ألعاب الفيديو 2017.. الواقع الافتراضي لم يكن مثمرًا

ألعاب الفيديو 2017.. الواقع الافتراضي لم يكن مثمرًا

27 يوليو 2017
(الرياضة الإلكترونية eSport)
+ الخط -


عُقد هذا الحوار مع (جوليان فيلديو Julien Villedieu)، أحد المتخصّصين وكبار العاملين في قطاع ألعاب الفيديو، في مطلع العام 2017، لطرح رؤيته لعالم ألعاب الفيديو في 2017 مع بعض القضايا الأخرى المتعلّقة بالمجال.

موقع إينا غلوبال: ما هي أبرز المحاور والميول التي تراها لعام 2017؟ وأيّ الألعاب نُتابع؟
جوليان فيلديو: ما نلاحظه بالفعل هو أن هناك شغف، أو عودة لهذا الشغف، للأنظمة التقليدية للألعاب، أيّ المشغّلات consoles وأجهزة الكمبيوتر. وفقًا لما جُمِع من معلومات أخيرًا، فإن ثلث الاستديوهات الفرنسية تطوّر ألعابًا على المشغّلات، وأن أكثر من 70% منها تأمل في تطوير الألعاب على الكمبيوتر؛ لأنها في نهاية الأمر مضمونة الربح.

وفي المقابل، ثمّة بعض الفتور والإحجام إزاء أنظمة الهواتف المحمولة، أيّ التابلت tablette وَالهواتف الذكية. لا تكمُن المشكلة في كون هذه الأنظمة ليست بالجذّابة، ولكن القدرة على تحقيق العائد والربح من هذه الألعاب تصبح أصعب يومًا بعد يومِ. ومع ذلك فهذه الأنظمة تفضّلها دائمًا الاستديوهات، غير أنني أعتقدُ أن سنة 2017 ستشهد ربّما فترة راحة من قبل الشركات الصغيرة بشكل خاصّ. لأنه كي تحقّق شيئًا ذا جدوى على هذه المنصّات، عليك أن تدفع مبالغ كبيرة لتتمكّن من تسويق منتجاتك، وهو ما لا تقدر عليه الاستديوهات الصغيرة اليوم.

إلى جانب ذلك، قمتُ بتصنيف ثلاثة اتجاهات غالبة. الأوّل هو الـواقع الافتراضي، وهو حاضر بالفعل. ولكني أرى أن هذا الاتجاه لن يكون مثمرًا بالنسبة لقطاع ألعاب الفيديو لعدّة أسباب؛ أهمّها أن الحصول على المعدّات والأدوات اللازمة لا يزال باهظ الثمن، ثم إن بعض المُستَخدمين لا يتحمّلون جسديًا الواقع الافتراضي، ويشعرون سريعًا بالتعب. ولكنه يظلّ نظامًا يحظى باهتمام استديوهات تطوير الألعاب التي تخصّص له الكثير من مقترحاتها، وبالتالي يمكننا انتظار المزيد من التجارب مستقبلًا. هذا يعني، في نظري، أن الذين يفضّلون الواقع الافتراضي هم روّاد، وجاهزون لتحمّل نتائج محاولاتهم هذه.

هناك أيضًا اتجاه الرياضة الإلكترونية eSport، وهو يتطوّر بسُرعة مذهلة، حتى في فرنسا. لا يوجد حتى اللحظة الراهنة سوى 8% من الألعاب التي تنطوي على جانب تنافسي، ولكن بدءًا من العام القادم سترتفع هذه النسبة لتصل إلى 23%. أمّا الاتجاه الثالث والأخير فهو الـلعب السحابي cloud gaming، وهو اتجاه مترسّخ منذ سنوات عديدة، كما أنه يتطور بسرعة.


موقع إينا غلوبال: هل ترى أن الواقع الافتراضي يمتلك من القدرة والإمكانات ما يمكّنه من إحداث ثورة في قواعد ألعاب الفيديو، أم أن الأمر سيقتصر فقط على تصدير "الوصفات" (أي الألعاب والتيمات بلا تغيير) الرائجة حاليًا إلى الواقع الافتراضي؟
جوليان فيلديو: نلاحظ اليوم أن هناك بالفعل العديد من التجارب التي تُجري، وهي تدور كلها في أسلوب اللعب والجوّ نفسيهما. نجد الكثير من المحاكاة؛ صار الأمر يتكرّر كثيرًا.

ولكن من الجانب الوثائقي والسمعي البصري، هناك بعض التجريبات التي تشمل أشياءً مثيرة للاهتمام. فعلى سبيل المثال، أودُّ أن أذكر هذه التجربة التفاعلية التي تُدعى "ملاحظات حول العمى" (Notes on blindness)، وهي مستوحاة في مُجملها من مذكّرات شخص أعمى، إنها مدهشة. إنك تعيش ما يشعر به المكفوفون، عن طريق ارتداء خوذة للواقع الافتراضي، وتشعر بإدراكهم للأصوات، والهواء، بل والصور. الأمر مذهل. ستكون هذه الأمور، من وجهة نظري، مثيرة للاهتمام، لأنها تجعل المُشاهِد يعيش هذه العواطف بنفسه.

أما من جانب ألعاب الفيديو، فهناك أشياء ستُجرّب، ولكن الصعوبة تكمُن في أن ألعاب الفيديو دائمًا ما تكون في منطق القطاع التجاري، أيّ أنها تبحث عن الربح. من الصعب اليوم تحقيق هذه الربحيّة في ما يخصّ الواقع الافتراضي، نتيجة الانتشار الضعيف، وعدم امتلاك المُستخدمين الأدوات اللازمة. وهذا ما يجعلني أرى أن التطّور يجري بالأحرى في مجال التجارب التفاعلية والوسائط الجديدة، وهي تشمل أيضًا التجارب الجميلة للواقع الافتراضي التي ستجذب المُستهلِك إلى هذا المجال، أكثر مما ستجذبه ألعاب الفيديو.


موقع إينا غلوبال: هل تعتقد أن صناعة ألعاب الفيديو ستوفّر مكانًا أكبر في المستقبل للنساء؟
جوليان فيلديو: إنه هدف دائم على كل حال. هناك مكان للنساء في الألعاب، ومكان لهن في الصناعة. في ما يخصّ الألعاب، أرى أن هذه النقلة تمّت بالفعل، وعلى نطاق واسع. يمكنك أن ترى ذلك في لعبة Dishonored حيث يمكنك اللعب ببطلة، أو في اللعبة القادمة لاستديو Quantic Dream، حيث سيجد اللاعب أمامه امرأة، أو في لعبة Life is Strange التي حققت نجاحًا كبيرًا بفضل البطلة. اليوم، يُمكن أن يختار المُستهلِك بين البطلات أو بكل بساطة الأبطال الذكور، وهو أمر أراه إيجابيًا. لقد تغيّرت صورة المرأة تغيّرًا جذريًا في إنتاجات ألعاب الفيديو، وهذا عامل مهم للغاية.

أمّا عن النساء في الشركات، فالرقم ضعيف في ما يخصّ أنشطة الإنتاج. وبالنسبة لباقي الصناعة، أيّ إعداد الألعاب، وتوزيعها، فعدد النساء فيها أكبر بكثير. ومع ذلك، فهذا المجال ليس حكرًا على المُحترفين فقط. يجب أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية من أجل توعية الأفراد منذ سن صغيرة للغاية (المرحلة الابتدائية مثلًا) بالمِهَن التقنية والتكنولوجية اللازمة لإنتاج ألعاب الفيديو. هذه المهن تجذب الفتيات بشكل أقل، مع كُل أسف. إذن يجب أن تعمل وزارة التعليم الوطني بجد لتوعية الفتيات الصغيرات بفائدة الوظائف التقنية وبفرصهن في العمل بها، خاصّةً علوم الهندسة.


موقع إينا غلوبال: هل ستحجز الشركة الصينية تنسنت Tencent مكانًا أكبر في صناعة ألعاب الفيديو، عن طريق دخولها سوق المشغّلات مثلًا؟
جوليان فيلديو: إنها شركة رائدة بالفعل؛ سيكون الأمر معقّدًا إذا احتلت مكانًا أكبر. إن "تنسنت" اليوم شركة عملاقة، مترامية الأطراف، ولها قاعدة مُستخدمين في الصين ضخم بشكل لا يمكن تصوّره، إذ يتخطّى عددهم الـ900 مليون لاعب محتملين. لدى "تنسنت" مقدرة عالية على التأثير وجذب اللاعبين مقارنةً بباقي العاملين في المجال. إذا استمرّت على هذا المنوال، مع نواياها بالتوسّع في أوروبا، فلن يوقفها شيء، لأن ألعاب الفيديو اليوم تُعد مصدر ربح كبير بالنسبة لها.

على ضوء ما سبق، لا أعتقدُ أنهم يأملون في الدخول إلى سوق المشغّلات؛ ليس اليوم على الأقل. ولكن إذا كان هذا الأمر يجذب اهتمامهم فعلًا، فيجب عليهم أن يعلموا أن سوق المشغّلات في الصين ينمو بخُطى بطيئة، بل لا ينمو مُطلقًا. فالمشغّلات لا تزال باهظة الثمن في الصين، والألعاب نفسها ليست متوائمة تمامًا مع السوق الصينية. ولذا إذا انتقلت "تنسنت" إلى المشغّلات، فسيكون الأمر خارج السوق الصينية. ولأنني قابلتهم، فإن لديّ هذا الشعور بأن "تنسنت" تركّز اليوم على الهواتف المحمولة، لأنه المكان الذي تستهدف فيه جمهورها. كما أن "تنسنت" تعقد صلةً بين WeChat (خدمة الرسائل الخاصّة بها) وألعاب الفيديو على الموبايل. لا جدوى إذن من تعريض أنفسهم للخطر والانطلاق نحو أنظمة أخرى، حتى لو كانت هذه الأنظمة تجذب الكثير من اللاعبين اليوم.


موقع إينا غلوبال: هل تعتقد أن الألعاب الإخبارية newsgames لديها إمكانية للتطوّر والنمو؟
جوليان فيلديو: نعم، هذا واضح للغاية. إن ألعاب الفيديو هي وسيط أصبح ناضجًا بشكل كامل، نظرًا لمتوسط عُمر اللاعبين. يمكنك أن تلاحظ اليوم أن لاعبي ألعاب الفيديو لم تعُد أعمارهم تقتصر فقط على التراوح بين الـ10 سنوات والـ15، لقد كبروا مع ألعاب الفيديو، إننا أمام ظاهرة: ألعاب الفيديو تصبح فنًا كاملًا. ومثل أيّ تعبير فني آخر، هذا الفن يمكنه إرسال رسائل. ولهذا السبب فالألعاب الإخبارية تحمل رسالةً ما، وهي تسير بشكل جيد.

كما أن هناك تجارب جميلة للغاية، فعلى موقع Pixel Hunt (الذي يديره فلاوران موران، أحد أكبر مصممي الألعاب) هناك ألعاب رائعة. هناك لعبة This war of mine، حيث تلعب بلاجئ في وسط الحرب، كما أن هناك أسلوبًا حقيقيًا للّعب، فهي مُصمّمة بطريقة احترافية، والأمر مثير لأننا نتخذ جانب اللاجئ وليس جانب المُقاتِل.

الرسالة الصادرة من هذه الألعاب تتمتّع بالقوّة إذن، والألعاب الإخبارية ينتظرها مستقبل واعد. ولكن في اللحظة الراهنة، لا يجلب هذا النموذج الكثير من الربح في السوق، لأنه يجب أن تُموّل هذه الألعاب قبل إصدارها، ثم تُتاح بالمجّان للّاعبين.


موقع إينا غلوبال: في نهاية هذا الحوار، دعني أطرحُ عليك هذا السؤال: هل تبدو آفاق تطوّر ألعاب الفيديو في 2017 جيدة؟
جوليان فيلديو: نعم، هذا صحيح. نحن نعيش مرحلة تطوّر. من المنتظر أن تقوم أجهزة وَخوذ الواقع الافتراضي بتنشيط النمو الهيكليّ في سوق الألعاب.

إن سوق ألعاب الفيديو عمومًا يمتلك خصوصيّة؛ إنه يعيش مكتفيًا بذاته. لقد رأينا أخيرًا أن ألعاب الـAAA (الألعاب التي أُنتِجَت بأموال ضخمة، وسُوّقَت بشكل جيد، وحصلت على تقييمات جيدة من النقّاد المتخصّصين) بيعت بشكل أقل قليلًا من العام الماضي. ذلك أن اللاعبين يلقون اللوم على المدّة الطويلة التي تلزم لإنهاء اللعبة إلى جانب صعوبة اللعبة نفسها، فيجدون أنفسهم يقضون وقتًا أطول أمام الألعاب. وعلى كُل حال، هذا أحد التفسيرات، وربّما ليس هو الوحيد. يجب أن يظلّ المرء يقظًا لما يدور في السوق.


(النص الأصلي)

المساهمون