قانون أردني يعاقب "المسيئين" على مواقع التواصل يُخلّف ذعراً

قانون أردني يعاقب "المسيئين" على مواقع التواصل يُخلّف ذعراً

13 يناير 2017
(شان غالوب/Getty)
+ الخط -
على نحو مفاجئ، يحمل في ثناياه العديد من علامات استفهام، تتجه الحكومة الأردنية لتشريع قانون خاص بمواقع التواصل الاجتماعي، يهدف إلى ضبط ومراقبة ما يبث عبر مواقع التواصل، ويفرض عقوبات بحق المستخدم المسيء لا سيما مثيري خطاب الفتنة والكراهية، على ما أعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني. 
الإعلان جاء في أعقاب عديد الأحداث التي لعبت فيها وسائل التواصل الاجتماعي دوراً في توجيه الرأي العام، وبروزها مصدراً للمعلومات في العديد من الأحداث، منافسة الإعلام التقليدي، وكاشفة حقائق كانت تسعى السلطات إلى إخفائها.

لم يوضح الوزير، ملامح القانون، مكتفياً بإشارات إلى أنه "سيحدد مسؤولية من يستخدم هذه الوسائل والعقوبات بحق المستخدم المسيء، ويضع مسؤولية على شركات الاتصالات في معرفة أصحاب الحسابات المسيئة وإيقافها".

تعلل الحكومة توجهها، بشواهد لعبت فيها مواقع التواصل دوراً في التحريض وإثارة الفتنة وخطاب الكراهية، على غرار الجدل الذي أثير حول جواز الترحم على المسيحي إثر وفاة شاب بحادث سير، وكذلك حملة التحريض التي سبقت اغتيال الكاتب ناهض حتر، ومؤخراً الإساءات التي لحقت بالضحايا الأردنيين في العملية الإرهابية في اسطنبول ليلة رأس السنة.

رغم ذلك، أثار التوجه الحكومي موجة من الذعر في صفوف الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وبين المدافعين عن الحريات الإعلامية والصحافية وخبراء التشريعات الإعلامية، والذين عبروا عن تخوفهم من أن يكون القانون قيداً جديداً على حرية التعبير.

المدير التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين، نضال منصور، يطرح تساؤلات كثيرة في وجه الحكومة، ليس أولها، "لماذا هذا القانون؟ ولماذا الآن؟ وما هي الأسباب الموجبة له؟"، ويعتقد أن الواجب أن يصار إلى سماع مقترحات الخبراء ومؤسسات المجتمع المدني وناشطي مواقع التواصل والإعلاميين، حول الحلول المقترحة لمحاصرة خطاب الكراهية على مواقع التواصل قبل الذهاب إلى تشريع القانون.

ويعتقد منصور أن القوانين والتشريعات الأردنية المعمول فيها توفر مظلة لملاحقة المسيئين ومثيري الفتنة وخطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، مدللاً على ذلك بتوقيف 12 شخصاً على خلفية إساءتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لضحايا الأردنيين في اعتداء اسطنبول، وقبل ذلك توقيف أكثر من 20 شخصاً بتهمة التحريض في أعقاب اغتيال حتر.
ويقول "الذريعة التي تستخدمها الحكومة لتسويق القانون، ينقضها التوضيح والتعليل والإقناع"، ويكشف عن مخاوف لدى "حماية وحرية الصحافيين" ومؤسسات المجتمع المدني من استخدام القانون للحد من حرية التعبير.

وتتصل مخاوف منصور بأقدام المشرع الأردني على وضع تعريف فضفاض لخطاب الكراهية في القانون لا يراعي الحد الفاصل بين خطاب الكراهية وحرية التعبير، مشيراً إلى عجز المنظمات الدولية عن وضع تعريف محكمة لخطاب الكراهية.

في السياق ذاته، يؤكد أستاذ التشريعات الإعلامية في معهد الإعلام الأردني، صخر الخصاونة، عدم الحاجة إلى تشريع جديد خاص بمواقع التواصل. ويقول "التشريعات الأردنية من حيث قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية تحوي نصوص الحماية الخاصة للمواطنين والتعدي
على الشرف والاعتبار لهم".

ويشير إلى أن قوانين الجرائم الإلكترونية والعقوبات ومنع الإرهاب تتضمن نصوصاً تعاقب من يقترفون جرائم الذم والقدح ومن يثيرون النعرات المذهبية والطائفية والعنصرية ومن يروجون للإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي عقوبات يصفها الخصاونة بالقاسية.
ويرى أنه "في ظل وجود هذه النصوص فان إيجاد تشريعات خاصة لمواقع التواصل الاجتماعي من شأنه أن يسهم في الحد من الحريات والحد من ممارسة حق التعبير يكفله الدستور".

ويدعو الخصاونة أن ينصب الجهد على تدريب وتعليم كيفية ممارسة حق التعبير وضبط ما ينشر على مواقع التواصل أخلاقيا، مقترحاً أن يصار إلى تدريس التربية الإعلامية في المدارس والجامعات.

ووفقاً لآخر إحصائيات وزارة الاتصالات، فإن عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن يقدر بنحو 8 ملايين مستخدم، فيما وضعت دراسة عالمية أعدتها مؤسسة Pew Research Center العام الماضي، الأردن في المرتبة الأولى على مستوى العالم في نسبة عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى مستخدمي الإنترنت، وبنسبة بلغت 90 بالمائة.

وغالباً ما يستعمل المسؤولون في الأردن، لغة عدائية ضد مواقع التواصل الاجتماعي، والناشطين على تلك المواقع، تصل في كثير من الأحيان إلى تحمل مواقع التواصل المسؤولية عن جميع التشوهات والاختلالات التي تعانيها البلاد، كما يواصلون التعامل معها على اعتبارها مؤامرة خارجية.



المساهمون