روسيا تتوسع إعلامياً في فرنسا تمهيداً لمعركة الرئاسة

روسيا تتوسع إعلامياً في فرنسا تمهيداً لمعركة الرئاسة

25 ديسمبر 2016
ترغب "RT" في إطلاق نسخة فرنسية (Getty)
+ الخط -
أعادت صحيفة "لو كانار أنشينيه" (Le Canard enchaîné) في عددها الأربعاء الماضي، تسليط الضوء مجددًا على الإهتمام المتزايد الذي توليه موسكو للانتخابات الرئاسيّة الفرنسيّة ولجوئها إلى سياسة التوسّع إعلامياً، لترسيخ وجهة نظر روسيا الرسمية لدى طيف واسع من الفرنسيين، الذين يرون في الكرملين حاضنة سياسية تعوّض فشل عهد فرانسوا هولاند داخلياً وخارجياً. 

التقرير الذي انفردت به الأسبوعية الفرنسية حول العلاقة المتينة التي تجمع موسكو بحزب الجبهة الوطنية، والتي تُرجمت بمساعدات مالية وصلت قيمتها إلى 9.8 ملايين يورو سنة 2014، تحضيرًا للانتخابات المحلية والأوروبية (لم تنفها دوائر الحزب) استند إلى تقرير رفعه النائب الأميركي، مايك ترنير، عضو هيئة الاستعلام في مجلس النواب، إلى رئاسة الكونغرس يطلب فيه المباشرة بتحقيق حول العلاقة بين الجبهة الوطنية وروسيا. وقد أورد ترنير في طلبه معلومات عن الشبكات التي نسجتها موسكو في السنتين الأخيرتين، وفيها تقدير لمبلغ 30 مليون يورو صرفته بنوك روسية للجبهة للتحضير لحملتها الانتخابية الرئاسية سنة 2017.

وبالرغم من نفي مارين لوبان على قناة Europe 1 نهار الأحد الماضي تلقي حزبها تمويلاً لحملتها الانتخابية من جهات رسمية روسية، لم تخفِ زعيمة الجبهة الوطنية طلبها لبنوك خارج فرنسا المساهمة في تمويل حملتها. وأعادت السبب إلى "رفض المصارف الفرنسية التجاوب مع طلب الجبهة، في تبني حملتها لسنة 2017".

وأضافت لوبان: "نحن نحترم الدستور في فرنسا، ونعرف حق المعرفة أنّ تحصيل تمويل انتخابي من دولة خارجية أو مؤسسات عامة خارجية يعد مخالفاً للقانون". وعلّقت المرشحة المقرّبة من خط الكرملين في نظرتها للسياسة الخارجية الفرنسية، على ما كشفه موقع "ميديابار" عن رسائل مقرصنة بين مسؤولين روس وآخرين في الجبهة، تتحدث عن دعم مالي كبير تلقته الجبهة من Czech Russian Bank سيلعب دوراً حاسماً في أيار/ مايو القادم، بالقول "هذه هلوسات لا تستحقّ الرد".

الصحافية في "ماريان"، آن داستاكيان، أعدّت تحقيقاً حمل عنوان "حرب المعلومة والخبر الذي تشنّه موسكو على القارة الأوروبية". وتستند داستاكيان إلى مادة بحثية ضخمة أعدها إدوارد لوكاس وبيتر بوميرانستيف، للمركز الأوروبي للعلوم والتحليل السياسي في لندن (CEPA)، يخلصان فيها إلى سياسة هجومية لجأ إليها الكرملين في ميادين المعلوماتية والإعلام الرقمي - على عكس السائد سوفياتياً - من أجل تحوير وتحطيم السياسة الإعلامية المركزية الأورو-الأطلسية التي ترى في الإعلام الأميركي منبراً طليعياً، وحليفًا في قراءة الملفات المعقدة في الشرق الأوسط.

وترى داستاكيان أنّ رغبة روسيا في إطلاق النسخة الفرنسية من قناة "RT" تأتي في سياق واضح يهدف إلى "فك ارتباط الجمهور الفرنسي مع الإعلام البريطاني والأميركي، الذي شكّل لسنوات قطباً أحادياً، تفرّد في سيطرته على مصادر المعلومات ونشر الأخبار بما يخدم السياسة الغربية، لذلك كان من الضروري مواجهة الدعاية الأميركية في فرنسا بصوت ينقل وجهة النظر الروسية الرسمية".

وتذهب الصحافية في التحقيق للحديث عن الدعم الكبير الذي تلقته "RT" مِمَّن وصفتهم بـ"أصدقاء الكرملين"، وهم متمولون كبار مثل مالك نادي "تشيلسي" اللندني، رومان أبراموفيتش، الذي شكّل وجوده في العاصمة البريطانية أرضيةً خصبة لبسط شبكات روسية تنشر صوت الكرملين على نطاق واسع. وفي مسعاها لمنافسة "بي بي سي" و"سي إن إن" تعاقدت القناة مع مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان أسانج، وأصبحت السلاح الرئيسي للدعاية الإعلامية الروسية.

وتطرّقت الصحافية في مادتها إلى شهادات مقتطفة من كتاب الأكاديمية، سيسيل ڤيسيه، حول الشبكات التي تنسجها موسكو في فرنسا تحت شعار "المسيحية - العائلة - الوطن". وتقول ڤيسيه إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يراهن على صعودٍ للجبهة الوطنية يمكّن لوبان من الوصول إلى الإليزيه في مايو. ولا يشكّل نجاح فرانسوا فييون خطرًا على سياسة فرنسا الخارجية، على العكس فإنّ الأخير يمثّل فشل رهان هولاند على مشروع معارض للسياسة الروسية".

وتضيف الكاتبة "حوّلت الـRBTL صوت صحيفة (روسيسكايا غازيتا) الحكومية المترجمة إلى 17 لغة، منها الفرنسية، زيارة البرلمانيين الفرنسيين لجزيرة القرم لدعاية حقيقية تنصف الاحتلال الروسي الذي نراه في مناطق نزاع عديدة ليست حلب آخرها".



المساهمون