غوغل وشبح الاحتكار..الاتحاد الأوروبي يسعى للضرب بقوة

غوغل وشبح الاحتكار..الاتحاد الأوروبي يسعى للضرب بقوة

06 سبتمبر 2017
(تصوير: ليون نيل )
+ الخط -

خرائط غوغل، جيمايل، يوتيوب، محرّك البحث غوغل، وغيرها، كلّها تطبيقات لشركة غوغل نفسها، لا شكّ أن كثيرين منا يعرفونها ويستعملونها بشكل كبير. فقد صارت هذه الأخيرة ضرورية ولا يُمكن الاستغناء عنها في حياة الكثيرين. واستعمالها لم ينفك عن التصاعد على الصعيد العالمي منذ ظهور محرّك البحث غوغل في نهاية التسعينيات، ولكن هناك من لا ينظر بعين الرضا لهذا التطوّر والهيمنة الناجمة عنه.

تُعرف القوانين الأوروبية بأنها من أكثر القوانين تشدّدًا في السعي لحماية المستهلك. وقد تعرّضت فروع غوغل على الأراضي الأوروبية للإدانة أكثر من مرّة بدفع غرامات تتعلّق بالوضعية المهيمنة، وهذا طبقا للمادة 102 من معاهدة اشتغال الاتحاد الأوروبي التي تنصّ على أنه لا يجوز استغلال وضعية مهيمنة في السوق، أي امتلاك أكثر من 80% من العروض المتاحة، لفرض بعض الخيارات على المتعاملين الصغار.

ومن بين ما تعيبه المحافظة الأوروبية للمنافسة، مارغاريت فاستاجي، هو فرض غوغل على الشركات المصنّعة للهواتف النقالة التي تنصّب مسبقًا نظام التشغيل المجاني أوندرويد تنصيب محرّك البحث غوغل والمتصفّح كروم بصفة تلقائية. وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد نشرت تقريرا في 14 يونيو/ حزيران 2017، بأن الاتحاد الأوروبي يستعدّ في الأسابيع القادمة لإدانة غوغل بغرامة قد تكون الأضخم في تاريخ الشركة بتهمة استغلال الوضعية المهيمنة في السوق بشكل غير مشروع.

وقد قدر المصدر الذي أفشى الخبر لوكالة الأنباء، بأن الغرامة قد تبلغ 10% من رقم أعمال الشركة، مما سيشكّل ضربة موجعة لاستثمارات عملاق تكنولوجيات الاتصال.


تبريرات المشرّعين
وأمام استغراب بعض المستخدمين من استهداف شركة توفّر خدمات مجانية تسهّل من حياة الناس، فإن المشرّعين الأوروبيين يبرّرون مواقفهم بالعوامل التالية:

- يتمثّل الهدف في منع احتكار شركة غوغل للسوق وعدم إفلاس الشركات المنافسة.

- تفادي إمكانية الإضرار بالمستخدمين في المستقبل. ففي حالة إفلاس جميع الشركات المنافسة التي توفّر خدمات مماثلة على غرار محرّكات البحث ومنصّات نشر الفيديوهات، فإن غوغل قد تقرّر في المستقبل جعل التطبيقات التي صار استخدامها ضروريًا على غرار غوغل للخرائط أو يوتيوب مدفوعًا. وحينها أيًا كان الثمن، سواء أكان منخفضًا أم باهظًا، فإن المستخدمين الذين يرتبطون بها سيضطرّون للدفع ولن يكون متاحًا أمامهم أية عروض منافسة.

- الإضرار بالابتكار؛ يؤكدون أن الخشية من قلّة العوائد المادية بسبب هيمنة منتجات غوغل، ستحول دون سعي المهندسين لابتكار منتجات جديدة.


دفاع غوغل
شركة غوغل من جانبها، تعترض بشدّة على هذه التهم وتؤكّد أنها لا تسعى لاحتكار السوق. أكثر من ذلك، ولتبرير موقفها، تبرز غوغل بأنها لا تتوانى عن مساعدة الشركات العاملة في مجال تكنولوجيات الاتصال في حالة مواجهة مصاعب مالية وتقنية. وقد أكد كانت وولكر الذي يشغل منصب نائب المدير العام لغوغل، أن الوقائع مخالفة للتهم التي يوجّهها لهم الاتحاد الأوروبي. وبشكل عام، لطالما أكّدت شركة غوغل أن من مصلحتها وجود منافسه لأن الهدف هو نشر وسائل التكنولوجيا الحديثة في جميع أنحاء العالم.


الحقّ في النسيان
توجد قضية أخرى تواجه فيها الاتحاد الأوروبي مع الشركة غوغل. فقد ألزمت محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي الشركة منذ 13 مايو/ أيار 2014 بالحد من نتائج البحث الخاصّة بمعلومات الأفراد. والسبب هو الحق في النسيان، حيث إنه بعد ارتكاب شخص لجريمة أو جنحة وقضاء العقوبة المترتبة عليها، يعتبر مشرّعو الاتحاد الأوروبي أنه لا ينبغي أن تتبعه واقعة ارتكاب الجريمة أو الجنحة طوال حياته طالما تم قضاء العقوبة.

ولذا، سعت غوغل للتأقلم مع هذا الإلزام. وهكذا لدى القيام بالبحث عن اسم شخص ما سواء أكان شخصية عامة أم لا، فإن نتائج البحث لا تكون متماثلة عندما يتمّ البحث في فرنسا مثلا وأوروبا بشكل عام أو في دولة عربية أو في أميركا الشمالية؛ حيث لا يوجد صنف من القوانين نفسه الذي يحد من نتائج البحث. وينشر غوغل حاشية سفلية لإخبار المستخدم أن بعض النتائج قد تمّ إخفاؤها للالتزام بالقانون الأوروبي لحماية البيانات.

وأيًا كان واقع هذا النزاع القانوني-التجاري، فإننا لا يمكن إلا أن نؤكّد أن غوغل قد صار وبشكل لا يمكن الرجوع عنه جزءًا من حياتنا، وأن توفيره لخدمات كثيرة نافعة ومجانية لا يريح الشركات التي تسعى لإبقاء المستهلكين تحت رحمتها.

المساهمون