الكابتن غزالي... رحيل "منشد الأرض" بيوم حكم "تيران وصنافير"

الكابتن غزالي... رحيل "منشد الأرض" بيوم حكم "تيران وصنافير"

02 ابريل 2017
(فيسبوك)
+ الخط -



"بينا ياللا بينا.. نحرر أراضينا.. وعظم اخواتنا نلموا نلموا.. نسنوا نسنوا.. ونعمل منه مدافع وندافع.. ونجيب النصر هدية لمصر".. هذه الكلمات وغيرها من الأغنيات التي ألهبت حماس المصريين أثناء مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء، كتبها شاعر المقاومة "الكابتن غزالي" الذي رحل عن عالمنا اليوم.

لعب القدر لعبته وغيّب غزالي "منشد فرقة الأرض" في اليوم الذي أصدرت فيه محكمة الأمور المستعجلة حكمها بسريان اتفاقية التنازل عن أرض "تيران وصنافير" للمملكة العربية السعودية.

تجاوز غزالي الثمانين عاماً، لكنه لم يترك الغناء ولم يترك "السمسمية" التي عزف على أوتارها عشرات من أغنيات المقاومة، إذ كتب أيضاً "غني يا سمسمية.. لرصاصة البندقية.. ولكل إيد قوية.. حاضنة زنودها المدافع.. غني لكل دارس.. في الجامعة والمدارس.. ولمجد بلاده حارس من غدر الصهيونية"، تلك الأغنية التي خلدت آلة السمسمية التي اشتهر بها شعب مدن القناة عموماً، وأهالي مدينة السويس خصوصاً.

ولم يكن الكابتن غزالي مجرد مغنٍ ومؤسس لفرقة غناء شعبية، في زمن الحرب، لكنه تحول إلى رمز للمقاومة في كل مكان وزمان، فأغانيه في حد ذاتها شكلت قنابل ومدافع في مواجهة العدو.

الكاتب الصحافي حسين العشي أرّخ لتجربة فرقة ولاد الأرض في كتابه "سنوات الحب والحرب"، وقال إن الكابتن غزالي وفرقة "ولاد الأرض" ولدا من رحم واحد، هو رحم المقاومة والرفض لكل أنواع القهر والاستبداد، ومن ثم لا يستطيع أي باحث أن يفصل بين الرجل والتجربة.

نشأ الغزالي في مدينة السويس التي ارتبطت بحركة المقاومة ضد كل أشكال القهر والاحتلال، ومنذ سنوات شبابه المبكر انضم لحركة الفدائيين في منطقة القناة ضد وجود قوات الاحتلال البريطاني، وأسهم في العديد من العمليات الفدائية وتعرض لخطر الموت أكثر من مرة، واستمر الغزالي في العمل النضالي حتى أسس فرقة أولاد الأرض بعد النكسة لتقف في وجه من يقبلون الهزيمة والاستكانة، ولتسهم بدور محوري في تحقيق نصر أكتوبر 73.





وكانت بداية "أولاد الأرض" الحقيقية، هي نفسها بداية حرب يونيو 1967، ومعاركها الضارية التي نالت السويس منها النصيب الأكبر، منذ بداية الحرب وحتى انتصار معركة 24 أكتوبر، وفيما بين هذين التاريخين لم تخلع السويس الرداء الكاكي، ولم تعرف لياليها سوى الإظلام التام، تنفيذاً لتعليمات الدفاع المدني.

ظل غزالي يطوف المدن ويزور المهجرين في معسكراتهم الجماعية التي لجأوا إليها في المحافظات المصرية الأخرى أثناء الحرب، ليواسيهم في غربتهم، ويعدهم بالعودة بعد أن يتحقق النصر مردداً أغنيته الشهيرة: "غني يا سمسمية.. لرصاص البندقية.. ولكل إيد قوية.. حاضنة زنودها المدافع.. غني لكل مهاجر.. في الريف أو في البنادر.. في معسكر أو في شادر.. وقولي له على عنيه.. غني ودق الجلاجل.. مطرح ضرب القنابل.. راح تضرب السنابل.. ويصبح خيرها ليا".

انبهر الكثير من المثقفين المصريين والعرب بتجربة "ولاد الأرض"، فزاروا السويس وجلسوا مع الكابتن غزالي في دكانه البسيط الذي يكتظ بمئات الكتب المتاحة لكل عشاق القراءة.

استقبل غزالي في دكانه رموز الفكر والثقافة ومنهم صلاح جاهين، وأمل دنقل، وعبد الرحمن الأبنودي، وشاعر المقاومة محمود درويش، والذي عبّر عن إعجابه الشديد بـ"أولاد الأرض" وقال: "عندما سمعت هذه الكلمات شعرت أنني أتحول إلى تلميذ مبتدئ في مدرسة شعر المقاومة".

تدهورت صحة الكابتن غزالي في مايو/ حزيران من العام الماضي، وطالب أهالي محافظة السويس، والقوى السياسية والشعبية، الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع، بنقله إلى أحد مستشفيات القوات المسلحة بالقاهرة بعد تدهور حالته الصحية.

ودخل الكابتن غزالي، مؤسس فرقة أولاد الأرض، شاعر المقاومة الشعبية، العناية المركزة بمستشفى التأمين الصحي في منطقة حوض الدرس، بالسويس، بعد تدهور حالته الصحية.


وُلد الراحل بمدينة السويس في 10 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1928، وكان يعمل مدرباً للجمباز في المحافظة، وعقب نكسة 1967 أسس فرقة "ولاد الأرض" لبث الروح الحماسية الوطنية في نفوس المقاومة الشعبية وقوات الجيش المصري وطلاب الجامعات خلال حرب الاستنزاف وانتصار أكتوبر/ تشرين 1973. وضمت الفرقة الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، ومحمد حمام والملحنين إبراهيم رجب وحسن نشأت والمطرب محمد العزبي، والذي غنى له "والله هترجع تاني لبيتك ولغيطك يا خال"، من تأليف وتلحين غزالي.

كذلك تغنّى بمؤلفاته كبار المطربين، منهم سمير الإسكندراني الذي غنى له "من برج الحمام بيطل مدفعي"، وفايدة كامل التي غنت له "فات الكتير يا بلدنا"، وأركان فؤاد الذي غنى "أغنية تعظيم سلام".

 

المساهمون