نفايات الفضاء.. حقل ألغام في الغلاف الجوي

نفايات الفضاء.. حقل ألغام في الغلاف الجوي

24 مارس 2017
+ الخط -

في عام 2014، نجحت تجربة هبوط مسبار على سطح مذنب للمرة الأولى في العالم، حيث هبط هذا المسبار الذي أُطلق قبل عشر سنوات بالهبوط على مذنب يبعد 400 مليون كيلومتر عن الكرة الأرضية.

يهدف المسبار الممول من وكالة الفضاء الأوروبية إلى جمع معلومات قد تساعد في توسيع معرفتنا حول نشأة الحياة على الكرة الأرضية.

أبهر هذا الحدث العلماء والمختصين وحتى عامة الناس الذي لا يمتلكون معرفة جيدة بعلوم الفضاء، إلا أن هذا الحدث أيضًا جعل الناس يطرحون السؤال التالي: ماذا يحدث لهذه المركبات الفضائية بعد انتهاء مهمتها؟

يمكن أن يظن الشخص العادي أن هذه المركبات والمسابر الفضائية لا يمكن أن تؤثر على باقي المركبات بسبب الحجم اللامتناهي للفضاء كما تصورها أفلام الخيال العلمي، إلا أن الواقع مختلف.

تبقى معظم المركبات في مساراتها التي أرسلت إليها، كما أن بعض المركبات تحتاج إلى أن تدور في مسارات معينة لأداء مهمتها مثل الأقمار المخصصة للنقل التلفزيوني أو مراقبة الطقس، هذا يعني أنه في بعض المسارات يدور عدد أكبر من المركبات الفضائية من بعضها الآخر.

يوجد بالمجمل في المسارات حول الأرضي أكثر من 30000 جسم، يبلغ حجم أغلبها أكثر من 10 سم ولم يعُد يستخدم، من ضمن هذه الأجسام مثلاً الأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات ومراقبة الطقس والتي توجد على ارتفاع 36000 كم بعد انتهاء مهمتها.

وحدها الأجسام التي تتواجد في ارتفاع أقل من 1500 كم من سطح الكرة الأرضية ستصطدم في وقتٍ يصل إلى 600 سنة بالغلاف الجوي للأرض وتنفجر، من ضمن هذه الأجسام أجزاء الصواريخ المحترقة والبطاريات النووية.

المشكلة الحقيقية هي أن هذه أجزاء صغيرة من هذه الأجسام التي تدور حول الأرض بسرعة هائلة يمكن أن تتحول إلى خطر كبير، فالعالم كارستن فيديمان المتخصص في موضوع نفايات الفضاء من جامع براونشفايغ التقنية؛ يرى أن جزءًا لا يتعدى حجمه سنتيمتر واحد يمتلك قوة تدمير تعادل قنبلة يدوية، أما عند حصول تصادم بين جسمين فستكون المشكلة أكبر، حيث سيتحطم الجسم الواحد إلى مئات القطع المعدنية التي تدور حول الكرة الأرضية.

يوضح هاينر كلينكراد -المسؤول عن نفايات الفضاء في محطة الفضاء الأوروبية- أنه لو توقفنا فورًا عن إرسال الأقمار الصناعية، فإننا سنبقى في خطر حدوث تصادم بين الأجسام الموجودة في علو يتراوح بين 700 إلى 1000 كيلومتر خلال العقود القادمة.

لتجنب هذا الخطر يجب أن يتم إبعاد 10-15 جسم فضائي من المسارات حول الأرضية الخطرة بشكل فوري، إلا أن هذه المهمة تنقصها كل الشروط اللازمة:

أولًا- لا توجد حتى الآن أي تقنية مجربة، فحتى الآن ما زالت التقنيات اللازمة لذلك محط نقاش، من بينها تقنية تُطور في ألمانيا، تعمل على إرسال قمر صناعي إلى جسمٍ أنهى مهتمه وسحبه مجددًا إلى الأرض عن طريق روبوت.

ثانيًا- لا أحد يريد أن يتحمل تكاليف التخلص من هذه النفايات بسبب تكلفتها العالية التي تصل 200 مليون يورو للمهمة الواحدة، هذا يعني أن تكلفة سحب عشرة أجسام تعادل ملياري يورو، وهذا يساوي نصف ميزانية وكالة الفضاء الأوروبية.

تتنصل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا من المسؤولية عن هذه النفايات -التي تعود إلى المركبات الفضائية الأميركية والسوفيتية قبل 60 عامًا- باعتبار أن كل المركبات الفضائية الحديثة اعتمدت على المعلومات التي وفرتها هذه المركبات واستفاد منها الجميع، أما الصين فترى نفسها غير مسؤولة عن ذلك، لأنها لم تكن مشتركة في البرامج الفضائية وقتها، وكالة الفضاء الأوروبية تقوم بدورها ببحث هذه المشكلة، إلا أنها تعجز عن تقديم أي دعم مادي يمكن أن يحل هذه المشكلة جزئياً.

بالتالي يمكننا أن نتوقع عدد الحوادث التي ستحدث مستقبلاً، إلا أن الحادث الأسوأ هو الحادث الذي يمكن أن يؤثر على محطة الفضاء الدولية، مما سيعرض حياة رواد الفضاء العاملين هناك للخطر.

المساهمون