أغنية موقوفة في عيد الميلاد

Baby, it’s cold outside... أغنية موقوفة في عيد الميلاد

25 ديسمبر 2018
سبق أن أدّى الأغنية لويس آرميسترونغ وفيلما ميدلتون(Getty)
+ الخط -
 
إنه موسم الأعياد؛ لكن بتوسيع النطاق الزمني نجد أنه موسم الحراك النسائي وما يترتب عليه من تصحيحٍ سياسي، ونتيجة لهذا التزامن، تم اتخاذ القرار بوقف بثّ أغنية Baby, it’s cold outside عبر معظم الإذاعات الأميركية والكندية. الأغنية التي مضى على إصدارها أكثر من سبعة عقود، وتناوب على غنائها كثيرٌ من الفنانين والفنانات عبر الأجيال؛ من لويس آرميسترونغ ترافقه فيلما ميدلتون، حتى ليدي غاغا يرافقها الممثل جوزيف غوردون-ليفيت.
تشهد الأغنية صعوداً مع اقتراب عطل نهاية العام، لكن هذه المرّة وصل صعودها لذروةٍ غير مسبوقة مع ارتفاع تجاوز 70% في مواقع الستريمينغ مقارنة بأعوامٍ سابقةٍ. لا مفرّ من الإقرار أن هذه الزيادة نتيجةٌ للغط المثار حول كلمات الأغنية ومدى تناسبه ليكون أهزوجةً مسموعةً في الأرجاء خلال الأعياد.
تتكوّن الأغنية من حوار بين شخصيتين وتؤدّى بأسلوب "الدويتو"؛ حيث تتداخل أسطر الشخصيتين، في النسخة الأصلية ومعظم الأداءات اللاحقة؛ يضطلع الذكر بأداء شخصية "وولف" –الذئب- الذي يلحّ على إقناع الأنثى "ماوس" – فأر- بقضاء الأمسية عنده أثناء العاصفة، بينما تقابله بالرفض. كتب فرانك لويسر الأغنية عام 1944 وأدّاها مع زوجته لين غارلاند في أكثر من احتفاليةٍ تضم مشاهير هوليوود في تلك الحقبة.
بعد ذلك، وصلت الأغنية إلى فيلم Neptune’s Daughter ونالت جائزة الأوسكار لأفضل أغنية عام 1949، ومنذ ذلك الحين جرى اعتمادها كأغنية مناسبة للكريسمس، علماً أنّها تخلو من أي إشارةً للمناسبة المجيدة، لكن الفضاء الشتوي الذي يعمّها ولحنها السلس عزز هذا الاستخدام.
أعلنت محطّة ودوك WDOK في كليفلاند أنها أزالت الأغنية من دورتها البرمجية في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول هذا العام؛ بعد ورود اتصالاتٍ تندد بالأغنية والقيم التي تحملها، مما يضرّ بالجهود المبذولة للتصدّي والحدّ من التحرّش بالنساء، إذ إن الأغنية تحمل أسطرا من قبيل: "ببساطة يجب علي القول إن الجواب لا"، و"أختي ستصاب بالشكوك" وهي الجملة التي يردّ عليها الرجل بـ "يا إلهي! شفتاك تبدوان شهيتين"، و"ماذا وضعت في المشروب"، و"أتمانعين في اقترابي؟".

 

إن قراءة الأجزاء السابقة توحي أن الرجل يتقرب بشكلٍ مزعجٍ من الفتاة؛ لكن مراعاة السياق قد تبدّل هذه النظرة السريعة، حيث إن الأغنية تحمل الكوميديا في ثناياها ضمن التبادل السريع في الحوار عبر أسطرٍ سريعةٍ مقفّاة، وهي بدرجةٍ ما تصوّر أنثى ترغب بالبقاء لكنّها مقيّدة بالشروط الاجتماعيّة، فهي يجب عليها أن ترفض ويجب أن تفكّر في أقاويل الجيران والأخ والعمّة العازبة.



استمرّت الأغنية لعقودٍ وهي لا توحي بأكثر من مداعبةٍ ودودةٍ بين مؤدييها قبل اتهامها بالتمحور حول محاولة اغتصاب! حتى أن السطر الأكثر فظاظة المتعلّق بالمشروب يأتي كمبررٍ كثير الاستخدام وهو لوم الكحول على التصرّفات، وهي أيضاً ستقول لاحقاً "ربما نصف كأس آخر".
لا يزال الاجتزاء هو المسبب الرئيسي لفتح هذه السجالات، فالأغنية سبق أن أدّاها رجلان في مسلسل Glee وقد قلبت ليدي غاغا الأدوار الاجتماعية في نسختها، وهنا لا بدّ من طرح التساؤل إن كانت هذه الكلمات ستبدو شنيعةً وتروّج لقيمٍ سلبية في الحالتين السابقتين، وهل من المبرر أن يُنسف جزءٌ من الثقافة الشعبية نتيجة قراءة مضطربة لأغنيةٍ يتوفر لها أكثر من 350 تسجيلا يترأسها راي تشارلز ودين مارتين؟

المساهمون