صحافيو العراق... خطرٌ دائم

صحافيو العراق... خطرٌ دائم

18 يونيو 2019
ينقص الصحافيين العراقيين الحماية (مروان ابراهيم/فرانس برس)
+ الخط -
لا يحتفل صحافيو العراق، كما غيرهم في الدول الأخرى، بيوم الصحافة، عبر مهرجانات وفعاليات تُثمن دور الصحافي التوعوي والإرشادي ناهيك عن تدوينه اليومي للأحداث وكتابة السيَر. بدلاً من ذلك، يوم الخامس عشر من يونيو/حزيران الذي يوافق عيد "الصحافة العراقية"، وهو تاريخ ولادة أقدم جريدة عراقية "الزوراء" التي صدرت عام 1869، اكتفى الصحافيون بالإشارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى إخفاقات الحكومة في توفير الحياة الكريمة والضمانات للصحافيين. 

واستقبل مركز "حقوق" لدعم حرية التعبير في العراق، "العيد"، ببيان أكد فيه أنه سجل مقتل روائي وصحافي بالإضافة إلى 55 انتهاكاً بحق الصحافيين العراقيين، والمدونين والناشطين خلال النصف الأول من العام الجاري، وهي الأعلى قياساً بالانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي بنسبة مضاعفة.

وتمثلت الانتهاكات بمقتل مصور قناة "الحرة" واعتقالات متكررة لصحافيين يعملون في قناة NRT الكردية بإقليم كردستان، وفصل طلبة جامعيين بسبب منشورات في "فيسبوك"، بالإضافة إلى تهديد رئيس تحرير وكالة "بغداد اليوم" الإخبارية لكشفه ملف فساد كبير يخص أحد المصارف الأهلية. هذا عدا عن ممارسة تحرشات من قبل قوات أمنية وحمايات مباني المؤسسات الحكومية، فضلاً عن التهديدات المبطنة والتلميحات بالترهيب على خلفية إعداد تقارير صحافية أو تصوير مواد مرئية. كما جرت محاكمة عدد من الصحافيين والمتظاهرين، إذ أغلق القضاء عددا من الدعاوى وأخرى ما زالت معلقة بانتظار مواعيد المحاكمات.

في السياق، يقول الصحافي العراقي علي الحياني لـ"العربي الجديد"، إن "الصحافي العراقي يشعر بالخطر الدائم، بسبب عدم وجود قوانين تحميه وتردع من يتجاوز أو يعتدي عليه، ولا يمكن للحماية أن تُفعل إلا بوجود قوانين قوية، ونقابات حقيقية مدافعة عن الصحافي وليست بوقاً من أبواق السلطة"، مبيناً أن "الحكومة العراقية لا تفكر بدعم شريحة الصحافيين، لا سيما بما يتعلق بحق الوصول إلى المعلومة".

ويلفت إلى أنّ "العاملين بالمجال الصحافي في العراق، لا يخشون على حياتهم إنما على حياة أطفالهم وأسرهم، لذلك فإنّ كثيراً من الصحافيين يفكّرون ألف مرة قبل كتابة تقرير أو تحقيق استقصائي عن ملفات الفساد أو ما شاكل ذلك بسبب خشيتهم من تهديد قد يتعرضون له من قبل العصابات والمافيات، وهي مستعدة أن تفعل المستحيل من أجل الحفاظ على مكتسباتها".

من جهته، يشير الصحافي محمد شفيق إلى أنّ "الصحافي العراقي لديه حركة لا يتمتع بها أي صحافي في العالم وكذلك بالنسبة لوسائل الإعلام، أما قضية الحماية فهذه يفتقد إليها أي عراقي سواء كان صحافياً أو غير صحافي"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "مؤسسات صحافية تستثمر فرصة عدم وجود قانون يحمي حقوق الصحافيين، فتقوم بالنيل من مرتبات الصحافيين، وتتمادى على أجورهم، وهذا الأمر متعلق بسكوت الصحافي".

ويذهب الشاعر والكاتب أحمد عبد الحسين إلى أنه "كان يمكن لحياتنا أن تكون أقلّ فداحة لو أن صحافتنا قاطعت المسؤول الفاسد، لو أن زملاء لنا لم يعملوا في الماكينات الإعلامية لفاسدين، لو أن زملاء آخرين رفضوا العمل في جيوش إلكترونية لفاسدين، لو أن زملاء منا عرفوا أن حاجة السياسيّ إليهم أكبر من حاجتهم إليه، وأن تأثيرنا على الناس أكبر وأعمق من تأثيره".
إلى ذلك، يرى عضو نقابة الصحافيين العراقيين أيسر الحلي أنّ "أكثر ما يؤلم الصحافي في العراق هو أن يكتب باسم مستعار خاصة في المواضيع والملفات المهمة لكن بسبب الجماعات المنفلتة والمليشيات المسلحة، فهو يُجبر على استخدام الاسم المستعار لأسباب أمنية أو لأسباب مادية تتعلق بسياقات عمل بعض المؤسسات الإعلامية، التي ترفض أن يعمل الصحافي في مكانين مع ملاحظتنا للأجور الزهيدة التي لا تمكنه من العيش بكرامة لذلك يقوم بكتابة اسم مستعار حتى لا ينكشف أمره".

ويتابع لـ"العربي الجديد" أن "من واجب البرلمان العراقي وتحديداً لجنة الثقافة والإعلام، العمل على مزيدٍ من حقوق للصحافيين، واقرار قانون الحماية الخاص بالعاملين بهذا المجال، وإلا ما فائدة الحكومة دون هذه الشريحة، فالصحافة هي التي تكتب للمسؤولين تحركاتهم ومخططاتهم، وبدون الصحافة لا يمكن للبلاد أن يكون لها أي صوت".

المساهمون