حصون القذافي باتت مساكن عشوائية ومكبات نفاية

حصون القذافي باتت مساكن عشوائية ومكبات نفاية

فرانس برس

avata
فرانس برس
05 ابريل 2015
+ الخط -

وحدها قطع من البلاط الأخضر تدلّ على أن البيت الأشهر لمعمر القذافي كان قائماً في هذا المكان، قبل أن تحيل الثورة معظم أبنية مجمع "باب العزيزية" في طرابلس إلى ركام، وحصونه في مناطق أخرى إلى سوق للحيوانات ومكب للنفايات.

البيت الذي قصفته طائرات أميركية عام 1986 اختفى تماماً وبقيت أجزاء فقط من أرضيته الخضراء. أمامه آثار السراديب والأنفاق التي تقول روايات سكان العاصمة الليبية إنها كانت تصله بالمطارات والثكنات ووسط المدينة.

وحتى نصب القبضة الذهبية التي تسحق طائرة أميركية أمام "بيت الصمود" الذي ظل يحمل آثار الغارات عليه أزيل من مكانه ونقل إلى مدينة مصراتة الواقعة شرق طرابلس، والتي تعرضت لحصار طويل أثناء الثورة.


وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة السياحة في الحكومة التي تدير طرابلس، عادل محمد فارينة: "كان هذا الموقع رمزاً لحقبة القذافي واليوم دمّر هذا الرمز. تم هدمه وسوي بالأرض".

وأضاف "لم يكن معقولاً أن يتحول هذا المنزل إلى متحف لأنه لا يمكن أن نقيم متحفاً لحقبة سوداء كهذه. قد نذكرها بفقرة بسيطة في بعض المراجع والكتب، لكن أن يبقى كما هو، فلا".

وليس معلوماً التاريخ المحدد لتدمير هذا المنزل الذي كان يستقبل القذافي ضيوفه فيه. لكن السلطات أمرت في أغسطس/آب 2012 ببدء هدم أبنية المجمع، معلنة عن نيتها تحويل حصن باب العزيزية الواقع في جنوب العاصمة والمقام على مساحة نحو ستة كيلومترات مربعة، إلى متنزه.

وتعطل المشروع بعدما تدفق عشرات اللاجئين إلى المجمع واحتلوا ما تبقى من أبنيته القليلة.

ويدخل السكان عبر بوابة صغيرة إلى جانب المدخل الرئيسي السابق للمجمع ويركن بعضهم سياراتهم أمام المواقع التي يقيمون فيها. وهناك آخرون ينشرون ملابسهم المبللة على نوافذ هذه المواقع وشرفاتها.

وكتبت على جدران ما تبقّى من الأبنية أسماء كتائب الثوار التي دخلت باب العزيزية وأسماء مقاتلين قتلوا خلال مواجهتهم قوات القذافي، إلى جانب شعارات مناهضة له بينها "أين أنت يا مؤلف كتاب الافتراء"، في إشارة إلى "الكتاب الأخضر".

وفي عام 1969 عقب الانقلاب الذي حمله إلى السلطة، أقام القذافي في منطقة باب العزيزية وبدأ يتوسّع في حصنه. وقام بهدم منازل مجاورة لمقر إقامته وألغى طرقاً كانت تمر بالقرب منه.

وأحيط المجمع الذي كان يضم معسكرات وخيم استقبال ومقرات سياسية ومنازل للقذافي، بثلاثة أسوار أسمنتية؛ أولها سور رئيسي على الطريق العام طلي بالأخضر وامتد على مسافة نحو 7300 متر، ولم تكن تبرز منه سوى أبراج المراقبة. وقد استبدل اليوم بسور حديدي أبيض.

ويقول حسن الذي يعمل سائقاً في طرابلس "كانت الناس تخاف حتى أن تنظر إلى السور خشية أن يجري اعتقالها وتتجنب كذلك السير على الرصيف الموازي له".

ولم يطل التدمير أو التخريب بيت القذافي في طرابلس فقط، بل إن منازل الرجل الذي حكم ليبيا لأربعة عقود بيد من حديد قبل أن يقتل في الثورة، واجهت المصير نفسه في أماكن أخرى، وبينها مقره في سبها جنوباً ومنزله قرب مدينة شحات الأثرية شرقاً، والذي لا يزال يحافظ على بعض معالمه.

وفي بنغازي على بعد نحو ألف كلم شرق طرابلس، أقامت مجموعة من التجار سوقاً للحيوانات في مقر القذافي الذي كان يعرف باسم "كتيبة الفضيل بو عمر" ويمتد على نحو عشرة هكتارات.

وتنتشر في السوق أقفاص الطيور والحمام وتعرض في صفوف يقف خلفها تجارها وأمامها الفضوليون والمشترون الذين يتنافسون في الحصول على الطيور والقطط والكلاب بأسعار تتخطى أحياناً مئات الدولارات.

وكما حدث في مجمع باب العزيزية، استقرت عائلات لاجئة في بعض المقار داخل المعسكر الذي يعود إلى فترة الاحتلال الإيطالي.

ويقول محمد سليمان (43 عاماً) أمام مجموعة من الأطفال وسيارة متهالكة "كنا نحلم بحياة أفضل عقب سقوط القذافي، لكن ها نحن نعيش على أنقاضه".

وأضاف "هذه رسالة قوية نوجهها إلى حكام ليبيا الجدد. لو منح القذافي الليبيين حرية وكرامة ومستوى معيشة لائقاً لما سقط عرشه وصرنا نحن هنا".

وأعيد في المجمع افتتاح شارع كان مقفلاً منذ الثمانينيات ليربط بين شمال المدينة وجنوبها كأطول شارع في بنغازي على امتداد نحو 50 كلم، ويحمل اسم الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر.

أما بيت القذافي الشخصي داخل المجمع، فاحتلته في أوائل عام 2012 جماعة "أنصار الشريعة" الموالية لتنظيم القاعدة وجعلت منه مقراً رئيساً لها، إذ إنه يقع داخل سور محاط بأبنية سكنية لا واجهة خلفية أو نوافذ لها.

لكن هذا البيت تم هدمه وتسويته بالأرض في الحملة الثانية التي أطلقها في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي الفريق خليفة حفتر لاستعادة مدينة بنغازي من أيدي جماعات متشددة، وقد أزيل تماماً، وباتت أطرافه مكبات للنفايات التي يتم حرقها يومياً.

ويقول علي المصراتي وهو يمر بالقرب من المقر "هذا المكان لا يليق به إلا أن يكون مكباً للنفايات، لما حمله خلال فترة قاتمة السواد من ذكريات أليمة".

ذات صلة

الصورة
من أجواء المسيرة المنددة بالعدوان الإسرائيلي في مخيم شاتيلا ببيروت (العربي الجديد)

سياسة

شهد لبنان، اليوم الجمعة، فعاليات شعبية عدة تنديداً بجرائم الاحتلال الإسرائيلي والمجازر التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني وأهالي غزة.
الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.

المساهمون