، سواء كان جمهورا عاما، أم مجموعات تحدد بناء على التوجه الأيديولوجي، الجنس، العرق، الدين. ثالثاً، اختيار الشبكات والمنتديات التي يتم عبرها تمرير الرسائل الهادفة إلى التأثير. رابعاً، اختيار الوسيلة التي تنفذ عملية التأثير، سواء باستخدام حسابات تعريفية زائفة (PROFILES) أو عبر روبوتات (Bots) أو بواسطة المتصيدين (TROLLS). وحسب الدراسة، فإن استخدام البروفايل هو أفضل وسيلة في شن الهجمات وتمرير الرسائل. وخامساً، تحديد مضامين الرسالة استنادا للهدف الذي تم وضعه للعملية.

وأشارت الدراسة إلى "مظاهر نجاح" عمليات التأثير عبر استخدام السايبر يمكن أن تتمثل في أحد المظاهر التالية: أولاً، استثارة عواطف جياشة لدى الطرف المستهدف، مثل: الخوف، الأمل، الغضب، أو التأييد لجهة. ثانياً، قبول الجمهور المستهدف المعلومات التي تتضمنها الرسائل الموجهة. مع أن معد الدراسة يشدد على أن المعلومات تشمل حقائق وأنصاف حقائق ومعلومات كاذبة. ثالثاً، المس بشرعية ومصداقية الطرف المستهدف.



وقسمت الدراسة عمليات التأثير بواسطة السايبر إلى ثلاثة أنواع. أولاً، التأثير على طابع ردود الجمهور المستهدف، وهي العملية التي يطلق عليها "إدارة الإدراك" (Perception Management). ثانياً، إيصال معلومة إلى طرف المستهدف بهدف دفعه إلى اتخاذ قرارات تنسجم مع مصلحة الدولة المبادرة بالهجوم، وهي العملية التي يطلق عليها عملية "التحكم الانعكاسي" (Reflexive Control). ثالثاً، توظيف أنشطة سايبرية في محاولة التسلل إلى دائرة صنع القرار لدى الطرف الخصم ودفعها إلى اتخاذ قرارات وخطوات في اتجاه يخدم مصلحة الدولة المهاجمة، وهو ما يطلق عليه "مناورة مؤثرة" (Influencing Maneuver).

وحسب الدراسة، فإن عمليات التأثير بواسطة السايبر يمكن أن تمثل وسيلة لممارسة الحرب النفسية وضرب معنويات العدو وهز الثقة في قدرة نظام حكم في بلد ما على السيطرة على الأوضاع وضمانه تواصل أنماط الحياة بشكل اعتيادي. وأشارت إلى أن معظم هذه العمليات تتم بشكل سري، ويمكن أن توجه للجمهور الواسع أو لمجموعات جماهيرية محددة يتم اختيارها تبعا للأهداف التي يراد تحقيقها.

ويمكن التعرف على عمليات التأثير بواسطة السايبر التي "تنفذها دول معادية"، وفق الدراسة الإسرائيلية، من خلال استخدام صور تمثيلية، وروبوتات، ومن خلال استخدام كل التطبيقات التي لا تعتمد على العامل البشري؛ وأن يكون مصدر المنشورات والأخبار خارج الدولة المستهدفة، بالإضافة إلى نشر الأخبار الكاذبة ونشر عدد كبير من المناشير حول موضوع محدد.

ولفتت إلى أن ما يساعد على نجاح عمليات التأثير عبر السايبر حقيقة أن التواصل والعلاقات بين الناس باتت تتم حاليا بواسطة أدوات رقمية، لا سيما مواقع التواصل الاجتماعي: "فيسبوك"، "إنستغرام"، وتطبيقات اجتماعية، مثل "واتساب" و"تليغرام"، وهذا يمكن من التواصل ومشاركة المناشير والصور والفيديوهات بين البشر.

وأشار معد الدراسة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت مجالا يمكن توظيفه في التأثير على توجهات المجتمعات المختلفة وسلوكها وخياراتها، مما يسهل مهمة التأثير على الرأي العام.