"لومانيتيه" الفرنسية تتضامن مع الأسرى الفلسطينيين

"لومانيتيه" الفرنسية تتضامن مع الأسرى الفلسطينيين

23 مايو 2017
غلاف الصحيفة اليوم (العربي الجديد)
+ الخط -
وصل غضب عائلات الأسرى الفلسطينيين الذين يضربون عن الطعام من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة منذ ما يقرب من 40 يوماً، إلى الصفحة الأولى من صحيفة "لومانيتيه" الفرنسية، اليوم، فكرست للموضوع صفحتها الأولى وأربع صفحات داخلية.



وفي تغطيتها، تستعرض الصحيفة التعبئة التي يشهدها الشعب الفلسطيني لدعم أسراه في هذه الحركة الجديدة من الإضراب عن الطعام التي يشارك فيها نحو 1600 معتقل وأسير فلسطيني.


وتتحدث عن المفارقة بين زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لما يسمى حائط المبكى، وخشية الكثير من العائلات الفلسطينية على حياة المضربين من أبنائها. وتنقل عن السيدة ليلى وهي تتحدث عن ابنها: "أخشى على حياة ابني. لقد فقد أكثر من 20 كيلو. لكن أي خيار تبقّى لهم؟ إنه، أي الإضراب عن الطعام، هو الوسيلة الوحيدة للكفاح من أجل الحقوق".



ولا يخفي الوزير الفلسطيني السابق، ورئيس نادي الأسير، فارس قدورة، أنه إن لم يتمّ التوصل لاتفاق يوقف الإضراب عن الطعام ويجلب الحقوق، فإننا "سنشهد موت بعض أصدقائنا".


ويكشف قدورة أن الحكومة الإسرائيلية، ورغم قرار المحكمة العليا التي تدين السلطات لعدم سماحها للمحامين بزيارة الأسرى، تواصل، بنفسها، ومن بداية الإضراب: "إدارة هذه التعبئة من أجل كسر الحركة. هدفها هو نزع الإنسانية عنهم. ولكن الأسرى مصمّمون على النجاح أو الاستشهاد".


وتضيف الصحيفة أن الظروف هذا الأسبوع بالغة الخطورة، "لأن حالة الأسرى ستكون في وضعية أكثر خطورة، إذا ما قرروا الامتناع عن الشرب"، وعبر قدورة عن خشيته على حياة الأسرى من لجوئهم إلى هذا السلاح الأخير.


كما تنقل الصحيفة الفرنسية عن نبهان خريشي، الذي قضى خمس سنوات في السجون الإسرائيلية، بسبب كتابته مقالاً، تحذيره من وفاة أحد المضربين: "إذا حدث الأمر، فأنا أخشى من انفجار الغضب. لأن الأمر يمسنا جميعاً. صحافيين ونواباً وأطباء ومدرسين وشباباً وشيوخاً، حتى الأطفال. وللأسف، فإن السلطة الفلسطينية تشارك في هذه الاعتقالات".


وتفتح الصحيفة صفحاتها لأسرى سابقين ولعائلات الأسرى. فكتب فارس قدورة، المقرب من القيادي الأسير، مروان البرغوثي: "إن حركة التضامن في خارج السجون مهمة. والحركات تظهر وحدة الشعب ومختلف التشكيلات. لأن الجميع يساند الأسرى. ولأن كل عائلة فلسطينية شهدت ولوج أحد أفرادها إلى السجن أو خروجه منه".

ويضيف: "هذا لا يكفي. يجب القيام بعمليات محسوسة، خاصة من طرف السلطة الفلسطينية. ومنها وقف التعاون مع الحكومة الإسرائيلية ما دامت المطالب لم تتم تلبيتها بعد. وألا يقتصر أي اتصال بين الطرفين إلا على قضية الإضراب". ويختم: "يجب علينا أن نتعلم من هذا الكفاح. كيف استطعنا تجاوز انقساماتنا. وعلينا أن نخوض الصراع، في آن واحد، متحدّين وبهدف واحد".


وتتحدث أمّ ضياء، والدة الأسير ضياء الفلوجي، الذي تم إيقافه سنة 1992 في غزة، عن ابنها الذي اعتقل وهو في سن السادسة عشرة. وتكشف السيدة التي قضى ابن آخر لها، محمد (12 سنة في سجون الاحتلال)، أنها تخوض، رغم مرض السكري، بمعية 24 امرأة فلسطينية، إضراباً عن الطعام، منذ 17 أبريل/نيسان الماضي.


ويتحدث قسّام البرغوثي، ابن الأسير مروان، والذي قضى 3 سنوات في سجون إسرائيل، عن ظروف الإضراب الصعبة، ومن بينها منع والده من رؤية عائلته وأحفاده "لم يرَ أبدا حفيدته، البالغة أربع سنوات، كما أني لم أرَ والدي منذ 3 سنوات".



كما نقرأ شهادات أخرى مؤثرة ومعبرة عن قسوة الظروف في السجون الإسرائيلية. فعلاء شراباتي، الطالب في باريس، يتحدث عن والده الذي حوكم بمائة سنة سجنا، وعن أربعة من عائلته، ومن بينهم عبد الله شراباتي، حوكم بـ 400 سنة. وفي المحصلة: "خمسة أفراد من عائلتي يخوضون الإضراب عن الطعام. ولا يمكن لبعضهم رؤية البعض الآخر إلا إذا كانوا في سجن واحد، ولكن أماكن الاعتقال تتغير".


مريم الصيد، أم لثلاثة أبناء وزوجها معاق، ولا تعرف "إن كان ابنها الأسير يتبع علاجا طبيا"، علما أنه يعاني من مرض في البنكارياس. كما كتبت عن مأساة وفاء أبوغلمة، التي لم ترَ زوجها منذ 7 سنوات، والذي اعتقل من قبل السلطة الفلسطينية سنة 2002، قبل أن تحتل إسرائيل سجن أريحا، وتحجزه في سجونها.



وأجرت الصحيفة الفرنسية لقاء مع ستيفاني لات، المؤرخة والباحثة في المركز الوطني للعلوم الاجتماعية، والتي كشفت فيه أن "نظام السجون في إسرائيل هو إجراء مركزي لتجميع المعلومات الاستخباراتية وإدارة الاحتلال".


ونوهت بأن حركة الأسرى الحالية: "مدعومة بشكل واسع، تقف وراءها كل الأحزاب ومجموع قوى المجتمع المدني. وهو يعزز وينظم جبهة مُعارَضَة واسعة لسياسة السلطة الوطنية الفلسطينية، التي تقسم، أكثر فأكثر، منظمة فتح. كما أنها تأتي في سياق سياسي شهد تصاعد معارضة المجتمع الفلسطيني وقسم متزايد من كوادر فتح وشبيبة الحزب لسياسة قمع المعارضين، كما شهدت تعبئة سلمية وأيضا مُقاوِمة لتعاون السلطة الفلسطينية الأمني المتواصل، أثناء الإضراب، مع إسرائيل، وهو ما يزيد من التوتر مع السكان ومع زعامة الإضراب ومع داعميه في الخارج".


وتشدد الباحثة الفرنسية على أنّ "بيانات حركة الأسرى تربط بشكل منتظم بين قضية الأسرى ومقاطعة البضائع الإسرائيلية".


يُذكر أن المنظمات المنضوية في "التجمع من أجل سلام عادل ومستدام بين الفلسطينيين والإسرائيليين" دعت إلى تجمع دعم للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، يوم غد، الأربعاء، من الساعة السادسة إلى السابعة والنصف مساء، بساحة الأوبرا، في باريس.


وفي هذا الصدد، أكد توفيق التهاني رئيس جمعية "فرنسا-فلسكين، تضامن"، وهو من بين المنظمين، لـ"العربي الجديد"، أنه "يتوجب على الحكومة الفرنسية الجديدة أن تتحرك، بسرعة، لدفع إسرائيل لاحترام حقوق الأسرى الفلسطينيين، وتلبية مطالبهم". وكان التهاني قد وجه، قبل أيام، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون، يذكره بواجبات والتزامات الحكومة الفرنسية تجاه الشعب الفلسطيني.    ​