اسمها شيماء... واسمه بلال

اسمها شيماء... واسمه بلال

25 يناير 2015
شيماء وبلال (فيسبوك)
+ الخط -


قصة قصيرة قد تكون حقيقية وقد لا تكون، لكنّ أبطالها أكثر حقيقية من كل ما نشاهده اليوم.


تأخّر الوقت. يسأل الصبيّ جدّته متى سيعود والداه لإعادته إلى البيت، فهو يريد أن ينام. "شوية ويرجعوا" تقول الجدّة محاولة إطعامه شيئاً، غصباً عنه. عادة الجدات الأبدية.
يرنّ هاتف البيت. 5 ثوانٍ وتصرخ الجدّة المفجوعة، يركض إليها الصبي "في إيه؟" يقول ضاحكاً من منظر جدّته الغريب. تحضنه الجدّة. يسألها من جديد "حيرجعوا إمتى ماما وبابا؟". لا تردّ الجدة. لا تبتسم ولا تبكي. تحتضن الصبيّ فقط، تحتضنه بقوة، توجع الصبي، فيصرخ محاولاً الهروب من حضن جدّته.
حصلت بعدها أحداث كثيرة. استفاقت الجدّة من وهلتها وبدأت تلطم. التمّ الجيران والأقارب "الله أكبر على كل ظالم" يرددون، آخرون يكتفون بـ"حسبي الله ونعم الوكيل". تعود الجدة إلى ثباتها. يخرج من باب البيت شباب غاضبون. يهتفون بعبارات تضحك الصبي، فيمشي خلفهم، مردداً العبارات غير المفهومة. الجميع يحتضنه، بعضهم ينظر إليه ويدمع. يحمله أحدهم بين يديه فيسأله الصبي: "ماما وبابا مرجعوش لسه؟".
***
سنسمع قصصاً وتحليلات كثيرة: من قتل شيماء الصباغ؟ ما هو نوع الرصاص المستخدم؟ ما هي المسافة التي قتلت منها؟ وسنردد شعارات من نوع "الداخلية بلطجية"، "طول ما الدم المصري رخيص يسقط يسقط أي رئيس"... ما علينا، ستتحوّل شيماء إلى "شهيدة الوطن" و"شهيدة الثورة"، وستُروى قصص جميلة عنها، عن مشاركتها في الثورة، عن معارضتها للرئيس معزول محمد مرسي، عن وقوفها في وجه عودة النظام العسكري... سوف نشارك جميعنا صورها وفيديوهاتها. وفي إحدى الغرف، سيجلس الرجل العاشق.. لن يذكر شيئاً من كل ما سبق. لا يذكر سوى 5 دقائق فقط: الرصاص يدخل جسدها، هو يصرخ، يحملها ويحتضنها، يلف جسدها بيديه، بحضنه، بروحه، دفء الحب سيوقظها. تنظر شيماء إليه، عيناها مفتوحتان... تنظر إليه. انتهى
***
انتهت الإقامة في منزل الجدّة. سيعود الصبي، اسمه بلال، إلى البيت مع والده. "ماما مرجعتش ليه؟" يسأل بلال والده، اسمه أسامة. لا يجيب أسامة، يصعد إلى السرير مع بلال، سيخبره قصة لينام. يختار قصة شيماء والذئب، يستفيض الوالد في رواية القصة، يروي لبلال قصة الذئب بتفاصيلها، كيف كان يأكل الأطفال، يأكل النساء، يأكل الشباب... يخبره كيف قاومته شيماء، وسندس، وغيرهما، كيف حاولوا محاصرته، كيف أخبروه في وجهه أنه قاتل... لكن الذئب أكلهما. ينام بلال، لا يريد أن يسمع قصة الذئب، لا يريد أن يعرف من قاوم من، ومن قتل من، يريد أمه، الآن هنا.. أن تجلس هنا، في هذا السرير، لتغني له، لتخبره قصة أخرى... لكنها لن تعود. ينام بلال.. ويبقى أسامة مستيقظاً، لن ينام أسامة قريباً، لا يزال يحتضن شيماء، ويشدّ يديه حولها. لن ينام.

تابعونا: #ثورات_تتجدد



المساهمون