مرسم الصيادين.. فنانون يعيدون الحياة لميناء غزة

مرسم الصيادين.. فنانون يعيدون الحياة لميناء غزة

14 اغسطس 2015
يتحلّق أهالي غزة حول الرسامين بميناء الصيادين (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
مع غروب أشعة الشمس، تبدأ مجموعة من فناني مدينة غزة بالتوافد تباعا إلى مرفأ الصيادين، غرب المدينة، بصحبة لوحاتهم الورقية وأدوات الرسم المتعددة، متخذين من ساحة المرفأ المكسوة بالعشب الأخضر والمزدحمة غالبا بالمتنزهين، مرسما لهم، ومنصة مجانية لعرض إنجازاتهم للجمهور.
ويجد الفنانون في شاطئ البحر عموماً ومرفأ الصيادين تحديدا، مكانا مناسبا يحرك حسهم الفني ويزودهم بأفكار فنية جديدة تعكس واقع الحياة في قطاع غزة، التي باتت تتشابه مع الموت إلى حد كبير، بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على كل مقومات الحياة الغزية، منذ نحو تسع سنوات.
وفي أحد أركان الساحة الخضراء المطلة على الرمال الذهبية لشاطئ المدينة المحاصرة، شرع الفنان قصي الحلو برسم لوحة تشير إلى طفل فلسطيني ظهرت عليه علامات الحزن والشقاء وهو ينظر إلى ركام منزله، من دون أن يعاد إعماره، رغم مرور عام كامل على الحرب الإسرائيلية، صيف العام الماضي 2014.
وبدأ الحلو (18 عاما) مشواره الفني قبل بضع سنوات بشكل تدريجي، ولكن رغبته في الرسم ازدادت بعدما أقدمت مقاتلات الاحتلال الإسرائيلي على قصف منزله في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، خلال الحرب الأخيرة، وعلى إثر ذلك احترقت كل اللوحات التي رسمها الحلو على مدار عامين متواصلين.
وقال الحلو لـ"العربي الجديد" إنه لم يستسلم أمام مشهد تدمير منزله، وضياع كل لوحاته ومستلزمات الرسم، فما أن استقر داخل منزل عائلته المؤقت، القريب من شاطئ البحر، حتى ضاعف عدد ساعات الرسم اليومية، وزاد من حجم المشاركة بمختلف الأعمال المجتمعية والشبابية، التي وثقت مجريات الحرب وتداعياتها.
وحول الرسم في مرفأ الصيادين وبقرب أمواج البحر، أوضح الفنان قصي أن الفكرة تبلورت منذ قرابة ثلاث سنوات من خلال عدد قليل من الفنانين، نظرا لجمال المكان وانسجامه مع روح الفن ومتطلباته، وخلال العام الجاري تضاعف العدد لأكثر من 12 مشاركا، سواء كفنانين متمرسين أو هواة.
وبين أنه يحاول استحضار الطفولة وبراءتها في مختلف أعماله، التي تجمع بين وجع الشعب الفلسطيني وحبه للحياة مهما كانت الظروف قاسية، مشيرا إلى أنه تمكن من رسم 50 لوحة مختلفة الأحجام، بجانب المشاركة في نحو 20 معرضا فنيا وعدة مبادرات شبابية محلية.
وبينما كان الحلو يضع اللمسات الأخيرة على لوحته، كانت الفنانة هند مرشود (25 عاما) تعرض على الجمهور لوحة فنية، ما كان ينقصها إلا أن تدب الروح في وجه فتاة شابة توسطت اللوحة، ليكتمل جمال الأخيرة مع أنغام تضارب أمواج البحر ونسمات الهواء العليل.
وأوضحت الفنانة هند لـ"العربي الجديد" أن الرسم بين الناس وأمام مشهد اصطفاف الناس على شاطئ البحر، يمنح الفنان فرصة كبيرة لإيجاد أفكار قريبة من الواقع الحياتي، فضلا عن كسر الروتين الناتج عن الرسم داخل البيت أو في أماكن معتادة.
وأضافت مرشود: "الحياة في غزة قاسية، ومستوى التفاؤل بتحسن الواقع خلال الفترة القليلة القادمة، يكاد أن يكون معدوما، بسبب اشتداد الحصار، لذا يتوجب على الفنان أن يأتي للناس ويخبرهم بالورقة والريشة الملونة، أن الحياة ما زالت مستمرة وهذه اللوحات تتحدث عن حالهم وآمالهم بحياة أفضل".
وعلى مسافة ليست ببعيدة عن مرشود، جلس الفنان محمد نجم (22 عاما) على كرسي خشبي، محاولا استحضار فكرة لرسم لوحة جديدة، تعكس صمود سكان غزة ومعاناتهم في ظل أزمة انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة يوميا.
وقال نجم لـ"العربي الجديد" إن اجتماع الفنانين في مكان واحد وبين الناس، يحقق عدة فوائد، أهمها تشكيل حلقة وصل بين الفنان والجمهور الذي يستهدفه بأعماله، بجانب زيادة فرصة تبادل المعلومات والخبرات بين الفنانين، وكذلك تعرف الناس على الفن بأنواعه.
وبين أن الفنانين في غزة يواجهون تحديات جمة، مثل: ندرة توفر المواد الخام الخاصة بالرسم ومستلزماته، وضعف جودة المتوفر منها في الأسواق المحلية، فضلا عن ارتفاع سعرها بشكل كبير وانقطاعها بين الحين والآخر، لارتباط دخولها بفتح المعابر الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
ولم يخفِ نجم تذمره من ضعف الدعم المادي والمعنوي المقدم من المؤسسات الحكومية والخاصة للفنانين، وعدم تبني المواهب الصاعدة وتطويرها، رغم أهمية الفن ودوره في نصرة القضية الفلسطينية ونقل الصورة إلى العالم الخارجي.

اقرأ أيضاً: غزة: الاحتلال يعتقل صيادين اثنين ويصادر مركبيهما

دلالات

المساهمون