"الجديد" في نسخة مضادّة... نفس الرداءة والعنصرية

"الجديد" في نسخة مضادّة... نفس الرداءة والعنصرية

26 ابريل 2018
تمارس الفضائية والشبكة العنصرية متجاهلتين اللجوء السوري (سام تارلينغ/Getty)
+ الخط -
لا يزال صدى أغنية (إن صحّ أن تُسمّى أغنية) "نحن صرنا المغتربين"، التي بثتها قناة "الجديد" اللبنانية ضمن برنامج "قدح وجم" يوم الجمعة الماضي، يتردد على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال الانتقادات التي طاولت الفيديو الساخر ذا الطابع العنصري، سواء من الناشطين السوريين أو اللبنانيين، أو حتى وسائل الإعلام التقليدية والبديلة.

هنا، جاء ردّ على ذلك الفيديو، لكنّه كان مثله، برداءته وعنصريته إذ نشرت شبكة "تيلي أورينت"، التي تعرّف عن نفسها باعتبارها منصة إعلامية تطرح مواضيع مختلفة وحساسة وقد تكون شائكة، وتقدمها بأسلوب شيق وبسيط! استخدمت الشبكة الأسلوب ذاته واللحن ذاته لتبتكر كلماتها التي تمثل الوجه العنصري الآخر في المعادلة.





تتجاوز "الأغنية" التي نشرتها "تيلي أورينت" برداءتها وعنصريتها "الأغنية" التي نشرتها قناة "الجديد"، وذلك للأسباب التالية:

ليس خفياً على أحد أن السبب الرئيسي للانتقادات التي وجهت لفيديو "نحن صرنا المغتربين" هو اللهجة والمحتوى العنصريان اللذان استخدما ضد السوريين؛ لكن إذا ما قارنّا بين الأغنيتين، فإن نسخة "تيلي أورينت" قد تتفوق من ناحية المفردات العنصرية على نسخة "الجديد"، حيث تصف اللبنانيين بالنازيين، بل إنها تحدد منطقة وفئة من اللبنانيين وتهاجمهم بشراسة، فهي تفترض بأن هوية المغنية "جنوبية"، وفي هذا تلميح طائفي، وتنتمي لـ حزب الله، رغم أنه لا توجد دلائل تدعم هذا الافتراض، وتسترسل بإثارة العنصرية والتحريض ضد أبناء تلك المنطقة. بذلك، فإن "تيلي أورينت" ترسم صورة نمطية لأهالي جنوب لبنان، وتحرّض الناس ضدهم بشكل فج ومباشر.

من جهة أخرى؛ إن الفيديو الذي طرحته قناة "الجديد"، جاء ضمن برنامج ترفيهي، ورغم أن حساسية الموضوع جعلته يبدو ثقيلاً وغير مضحك، بل مثيراً للغضب والاستفزاز، لكن الشكل الغنائي والرقصات تناسب محتوى البرنامج الذي قدمت فيه؛ في حين أن "تيلي أورينت" تدعي بأنها صاحبة قضية، وتطرح هذه الأغنية كنوع من أنواع الرد الهادف وضمن منظومة إعلامية مدروسة؛ ومحاولة اختلاق معنى للمنتج الرديء يزيد من رداءته وقباحته، فكيف يمكن أن نرى بتلك الرقصات الرديئة والأغنية الهزلية أي قيمة فكرية وتوعوية؟



إلى جانب ذلك، فإن أحد أسوأ الأمور التي يطرحها فيديو "تيلي أورينت" أنه فشل بتحقيق الهدف المطلوب منه، فـ "الأغنية"، فعلياً، لم ترد على العنصرية التي جاءت في ما قدّمته "الجديد" بـ "أكابرية" كما تدعي "تيلي أورينت" عبر صفحتها على فيسبوك، ولم تقم بتنبيه قناة "الجديد" -التي أشارت إليها في المنشور- إلى حجم الإساءة الذي تسببت به للجمهور السوري؛ وعوضاً عن ذلك، قامت بإعطائها مبررات للفيديو الذي نشرته، حيث أوضحت بأن العنصرية ليست من طرف واحد، بل هي موجودة لدى كلا الطرفين.

في النهاية، يبدو جلياً، أن "تيلي أورينت" التي تتذرّع وراء الدوافع الإنسانية وتتراشق مع نظيرتها اللبنانية الهتافات العنصرية، ليست معنية بواقع السوريين في لبنان، بل إنها تقوم بإنتاج ردها "الإنساني" بصورة لا تليق بقضية اللاجئين، الذين يعانون على الأراضي اللبنانية، وفي العالم ربما، ولا سيما في الآونة الأخيرة؛ إذ بدأت بعض البلديات اللبنانية بإجلاء السوريين من أراضيها، التي بات فيها السوريون يجهلون أي مستقبل ينتظرهم في ظل التقلبات والتغيرات المتسارعة.


المساهمون