تونس: إعلانات العمل الوهمية تكتسح مواقع التواصل... والسبب؟

تونس: إعلانات العمل الوهمية تكتسح مواقع التواصل... والسبب؟

11 فبراير 2016
(Getty)
+ الخط -
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس ظاهرة غريبة، تتمثل في إعلانات العمل الوهمية والإعلان عن انتدابات بالآلاف في مؤسسات تونسية حكومية كبرى، حيث أعلنت بعض الصفحات عن عزم البريد التونسي توظيف 4500 شخص للعمل في مختلف إداراته المنتشرة في تونس، وهو الأمر الذي كذبته إدارة البريد التونسي من خلال بلاغ رسمي جاء على لسان نادرة بوجناح، الناطقة الرسمية باسم هذه المؤسسة.

الأمر نفسه عرفته شركة الاتصالات التونسية، التي أعلنت صفحة على "فيسبوك" نيتها توظيف 6200 شخص في مصالحها الإدارية والتقنية، وهو ما اضطرت المؤسسة إلى نفيه، مؤكدة أنها لم تعلن على أي وظائف تحتاجها. والإدارة العامة للديوانة (الجمارك) التونسية ووزارة التربية لم تسلم هي الأخرى من مثل هذه الإعلانات الوهمية، حيث اضطرت المؤسستان إلى تكذيب الأخبار التي تروج حول عزمهما توظيف بضع آلاف من أصحاب الشهادات العليا العاطلين عن العمل.

هذه الظاهرة رأى فيها البعض استغلالا من قبل بعض الصفحات الفيسبوكية لأزمة البطالة الخانقة التي تعيشها تونس، والتي يصل عدد العاطلين عن العمل فيها إلى أكثر من 650 ألف طالب شغل. ومثل هذه الإعلانات الوهمية قد تزيد في عدد المشتركين في هذه الصفحات، التي تقف وراءها شركات مهمتها زيادة عدد المشتركين في بعض الصفحات، حتى يتمكنوا من بيعها إلى بعض الأشخاص أو الأحزاب السياسية. حيث عرفت تونس وفقا لتصريح صاحب واحدة من المؤسسات المختصة في زيادة عدد المشتركين والزيارات إلى الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي رفض ذكر اسمه، ويوجد مقرها وسط العاصمة التونسية، أن "مؤسسته تقدم خدمات لبعض المواقع الإخبارية وبعض الصفحات تتمثل في زيادة عدد الزيارات والمشتركين في صفحات هذه المواقع بما يعادل 15 ألف زيارة ومشترك أسبوعيا".

وجواباً عن سؤال "لماذا يتمّ الاستنجاد بمثل هذه الطرق لزيادة عدد الزيارات والمشتركين؟"
يقول إنّ "هناك نوعين من طالبي الخدمة في هذا المجال، الأول مواقع إخبارية تريد زيادة عدد الزيارات والمشتركين حتى تتمكن من الحصول على إعلانات تجارية اعتمادا على عدد الزيارات والمشتركين في صفحتها في "فيسبوك"، والثاني هي الأحزاب السياسية التي تريد إيصال صوتها إلى أكبر عدد من التونسيين؛ وذلك من خلال شراء صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي يتمّ من خلالها التشهير بخصومهم من دون أن تكون هذه الصفحة تحمل أية مؤشر لعلاقتها بهذا الحزب السياسي أو ذاك". ويضيف أنّ "تجارة بيع الصفحات في مواقع التواصل ذات العدد الكبير من المشتركين شهدت رواجا كبيرا في فترة الانتخابات وفي فترات الأزمات السياسية".

"العربي الجديد" اتصلت بالدكتور يوسف بن رمضان، الباحث في علم اجتماع وسائل الإعلام، الذي فسّر الظاهرة بالتغير الذي شهدته الترسيمة التواصلية بعد ظهور التكنولوجيات الحديثة، حيث تمّ المرور من الواحد (الإعلامي) يبث إلى الكلّ (الجمهور) From one to many إلى الكلّ يبث إلى الكلّ From many to many، حيث انتفت الحدود بين الباث والمتلقى في شكلها التقليدي وأصبح أي كان من خلال بعض الأزرار على الحاسوب أن يبث ما يشاء من المعلومات ومن هنا نشأت هذه الفوضى في المعلومات. وأشار الدكتور بن رمضان إلى أن ذلك ممكن تلافيه من خلال اعتماد مقاربة أن الخبر بلا مصدر هو مجرد إشاعة.


اقرأ أيضاً: صحافية تونسية تتلقى تهديدا بالقتل والتشويه

المساهمون