أبوهلالة لـ"العربي الجديد": "الجزيرة" لم تخالف المهنية بمقابلة الطيار

أبوهلالة لـ"العربي الجديد": "الجزيرة" لم تخالف المهنية بمقابلة الطيار

09 يوليو 2015
أبو هلالة: أسلوب أحمد منصور مباشر (فيسبوك)
+ الخط -
لم يُفاجأ مدير قناة "الجزيرة"، ياسر أبو هلالة، بالسجال واسع النطاق الذي أثارته المقابلة التي بثّتها الفضائية، مساء الأربعاء، في برنامج "بلا حدود"، والتي أجراها الإعلامي أحمد منصور مع الطيار العقيد في جيش النظام السوري، علي عبود، الأسير لدى "جبهة النصرة" في سورية.

يتعاطى أبو هلالة مع الموضوع "من دون عقد"، انطلاقاً من اعترافه بأنّ إجراء حوار تلفزيوني أو صحافي عموماً مع أسير حرب، هو مسألة سجالية ومفتوحة للنقاش، تماماً مثل قضية عرض صور الجثث أو المشاهد "الصادمة" عموماً في الحروب، أو مقابلة متهمين بـ"الإرهاب" مثلاً. بكل الأحوال، هو واثق من أن السجال كان سيُثار حتى لو رفض بثّ الحوار، تماماً مثلما أُثير على خلفية عرض المقابلة. لكنه يعرب عن قناعته، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، بأنّ "الجزيرة" لم تخالف قواعد أخلاقيات المهنة وتقاليدها ولا أعرافها، بدليل أنها "ليست القناة الأولى التي تبثّ هذا النوع من الحوارات"، ولذلك وافق بنفسه على بثّ المقابلة المسجّلة، بعدما اقتنع بأن الفرضية الراجحة هي أن عبود لم يكن مرغماً على إجراء الحوار.

ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" عن المعايير التي تتبعها قناة "الرأي والرأي الآخر" في مثل هذه الحالات، يشير إلى أنّ مضمون كلام الضيف هو الذي يحدّد ما إذا كان الأخير مرغماً على الكلام أو حرّاً أو صاحب مصلحة في الظهور. ويتوقف أبو هلالة مطوّلاً عند النقطة الأخيرة، ليلفت إلى أن أجوبة الطيار عبود لا تشبه الأجوبة التي تعرضها قنوات محسوبة على النظام السوري مثلاً، يكرر فيها "الإرهابي الانتحاري المفترض" عبارات تثير السخرية لدى كثيرين، من نوع أنه نادم على "إرهابه" وأنه كان ينوي قتل مدنيين، قبل أن يشكر سجانيه، بينما يكون هو في حالة نفسية وعصبية لا يمكن أن تجمّلها كل تقنيات المونتاج والميكساج.

يعترف أبو هلالة بأن الشخصية المثيرة للجدل والأسلوب الخاص للإعلامي أحمد منصور المعروف بأسئلته المباشرة التي يرى بعضهم أنها أحياناً "هجومية"، تركت بصمتها على السجال الذي تلا بثّ المقابلة. لكن على الرغم من ذلك، "كانت رواية الطيار متماسكة وترجّح فرضية أنه لم يكن مرغماً على إجراء الحوار التلفزيوني"، إذ ضَمِن الطيار السوري من خلال الحوار، حياته، بحسب أبو هلالة، فضلاً عن أنه ضَغَط على النظام السوري في سبيل إجراء تبادل للأسرى يُخرجه هو من الأسر. بكلام آخر، "قد تحقق المقابلة فائدة شخصية للطيار العقيد نفسه"، على ذمة مدير "الجزيرة". على الرغم من كل ذلك، يكرر أبو هلالة مراراً، خلال الحوار مع "العربي الجديد"، عبارة "أرجّح ألا يكون مرغماً على الكلام"، من دون أن يجزم، معترفاً في السياق نفسه بأن التقدير المهني للصحافي هو العامل الحاسم في معرفة إن كان الضيف الأسير حراً في كلامه من عدمه، وهو ما يمكن أن يندرج في خانة الخطأ في العمل التلفزيوني الموجودة دائماً بهامش 20 في المئة، بحسب أبو هلالة.

وفي سبيل إثبات وجهة نظره، يذكّر أبو هلالة بأن الطيار عبود دافع، خلال المقابلة، عن سلوكه العسكري، ونفى أن يكون قد قصف مدنيين بالبراميل أو بغير البراميل، و"تكلم بصراحة عن أنه ينفّذ الأوامر ولا يقصف إلا المسلحين". كلام يسعى أبو هلالة من خلاله إلى محاولة تبرير قراره بعرض الحوار "وقد رفضتُ بثّ حوارات عديدة في السابق من سورية وغير سورية مع أسرى حرب كانت ستُعتبر سبقاً صحافياً أكيداً".

ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، يقرّ أبو هلالة بأن الطيار العقيد الأسير كان مرتبكاً خلال الحوار، "وهو أمر طبيعي أن يحصل أمام الشاشة من قبل شخص في وضعه كأسير، وغير معتاد على الظهور التلفزيوني"، على حدّ تفسير مدير القناة القطرية.

أما عن بعض الأسئلة التي طرحها منصور على العقيد السوري، والتي كانت سماتها الطائفية المذهبية واضحة، فيرى أبو هلالة أنّ طابع الحرب السورية مذهبي في جزء منه، بالتالي كان من الطبيعي أن تكون بعض الأسئلة في هذا الاتجاه، من دون إغفال، مجدداً، الأسلوب المباشر لمنصور، والذي يراه كثيرون حادّاً.

أبو هلالة مقتنع بصوابية قراره لناحية بثّ الحوار، ويذهب أبعد من ذلك، إذ يؤكد أن القناة ستعيد الكرّة وفق شروطها المهنية الصارمة، أي إنْ اقتنعت إدارة التحرير أو رجّحت بنسبة كبيرة أن الأصول المهنية والأخلاقية مُصانة في التحقيق أو الوثائقي أو الحوار موضع الحديث. ويختم أبو هلالة حواره مع "العربي الجديد" بـ"اعتراف صحافي" وهو أنّ قناته حاولت دخول مناطق تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إعلامياً، من دون أن تنجح في مساعيها.

في الماضي، لم تكن "الجزيرة" أول قناة تحاور زعيم "القاعدة"، أسامة بن لادن، فهل تكون أول من يحاور أبو بكر البغدادي؟


اقرأ أيضاً: أحمد منصور "محققاً" عسكرياً... ماذا بقي من الصحافة؟