جزائريون "حرّاقة" مفقودون في تونس.. لفظهم البحر فابتلعتهم السجون

جزائريون "حرّاقة" مفقودون في تونس.. لفظهم البحر فابتلعتهم السجون

21 اغسطس 2017
(خلال ندوة فكرية حول "الهجرة غير الشرعية" بالجزائر)
+ الخط -

لم يكن يخطر ببال بعض الشباب الجزائري الذي ركب البحر للعبور نحو إيطاليا، أن رحلتهم المفعمة بالمخاطر لن يكتب لها النجاح، وستقودهم إلى السجون التونسية بدون أن تعلم عنهم عائلاتهم شيئًا منذ ما يقارب ثلاثة أشهر.

اثنا عشر شابًا وفتاة، خرجوا من ولايات جزائرية مختلفة ممتطين "قوارب الموت" في 26 مايو/ أيّار الماضي، لكن من سوء حظهم أنهم تاهوا وسط البحر ودخلوا المياه التونسية أين ألقت عليهم القبض قوات خفر السواحل، لتبدأ رحلة معاناة أهاليهم بسبب عدم معرفة مصير فلذات أكبادهم.

بعد أشهر من البحث ومراسلة الجهات المسؤولة في تونس، لمعرفة تفاصيل اختفاء أبنائهم، إن كانوا في أحد السجون التونسية أم لا، لم تتلقّ عائلات لمبوب، مسادي، وليتيم وغيرهم من الباحثين عن أبنائهم، أية معلومات مؤكّدة من السلطات عن حقيقة وجود أبنائهم في سجن بنزرت من عدمها، لكن مصادر عديدة أكّدت لهم أن أبناءهم في السجن ولكنهم لن يتمكّنوا من زيارتهم، الأمر الذي زاد من حسرتهم وحزنهم على شباب لم يتجاوز أكبرهم الخامسة والعشرين.

يقول حسني بن يوسف المرعي الملحق الصحافي بمكتب محاماة بالجزائر مكلّف بالبحث عن المواطنين الجزائريين المفقودين في تونس إنهم "شباب منحدرون من ولايات عنابة والشلف وسطيف نقيّي السوابق العدلية في بلادهم، مشكلتهم الوحيدة أنهم رغبوا في البحث عن مستقبل أفضل في إيطاليا، إلا أن سوء الحظ وقف ضدّهم".

يضيف بن يوسف المرعي في شهادته في حديث إلى مرصد الحقوق والحرّيات بتونس، وهي جمعية حقوقية مستقلّة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، أن مطالب عائلات المفقودين من السلطات التونسية والجزائرية تتلخّص أساسًا في معرفة مصير أبنائهم المختفين منذ نحو ثلاثة أشهر وإعلامهم بالتهم الموجّهة لهم، لتسخير محامين للدفاع عنهم والسماح لهم بزيارتهم إن كانوا في السجن.

يتابع المرعي شهادته: "هؤلاء الشباب خرجوا من بلادهم قبل 24 ساعة من أول يوم في شهر رمضان الكريم، ومنذ ذلك الوقت وعائلاتهم تتحرّق لمعرفة مصيرهم، ونتمنّى أن لا يمرّ عيد الأضحى والبكاء لا يفارق هذه العائلات التي تعيش في حالة نفسية متدهورة، وأن تفرج السلطات التونسية عن أبنائهم في أقرب الآجال".

مسادي عادل أصيل من ولاية عنّابة (شرق البلاد)، أحد الشباب الجزائريين المفقودين في تونس من مواليد 08/09/1994، تقول والدته في شهادة مصوّرة لـ مرصد الحقوق والحريات، إنها دخلت تونس بحثًا عن ابنها في اليوم الثاني من رمضان، ولكنها لم تتلقّ إجابات تشفي غليلها طوال شهرين ونصف من بحثها الذي لم يتوقّف والذي كلّفها المبيت على شاطئ البحر في مدينة طبرقة الحدودية مع الجزائر (175 كيلومتراً شمال غرب تونس العاصمة).

تطالب والدة عادل السلطات التونسية بالكشف عن مصير ابنها ورفاقه الآخرين، فطيلة نحو ثلاثة أشهر من البحث في تونس، عانت العائلات ظروفًا قاسية بسبب الجوع والعطش والمبيت في العراء، كما أن الجهات المسؤولة في تونس، لم تقدّم لهم الحقيقة التي يبحثون عنها وهي "أين أبناؤنا.. إن كانوا أحياء فأطلقوا سراحهم، وإن كانوا أمواتًا فأعلمونا".

في هذا السياق يقول مروان جدة المدير التنفيذي لـ مرصد الحقوق والحريات: "نستنكر الصمت المريب للسلطات التونسية التي رفضت تقديم إجابة للعائلات بشكل رسمي حول مصير أبنائها، وقد كان بالإمكان نفي أو تأكيد إن كان الشباب الجزائريون موقوفين حقًا في السجون التونسية أم لا، وهو مطلب بسيط نستغرب التهرّب من الإجابة عليه رغم المراسلات والمطالب العديدة التي تقدّمت بها العائلات الجزائرية الموجودة في تونس منذ قرابة ثلاثة أشهر".

ويضيف جدّة في حديثه إلى "جيل": "إن كان هؤلاء موقوفين حقًا في السجون التونسية وهذا الراجح حسب أدلّة عديدة، فمن حقّ عائلاتهم أن تزورهم وأن تكلف لهم محامين يتابعون مجرى القضايا المتهمين بها، وإن كانوا غير موقوفين، فمن واجب السلطات أيضًا نفي ذلك بشكل رسمي وأن لا تترك نفسها محل شبهة واتهامات وتترك العائلات ضحية الأقاويل والتأويلات".

المساهمون