غادة ومحمد.. شقيقان يغنيان للحياة من وسط أنقاض غزة

غادة ومحمد.. شقيقان يغنيان للحياة من وسط أنقاض غزة

العربي الجديد

العربي الجديد

الأناضول

avata
الأناضول
07 يونيو 2015
+ الخط -


ممسكا بآلته الموسيقية (الغيتار)، يجلس الفتى محمد شومان، فوق تلةٍ لركام وبقايا منازل دمرتها إسرائيل في حربها الأخيرة على قطاع غزة. وخلف جدار عريض مُدّمر كتب عليه أحد فناني الغرافيتي باللغة الإنجليزية "أنا أحب غزة"، يعزف شومان (16 عاماً)، على الغيتار مقطوعة موسيقية، ويغنيها في الوقت نفسه.
ويصدح شومان عاليا بصوتٍ مشحون بالشجن، وهو يُردد "أملٌ خلف الأسوار، يتسلل بين النار، بعزيمته إعصار، لا تبالي يا غزة"، بينما على بعد أمتار قليلة، تقف شقيقته "غادة" ابنة العشرين عاماً، وهي تُدندن إحدى الأغاني الوطنية بصوتٍ خافت، وهي تسير في شارعٍ تصطف على جانبيه عشرات البيوت المدمرة بشكل كلي بفعل الحرب.

يشكّل الشقيقان، ثنائياً غنائياً، مهمته كما يقولان، أن يُظهرا الوجه الآخر لغزة، بعيدا عن الآلام والوجع اليومي. ويقول "محمد" الذي يتولى مهمة عزف المقطوعات الموسيقية التي تؤديها غادة، على الغيتار، إن: "الموسيقى لغة كل الشعوب"، مضيفاً: "أنا وغادة نريد أن نحكي للعالم أنه في غزة حياة، وليس حروبا وموتا ودمارا فقط، وأننا نريد أن نعيش".

ويدرس الفتى شومان العزف في معهد "إدوارد سعيد" الوطني للموسيقى، (وهو المعهد الوحيد في قطاع غزة لتعليم الأطفال والفتيان العزف على الآلات الموسيقية المختلفة، الشرقية والغربية)، وقد حاز على المراكز الأولى في مسابقات محلية ودولية.


وفي داخل منزلهما يؤدي الشقيقان، أغنية "لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي"، ويسعيان عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنشر ما يملكان من موهبة، والتواصل مع مختصين في العزف والغناء لتنمية مهاراتهما.

غادة التي تمتلك وجهاً طفولياً، وتدرس في كلية الصيدلة في جامعة الأزهر بغزة، لا ترى في غنائها أمراً غريباً في مجتمع يتسم بأنه "محافظ"، فهي كما تروي لوكالة الأناضول، تختار جمهورها وأغانيها. وتضيف "أنا أغني للأطفال، لغزة، للقدس، للوطن، لكل الأشياء التي تحمل معانٍ جميلة وهادفة". وخطوة تلو الأخرى تسعى شومان، إلى تحقيق أحلامها المتمثلة في أن تصبح "منشدة، تحمل صوت غزة إلى الخارج".

ولم تعد غادة تلك الطفلة الخجولة التي قالت إنها في الصف الأول الابتدائي وأثناء حفلة نهاية العام الدراسي، في السعودية حيث كانت تقيم عائلتها، تدربت برفقة أربع صديقات لأداء أغنية عن فلسطين، وما أن خرجنّ للمسرح، وبدأنّ في الغناء حتى شعرنّ بالخجل وانفجرن بالبكاء، بحسب روايتها. وتضيف "يومها أنا كنت في المقدمة، وجاءت المعلمة، وقامت بإنزالنا جميعاً ونحن نبكي، الآن أنا الطفلة الحالمة نفسها، لكن لم أعد أخجل، بت واثقة من نفسي وموهبتي".

ويلقى الشقيقان تشجيعاً لافتاً من والدتهما، شرط مواصلتهما التفوق في الدراسة، وهو الأمر الذي يواظبان على تنفيذه. وقبالة بحر غزة، يعزف محمد مقطوعة موسيقية تؤديها غادة بصوتٍ عالٍ وقوي "حلمنا نهار وخيارنا الأمل، تُهدينا الحياة أضواء في آخر النفق، تدعونا كي ننسى ألما عشناه". ويحلم الشقيقان، وهما يسيران على الشاطئ، بأن تتحول الألحان التي يعزفانها عن الأمل والحياة إلى "واقع" يعيشون في ظلاله.

المساهمون