رحيل فدوى سليمان.. النجمة التي صنعتها الثورة السورية

رحيل فدوى سليمان.. النجمة التي صنعتها الثورة السورية

19 اغسطس 2017
(فدوى سليمان، رسم: كاريلهو)
+ الخط -


وضع الموت حدًا للصراع الطويل الذي عاشته الممثلة السورية فدوى سليمان مع مرض السرطان؛ حيث شهدت مستشفيات باريس الفصل الأخير من حكاية سليمان، البالغة من العمر 47 سنة، والتي عاشت أيّامها الأخيرة في فرنسا المنفى، بعيدة عن عائلتها الباقية في دمشق، بعد أن أجبرتها الضغوطات الأمنية ومواقفها الثورية على مغادرة سورية سنة 2012.

بدأت مسيرة سليمان الفنية، قبيل تخرّجها من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق سنة 1995، حيث شاركت بالعرض المسرحي "سفر برلك" سنة 1994، للمخرج السوري عجاج سليم؛ وظلّت عالقة في نطاق المسرح لعامين، قبل أن تدخل إلى الشاشة الصغيرة من بوابة المسلسل الكوميدي "يوميات أبو عنتر" 1996، وشاركت بعدها في العديد من الأعمال الكوميدية في أواخر التسعينيات، أبرزها "عيلة سبع نجوم" و"دنيا". وفي سنة 1997، شاركت في أوّل عمل درامي تلفزيوني لها، وهو "هوى بحري" إلى جانب النجمين أيمن زيدان ونورمان أسعد، اللذين رافقتهما في أعمالها التلفزيونية الأولى، مثل "الطويبي" و"جواد الليل".

ومع بداية الألفية الجديدة، انحسرت مشاركات سليمان التلفزيونية، فلم تشارك بعد سنة 2000 سوى في أربعة مسلسلات، وهي: "المسلوب" و"الصمت" و"النورس" و"من غير ليه"، ولم تلقَ أيًا من هذه الأعمال نجاحًا جماهيريًا؛ وفي الوقت ذاته كانت سليمان قد بدأت تنشط بشكل أكبر في مجال دوبلاج الرسوم المتحرّكة، فرافق صوتها طفولتنا، من خلال أعمال حظيت بمتابعة كبيرة، أبرزها: "أبطال الديجيتال" و"أنا وأخي" و"المحقّق كونان" و"بيدا بول"؛ ومن ناحية أخرى عادت لتنشط في أروقة المسرح السوري، فشاركت في العديد من الأعمال مع المخرج السوري الكبير مانويل جيجي، وأبرزها: "غني وثلاثة فقراء" و"بيت الدمى"، ومونودراما "صوت ماريا"؛ ولكنها لم تتمكّن طيلة تلك الأعوام من ترك بصمة فنية كبيرة تجعلها تكتسب صفة النجومية، وبقيت على الهامش الثقافي الفني، وانحصرت شهرتها على روّاد المسارح. وفي السينما، لم تشارك سليمان سوى بثلاثة أفلام سورية على مدار تجربتها الفنية، وهي: "نسيم الروح" و"حكاية كل يوم" و"خارج التغطية".

وكانت الثورة السورية التي اندلعت سنة 2011، بمثابة نقطة تحوّل في مسيرة الفنانة السورية، التي عاشت مرحلة خمول في العقد الأوّل من الألفية الثالثة، فعادت إلى الأضواء بسبب نشاطها الثوري في المرحلة الأولى من عمر الثورة، واكتسبت صفة النجومية؛ فكانت فدوى سليمان من أوّل المشاركين في المظاهرات التي عمت مدينة حمص سنة 2011، وكانت تعمل على إقناع سكان المدن ذات الغالبية العلوية بالانضمام إلى الحراك الثوري؛ وأصبحت من رموز الثورة السورية حين كشفت عن وجهها في إحدى مظاهرات مدينة حمص، وتناقلت الفيديو محطات التلفزيون العربية، ودعت إلى عدم تحوّل الاحتجاجات إلى حرب مذهبية بين الغالبية السنة والطائفة العلوية التي ينتمي إليها هرم السلطة.

وعاشت سليمان بعد ذلك متوارية عن أنظار السلطات بين دمشق وحمص، ثم عبرت الحدود سيرًا على الأقدام إلى الأردن قبل أن تستقّر في محطتها الأخيرة في فرنسا؛ وفي الأعوام الأخيرة عادت لنشاطها الفني، فشاركت بمسلسل "أمل" الذي عُرض على الإنترنت، وسلسلة "بسمة صباح" الإذاعية، التي أذاعتها إذاعة "روزنة"، كما قامت بتأليف مسرحية بعنوان "العبور"، ومجموعتين شعريتين "كلما بلغ القمر" و"في العتمة المبهرة"، وترجمت جميع هذه الأعمال إلى اللغة الفرنسية.

المساهمون