"من 30 سنة": رحلة البحث عن "التويست" السينمائي

"من 30 سنة": رحلة البحث عن "التويست" السينمائي

16 يوليو 2016
منى زكي (فيسبوك)
+ الخط -
خلال السنوات الأخيرة في السينما المصرية، أصبح "التويست"، أي الانقلاب الدرامي المفاجئ في ختام كل عمل، خصوصاً لو كان غير كوميدي، هو الأمر الشاغل لصناعه دائماً. لم يعد يحدث كثيراً، أن يحكي كاتب سيناريو أو مخرج، حكاية عادية دون تقلبات ومفاجآت، والأسوأ هو أن تتحول "المفاجأة" إلى الهدف في حد ذاته. وأكثر أفلام حقَّقت إيرادات في شباك التذاكر خلال السنوات الأخيرة مثل "الفيل الأزرق"، و"ولاد رزق"، وحتى "هيبتا"، كانت تحمل في نهايتها انقلاباً درامياً. الفارق فقط أن تلك الأفلام، بُذِل فيها مجهود حقيقي في العمل، ولم يكن "التويست" مُجرّد هدف أو فائض، بقدر ما هو إغلاق لقوس القصة. في الفيلم الجديد، "من 30 سنة"، جلسنا لساعتين ونصف لنشاهد فقط تمهيداً طويلاً جداً للمفاجأة التي تحدث في الختام، وهذا ليس كافياً أبداً لصناعة فيلم جيد. أحداث الفيلم تدور حول "عمر"، الثري العائد من الخارج، والذي يقرر أن يقسم ثروته الضخمة على أفراد عائلته الذين ينقسمون لثلاثة أجيال مختلفة، آباء وأبناء وأحفاد. ولكن قبل هذا التقسيم، يخبرهم أن تلك الثروة "ملعونة"، دون أن يأخذ أي منهم كلامه بجدية، قبل أن تبدأ ملامح تلك اللعنة تظهر فعلاً في حوادث متتالية، ويبدأ "عماد"، ابن عمته وأحد أفراد العائلة المعنيين بالثروة، في البحث عن السبب في كل ما يحدث.
سبق لثلاثي الفيلم (البطل أحمد السقا، السيناريست أيمن بهجت قمر، المخرج عمرو عرفة) أن تعاونوا سوياً في فيلم "ابن القنصل" قبل 6 سنوات. كان فيلماً جيداً ومسلياً، كوميديا هزلية تبنى خلالها الأحداث من خلال 3 شخصيات، قبل أن تحدث بعض المفاجآت المناسبة لحبكة الفيلم في النهاية. وكان العمل مناسباً لقدرات كل واحد منهم، تحديداً بهجت قمر وعرفة، في الكتابة والإخراج، حيث الأجواء الكوميدية والشخصيات الهزلية المحددة. الفارق الحقيقي بين هذا الفيلم، وبين "من 30 سنة"، أن الأخير هو فيلم غموض وإثارة بالأساس، وهذا هو الشكل الذي يطرح به نفسه منذ العرض الدعائي والبوستر وصولاً إلى الحبكة والسؤال الضخم الواضح عن "سبب اللعنة وأسرارها؟" ولم يبد أبداً أن بهجت قمر و"عرفة" يجيدون صنع تلك الأجواء الحرفية في أفلام الغموض، وشد وتر الإيقاع والمشاهد، ولذلك فما حدث أنهم لجؤوا لمنطقة آمنة في تقديم الأحداث والشخصيات وهي الكوميديا، فخرج الفيلم هجيناً. في نصفه الأول، تقديم هزلي ومشاهد غرضها الإضحاك وأجواء أسرية هادئة. ثم في نصفه الثاني، بدأ تصنُّع الجدية والتعامل على "أننا الآن في موقف خطير وهناك حقائق وأسرار ستقلب الطاولة"، هذا التناقض بين أجزاء الفيلم المختلفة كان نقطة ضعف واضحة جداً، وأدى لتفاوت في استقبال العمل من قبل الجمهور في صالة السينما عبر نصفيه، خصوصاً أن الأجزاء المرتبطة بالإثارة كانت أضعف في تصويرها وكتابتها ومستواها التقني من بقية العمل في طبعته الكوميدية.
السبب الثاني، والفارق عن "ابن القنصل"، هو عدد الشخصيات. الفيلم مشغول جداً بطرح ما يقارب الـ10 شخصيات في محاولة أن يصنع لكل منها دوراً في الحكاية و"التويست"، ولكن، لأن المفاجأة هي الهدف الحقيقي، فإننا لا نهتم بأي شكل بأمر الشخصيات، ولا نأخذها بجدية، ويصبح التنقل بينها فائضاً في أغلب الأحيان، وهو أمر أثر جداً على الأداءات، فهناك ممثلون يحاولون مثل ميرفت أمين وشريف منير، وهناك من ظلمتهم الشخصيات في عدم وضوحها مثل جميلة عوض ونور، وهناك منى زكي وأحمد السقا المتواجدان بنجوميتهما، ولكن سيناريو الفيلم لا يساعدهم أبداً، فيظهران بمساحات كبيرة على الشاشة دون جديد، خصوصاً منى زكي التي خرجت لتوها من أداء هائل في مسلسل "أفراح القبة" لتظهر في العيد بشخصية هزلية في فيلم جاد ومكتوب بنفس وحس كوميدي مزعج وفج ومبالغ فيه وغير مناسب فعلاً لشكل العمل.

المساهمون