الشباب العرب والمسلمون إرهابيون

الشباب العرب والمسلمون إرهابيون

26 يونيو 2015
يُسارع الإعلام الغربي إلى تبرئة "البيض" من الجرائم (Getty)
+ الخط -
من المفارقات التي تستوقف أي قارئ لتوجهات الإعلام الغربي، وبعضه العربي، أنّه كلما وقع عمل إرهابي على يد شخص من غير العرب والمسلمين، فإن "أنسنة" القتلة سرعان ما تُلقى على عقول المتلقين، وبعضها ببغائية يكرر شيئًا من درس الشفقة على "خلفية القاتل المريض عقليًا واجتماعيًا ونفسيًا".

شاب أميركي اسمه ديلان روف، قاتل لـ9 من المصلين في كنيسة للسود، وكان قد حصل على مسدس كهدية من أبيه في عيد ميلاده. لنتخيّل أنّ ديلان اسمه "عبد الرؤوف"... النتيجة في الإعلام سهلة التوقّع: "أباه درَّبه على الإرهاب واشترى له المسدس ليشعل حربًا دينيّة! هكذا يجري في بعض الدول الإسكندنافية حيث يجب على رياض الأطفال والمدارس الابتدائية أن تفتح أذنيها جيدا إن كبر الطفل أو الطفلة لأن "مفرخة تشدد في منزلهما تستدعي تدخلاً رسميًا".

ديلان حولته بعض وسائل الإعلام إلى ضحية قانون اقتناء السلاح والأمراض النفسية... ولمَ لا؟ فمساعد الطيار الألماني أندرياس لوبيتز، الذي قتل كل هؤلاء الأبرياء، لم يوصف عمله بالإرهابي... الأمر نفسه بالنسبة لقاتل الطلبة المسلمين الثلاثة في "شابل هيل" في نورث كارولاينا، كريغ هيكس... كريغ أميركي أبيض، خلفيته احتاجت شرحاً تفصيليّاً لتبيان أنه يكره الديانات. لكن ببساطة ضحاياه عرب، فلم تنطلق صافرات "الإرهاب" مثلما حدث مع تفجير أوكلاهوما ذات يوم حين أصبح المتهم الافتراضي عربيًا ومسلمًا وبنتيجة السقطة الإعلامية، تم الاعتداء على مسلمات في الشارع.

إقرأ أيضاً: الإعلام الأميركي: السود ليسوا بشراً

الأمر نفسه في تعامل الإعلام مع قضيّتي أندرس بريفيك، في النرويج الذي قتل 73 شخصاً، معظمهم من الشباب، وقضية عمر في كوبنهاغن في فبراير/شباط الماضي قتل اثنين بعد خروجه بأسبوعين من السجن. أندرس "بطل"، في عيون جماعته الاسكندنافية المتعصبة، يقتل دفاعاً عن بلده من "خطر الإسلام"، وعمر الذي ولد في الدنمارك بالتأكيد إرهابي بالجينات.
خبر آخر: "مسلم مشتبه فيه تبحث عنه الشرطة وقد شوهد يحمل حقيبة تحمل قنبلة في محطة المترو"، قبل أن تكتشف وسائل الإعلام أنها طابعة يحملها الشاب إلى امتحان جامعي قبل بضعة أشهر. هل اعتذرت عن تسميته إرهابيا؟ أبدًا.

لا تزال النتيجة بالنسبة للإعلام واحدة، والاستنتاجات التي تقفز إليها وسائل الإعلام واضحة: العرب، والمسلمون خصوصاً، إرهابيون، والسود مجرمون... أما أبناء الغرب - البيض - فهم مرضى نفسيّون بلا شكّ. وكأنّ العوامل النفسيّة لا تطال إلا ذوي البشرة البيضاء والأصول الأجنبيّة، وأنّ جينات الأشخاص، طالما هم عرب ومسلمون، هي جينات إرهاب وتعطش للدماء ليس إلا.

إقرأ أيضاً: مجزرة تشارلستون: جرح العنصرية الأميركية المفتوحة

رغم تغيّر نبرة الخطاب قليلاً في الغرب مع جريمة "تشارلستون"، وخطاب الرئيس باراك أوباما عن أنّنا لم نُشفَ من العنصريّة بعد، مستعملاً كلمةً عنصريّة للدلالة على الحالة (the N-word) وخطاب المرشحة للرئاسة، هيلاري كلينتون، عن الموضوع أيضاً لكنّ الإعلام لم يُدرك بعد أنّه يُعامل المسلمين والعرب والسود بعنصريّة، وأنّ"صناعة الموت" ليست حكرًا على "مرضى الغرب النفسيين" من القتلة - البيض - الإرهابيين الذين يقدمون بغلاف إنساني حيث يعانون من حياة سابقة أوصلتهم للحظة القتل.