الصدر على "تويتر": رسائل موجهة للمتابع الأجنبي؟

الصدر على "تويتر": رسائل موجهة للمتابع الأجنبي؟

26 مايو 2018
حازت كتلة "سائرون" الأصوات الأعلى في الانتخابات (Getty)
+ الخط -
منذ فوز كتلته بنسبة أعلى من بقية الكتل والأحزاب السياسية من الأصوات في الانتخابات النيابية في العراق، تحوّل حساب زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى واجهة متابعة من قبل وسائل الإعلام والناشطين، ليتناولوا تصريحاته التي جذبت الانتباه .

ونالت تغريدة الصدر الأولى، بعد يوم من انتهاء التصويت وإعلان أولي للقوائم الفائزة والتأكد من تحقيق كتلته "سائرون" التي يتزعمها نسبة الأصوات الأعلى، إعجاب العراقيين والرأي العام العراقي والعربي، إذ نشر تغريدة بيّن من خلالها احترامه لجميع الكتل، ودعوته للعمل سوياً، وهو يخص عدداً من الكتل الفائزة.

تغريدته التي تحدثت عن تشكيل الحكومة، ونشرها بتاريخ 14 مايو/أيار الجاري، كانت أولى التغريدات التي فتحت باب المتابعة لحساب الصدر من قبل الصحافيين والناشطين، محاولين من خلال قراءة هذه التغريدات وتسليط الضوء عليها معرفة توجهات الصدر في المرحلة المقبلة، ومع أي من الكتل سوف يتحالف لتشكيل الكتلة الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة.
ويتوجب الحصول على نصف زائد واحد من أعداد المقاعد في مجلس النواب العراقي البالغ عددها 329 لتشكيل الحكومة. ولم تحقق أي كتلة فوزاً ساحقاً في الانتخابات تؤهلها لتشكيل الحكومة، ما يتعين على الكتل الفائزة بأكبر عدد من الأصوات التحالف لتشكيل الكتلة السياسية الأكبر التي تسمح لها بتشكيل الحكومة.



ونال عدد من القوائم الانتخابية القسم الأكبر من المقاعد، تصدرتها قائمة "سائرون" التي يتزعمها الصدر بـ 54 مقعداً في البرلمان، تلتها قائمة "الفتح" التابعة لمليشيا "الحشد الشعبي" بواقع 47 مقعداً، ثم "ائتلاف النصر" برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي بواقع 42 مقعداً برلمانياً، وحصل "ائتلاف دولة القانون" برئاسة، نوري المالكي، على 26 مقعداً، و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي يتزعمه مسعود بارزاني 25 مقعداً في البرلمان، و"ائتلاف الوطنية" بزعامة إياد علاوي 21 مقعداً، و"تيار الحكمة" الذي يتزعمه عمار الحكيم 19 مقعداً، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي كان يرأسه الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني 18 مقعداً، و"تحالف القرار" الذي يرأسه أسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب السابق، الذي حاز 14 مقعداً، وتوزعت بقية المقاعد على قوائم أخرى.

ولم يعهد أن ينشط سياسيون وزعماء عراقيون على منصة "تويتر"، خلافاً لمنصة "فيسبوك" التي ينشط عليها عدد كبير من السياسيين وزعماء الأحزاب، لا سيما أن الأخيرة تعتبر المنصة الأكثر انتشاراً بين العراقيين.

ويؤكد صحافيون أنهم بدأوا بمتابعة حساب مقتدى الصدر على "تويتر" لمعرفة توجهه في المرحلة المقبلة، بعد مجيء قائمته في المركز الأول في الانتخابات، خاصة أن الصدر نشط في النشر على هذه المنصة. يقول الكاتب والصحافي، غسان الشمري، إنه بدأ منذ أيام بالحرص على متابعة حساب مقتدى الصدر، مشيراً إلى أن الأخير كان يستخدم هذا الحساب "للرد تحريرياً على أسئلة جمهوره وبخط يده".

ويضيف الشمري في حديثه لـ "العربي الجديد" أن لجوء الصدر للتصريح عبر "تويتر" أخيراً كي يوصل رسالته إلى خارج حدود العراق.



ويوضح أن سبب متابعته لتغريدات الصدر هي لمعرفة رأيه باختصار، مضيفاً أنه من خلال الموقع "يسهل وصول رأي الصدر وتعليقاته على الأحداث، وهو أفضل من البيانات"، مؤكداً أن رأي الصدر ازداد أهمية بعد تصدره المشهد السياسي وتصدر قائمة "سائرون" الكتل الفائزة، بحسب رأيه.

وفي العراق تشتهر منصة "فيسبوك" باعتبارها الأكثر استخداماً من قبل المواطنين، بينما لا أهمية لـ "تويتر"، سوى لعدد قليل من المهتمين بمتابعة الشؤون الدولية والصحافيين والفنانين، مقارنة بنسبة المواطنين المهتمين بوسائل التواصل الاجتماعي.

ويرى الخبير في شؤون مواقع التواصل الاجتماعي، أحمد هادي، أن "السياسة والأوضاع الأمنية كان لها تأثير واضح في توجه الناشطين والصحافيين إلى استخدام منصة (تويتر)، وبدا هذا بشكل خاص مع بدء معارك القوات العراقية ضد تنظيم (داعش) في 2014".

ويضيف هادي: "جميع مشاهير العراق من إعلاميين وناشطين وفنانين وغيرهم كانوا يتواصلون مع جمهورهم من خلال (فيسبوك)، وبدأوا يدركون حقيقة تأثير (تويتر) عندما احتل (داعش) مدناً عراقية صيف عام 2014، هنا شاهدوا أن دولاً مجاورة تنشط في نقل أحداث العراق عبر (تويتر)، وهناك من يعمل على الترويج للتنظيم، لذلك توجه الناشطون والإعلاميون المعروفون نحو (تويتر)، معلنين حينها عن دعم القوات العراقية ونشر ما يرفع من معنويات العراقيين في قتالهم لـ (داعش)".

ويوضح "لاحقاً شاهدنا تعليقات عديدة من حسابات عراقية بدأت تنافس من ناحية الكم تعليقات من دول أخرى في (تويتر)، ومن هنا أيضاً توجه سياسيون وشخصيات بارزة إلى الموقع وأنشأوا حسابات، وهو دليل اعتقادهم بأهمية هذه المنصة"، مبيناً أن عشرات الآلاف من أتباع الصدر انشأوا حسابات على "تويتر" بسبب وجود الصدر فيه.

ويشير تاريخ أول تغريدة في حساب مقتدى الصدر على تويتر، إلى أنها نُشرت بتاريخ يوليو/تموز عام 2015، وكانت تغريداته منذ ذلك التاريخ تتعلق بما يدور من أحداث، لا سيما المعارك ضد "داعش" والتظاهرات التي كان يدعمها. ولم يكن الصدر كثير التغريد، لكنه نشط منذ مطلع شهر مايو/ أيار، في إطار الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية.

ويرى الناشط على منصة "فيسبوك"، محمد النعيمي، أن "العراق وعلى الرغم من قدم العمل الإعلامي فيه لكنه تخلف من ناحية الإعلام الرقمي الحديث الذي يشهد تطورات سريعة، وأساليب جاذبة، والسبب الظروف الصعبة التي عاشها منذ عقود وانقطاعه في خلالها عن العالم، لذلك نرى أنه في الإعلام الرقمي الحديث العراقيون يقلدون فقط، بسبب هذا الانقطاع الطويل عن ملاحقة ركب التطور، وهذا مؤسف".

ويتابع النعيمي في حديثه لـ "العربي الجديد": "نلتقي بشكل مستمر نحن مجموعة من الأصدقاء الناشطين والإعلاميين المهتمين بوسائل الإعلام الحديث، ودائماً لدينا مشاريع عمل مشتركة في هذا المجال، وبعض من أصدقائي هؤلاء مسؤولون عن صفحات لسياسيين في مواقع التواصل الاجتماعي. نتحدث دائماً عن الطرق المؤثرة والسريعة الوصول إلى المتلقي عبر (سوشيال ميديا)".

ويشرح: "أثارت انتباهنا قوة دونالد ترامب (الرئيس الأميركي) على (تويتر)، وجعله من هذه
المنصة أهم وسيلة إعلامية، فمن خلالها يوصل أهم قراراته، وعليه حرض أصدقائي العاملين في مكاتب إعلامية لمسؤولين بارزين أن يكثفوا من نشاطاتهم وتصريحاتهم لكي يروجوا لها على الموقع".

ويؤكد مقتدى الصدر في تغريداته على بعده عن الطائفية والتحزب وهمّه وجود بلد قوي متين يتكاتف أبناؤه. وشهدت نبرته في التغريدات الأخيرة تغيراً واضحاً إذ كشفت عن عدم وجود توافق بين الكتل الفائزة المنتظر منها تشكيل الحكومة. كما أنه لمح، الأسبوع الماضي، في إحدى التغريدات إلى وجود مخاطر تهدد حياته، ما أثار استنفار مؤيديه.




والانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في الـ 12 من الشهر الحالي، وسبقتها بيومين انتخابات العراقيين في خارج البلاد، هي رابع انتخابات منذ الغزو الأميركي عام 2003، وأيضاً هي الأولى بعد هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي نهاية العام الماضي، والثانية منذ الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011.


المساهمون