مصر في مهرجان "كان": مشاركة ثم قطيعة ثمّ عودة

مصر في مهرجان "كان": مشاركة ثم قطيعة ثمّ عودة

16 مايو 2016
نيللي كريم في مشهد من "اشتباك" (فيسبوك)
+ الخط -
بدأت علاقة مصر بمهرجان "كان" السينمائي الفرنسي منذ الدورة الأولى في المهرجان عام 1946. كانت مصر من صنّاع السينما المهمين في العالم دون فوارق كبرى، ولذلك اختار المهرجان فيلم "دنيا" للمخرج محمد كريم ومن بطولة راقية إبراهيم كي يشارك في المسابقة الرسمية خلال دورته الأولى، إلى جانب وجود الممثل والمخرج يوسف وهبي ضمن لجنة التحكيم.




هذا الحضور منذ الانطلاقة الأولى تبعته مرحلة من التواجد المكثف والمستمر، حيث كانت الأفلام المصرية ضيفاً دائماً ضمن مسابقة المهرجان.

10 أفلام في 20 عاماً:

يظهر ذلك واضحاً عند ذكر إحصائية عرض 10 أفلام مصرية ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان بين أعوام (1949 و1969)، ووقتها استفادت السينما في مصر من دعم الدولة للأفلام، تحديداً بعد يوليو 1952 وتولي جمال عبد الناصر مقاليد الأمور، حيث الكثير من التسهيلات الإنتاجية وتبني عدد من المخرجين المهمين، مما يسمح بخروج أفلام على مستوى فني عال.

تواجد مصر في "كان" ارتبط بأسماء مخرجين كبار وقتها، على رأسهم يوسف شاهين، الذي درس السينما في أميركا وصنع أفلاماً ذات مستوى تقني مرتفع، إلى جانب ارتباطها بأمور تخص الشرق، ليعرض له "ابن النيل" (عام 1952)، ثم "صراع في الوادي" (1954) انتهاءً بفيلم "الأرض" (1969) الذي نال احتفاءً كبيراً عند عرضه في "كان" وقتها.


يوسف شاهين وفاتن حمامة – عرض فيلم "صراع في الوادي" في المسابقة الرسمية (1954)/أرشيف صور المهرجان




















صلاح أبو سيف كذلك كان مخرجاً له حضور قوي في مهرجان "كان" خلال تلك المرحلة، وعلى الأغلب عكست أفلامه الدرامية تصوراً يملكه الغرب عن مصر، فعرض له "مغامرات عنتر وعبلة" (1949)، "الوحش" (1954) وأخيراً شباب امرأة (1956).

تحية كاريوكا – عرض فيلم "شباب امرأة" في مهرجان كان 1956/  أرشيف صور المهرجان



















أما المخرج الثالث الذي تعامل المهرجان بتقدير مع أفلامه فكان كمال الشيخ، الذي عُرض له فيلمان، تميز فيهما بقالب الإثارة والغموض، سواء في فيلم يدور بالكامل في شوارع القاهرة مثل "حياة أو موت" (1954) أو آخر تظل الحقيقة معلقة فيه حتى المشهد الختامي في "الليلة الأخيرة" (1964).

أما الفيلمان الباقيان فهما "البيت الكبير" للمخرج أحمد كامل مرسي الذي عرض عام (1949)، والثاني هو "الحرام"، إحدى ذرى الواقعية في السينما المصرية من إخراج هنري بركات (1965).

بعد ذلك، ومع نهاية الستينيات، دخلت السينما المصرية في دوامة بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، وتوقف الدولة عن دعم وإنتاج الأفلام، مما أدى لجفاف طويل.


مرحلة القطيعة:

منذ عام 1969 وحتى ثورة 25 يناير 2011 أصبح حضور السينما المصرية في مهرجان "كان" نادراً وشرفياً إلى حد بعيد، ارتبط في أغلبه بالمخرج يوسف شاهين، الذي عرض له 7 أفلام من أصل 10 فقط عرضت خلال 4 عقود، حيث احتفظ "شاهين" بعلاقات جيدة مع الموزعين والمنتجين الفرنسيين. إلى جانب ارتفاع المستوى الفني والتقني لأفلامه بالمقارنة بأي سينمائي مصري آخر، مما أدى لأن يكون ضيفاً دائماً، ويعرض له: "العصفور" (1973 – قسم نصف شهر المخرجين)، و"وداعاً بونابرت" (1985 – المسابقة الرسمية)، و"إسكندرية كمان وكمان" (1990 – نصف شهر المخرجين)، و"القاهرة منورة بأهلها" (1993 – نصف شهر المخرجين)، و"المصير" (1997 – المسابقة الرسمية)، و"الآخر" (1999 – نظرة خاصة) و"إسكندرية نيويورك" (2004 – نظرة خاصة).

بينما كانت الأفلام الثلاثة المصرية الأخرى التي عرضت في مهرجان "كان" هي: "عودة مواطن" للمخرج محمد خان في قسم "نظرة خاصة" (1985)، و"الحب فوق هضبة الهرم" للمخرج عاطف الطيب في قسم "نصف شهر المخرجين" (عام 1985 أيضاً وهو العام الذي شهد عرض 3 أفلام مصرية في أقسام المهرجان المختلفة) وأخيراً "سرقات صيفية" للمخرج يسري نصر الله في "نصف شهر المهرجين" عام 1988.

خلاف ذلك ظلت القطيعة مستمرة، وطوال التسعينيات والسنوات العشر الأولى من الألفية لم يعرض أي فيلم مصري في أقسام المهرجان باستثناء حضورات يوسف شاهين المعتمدة على اسمه الكبير في المهرجان.


الثورة تقفز بالسينما المصرية:

منذ عام 2011 تغيرت العلاقة بين المهرجان والسينما المصرية، أصبحت مصر والربيع العربي وما حدث في ميدان التحرير في ثلاثة أسابيع خاطفة هو أكثر ما يريد العالم فهمه ورؤيته واستيعابه.

لذلك فخلال السنوات الست الأخيرة عرضت 3 أفلام مصرية في المهرجان على صلة بالثورة، أولها هو "18 يوم" الذي قام بإخراجه 10 مخرجين (من بينهم يسري نصر الله وشريف عرفة وأحمد عبد الله) قدموا رؤيتهم للثورة في 10 أفلام قصيرة، وتم عرضه خارج المسابقة ضمن "عروض خاصة" في المهرجان.



قبل أن تعود مصر للمسابقة الرسمية عام 2012 لأول مرة منذ 15 عاماً، وذلك مع عرض فيلم "بعد الموقعة" للمخرج يسري نصر الله، والذي تناول فيه رؤيته للثورة من خلال شخصيات في منطقة نزلة السمان في القاهرة.


وأخيراً جاء فيلم "اشتباك" للمخرج محمد دياب الذي افتتح قسم "نظرة خاصة" في الدورة الحالية.

المساهمون