حملة على البرامج الاجتماعية التونسية: حرية التعبير على المحكّ؟

حملة على البرامج الاجتماعية التونسية: حرية التعبير على المحكّ؟

14 ابريل 2015
من استديو برنامج "عندي ما نقلك" (فيسبوك)
+ الخط -
تحظى البرامج التلفزيونية الاجتماعية في تونس بنسب مشاهدة عالية. وتحديداً البرامج التي يطلب فيها أحد الضيوف الاعتذار من ضيف آخر، بسبب خيانة زوجية أو فراق أو خلافات أسرية. ومن أشهر البرامج التلفزيونية في تونس التي تقدم هذه النوعية من المواد، برنامج "عندي ما نقلك" للإعلامي علاء الشابي، والذي يبث على قناة "الحوار التونسي" ليلة الخميس، وبرنامج "المسامح كريم" للإعلامي عبد الرزاق الشابي الذي يبث كل جمعة على قناة "حنبعل تي في".
هذان البرنامجان يحصدان إذاً نسب مشاهدة مرتفعة من قبل الجمهور التونسي. فبرنامج "عندي ما نقلك" يتابعه ما يعادل أربعة ملايين مشاهد أسبوعياً. وتحظى صفحته على"فيسبوك" بأكثر من 400 ألف معجب. لكن مع ذلك فهذا البرنامج يثير في الوقت نفسه غضب شريحة هامة من الشعب التونسي التي ترى في البعد الفضائحي لهذه البرامج ما يتجاوز الجرأة إلى كشف المستور في المجتمع التونسي، والتبرير في بعض الأحيان لأفعال مشينة في تقديرهم. انطلاقاً من هذا الواقع طالب بعضهم برفع الأمر إلى المحاكم التونسية من أجل إيقاف بثّ هذه البرامج. كذلك أطلق آخرون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي انضم إليها أكثر من عشرة آلاف ناشط إلكتروني بعنوان "حملة إيقاف برنامج عندي ما نقلك".
"الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري ــ الهايكا" تدخّلت أكثر من مرة لمنع إعادة بث بعض الحلقات من برنامج "عندي ما نقلك"، آخرها الحلقة التي عرضت يوم 9 أبريل/ نيسان الحالي، والتي تطرّقت إلى مشكلة امرأة تعرضت إلى اعتداء جسدي بآلة حادة على مستوى الوجه من قبل زوجها، على خلفية حضورها في حلقة سابقة من نفس البرنامج.
الهيئة أصدرت بياناً يوم أمس، أعلنت فيه منعها إعادة بث هذه الحلقة، كما قررت سحب الحلقة المذكورة من الموقع الإلكتروني للقناة ومن صفحات مواقع التواصل. والسبب هو مخالفة الحلقة لنصّ الفصل 5 من المرسوم رقم 116 لسنة 2011، لما تضمنته من "تعدٍ على الحياة الخاصة وانتهاك كرامة الإنسان، والإذن بإحالة الملف على مجلس الهيئة للنظر فيه".
في مقابل هذه الآراء يرى قسم من المتابعين للشأن الإعلامي أن عرض مثل هذه البرامج يدخل في إطار حرية الرأي والتعبير التي ينص عليها الدستور بل ويذهب الدكتور يوسف بن رمضان المختص في علم اجتماع الإعلام إلى أن "كشف مستور المجتمع التونسي، وإن كان صادماً لدى بعضهم، فإن ذلك لا ينعي وجود مثل هذه المشاكل بأي شكل من الأشكال". ويضيف "قد تكون من الأدوار التي يلعبها الإعلام الكشف عن المشاكل الاجتماعية، حتى يتم حلّها، وهو يقوم بذات الدور الذي كان يلعبه المسرح في اليونان القديمة باعتباره وسيلة تطهير داخلي تساعدنا على تجاوز أخطائنا".
يبدو أن برامج الـ "توك شو" الاجتماعية بما تعرضه من مواضيع صادمة ستجعل المشرفين على إدارة الشأن الإعلامي التونسي في معادلة صعبة بين ضمان حرية الرأي والتعبير من ناحية والحفاظ على السلم الاجتماعي والحياة الخاصة للإفراد من ناحية أخرى. فأيهما سيختاران؟

[اقرأ أيضاً: دليل الصحافيين التونسيين لتغطية "الإرهاب"]