ذكرى ميلاد: سيّد درويش.. في تلحين ثورة 1919

ذكرى ميلاد: سيّد درويش.. في تلحين ثورة 1919

17 مارس 2019
(من غلاف أسطوانة لسيّد درويش)
+ الخط -

تتزامن ذكرى ميلاد سيّد درويش (1892 – 1923) هذا العام مع الاحتفال مئوية "ثورة 1919" التي مثّلت اللحظة الأكثر إشعاعاً وتدفّقاً في مسيرته، حين تحوّل من حلم التلحين والغناء في المسرح إلى محاولة التعبير عن شعب خرج للشارع يرفع صوته في وجه المستعمر. لقد حوّلته لحظة ثورة 1919 من ملحّن طموح إلى "فنان الشعب".

يصعب أن نفهم سيّد درويش، بتعدّد أبعاده، من دون ثورة 1919، ومن العسير أن نستعيد ملامح هذا الحدث التاريخي دون أغاني سيّد درويش، حتى يبدو كأنه لحّن لنا هذه الثورة، وهو الذي تمنّى ذات يوم أن يلحّن "الجورنال".

يمكن أن نستحضر هذه العلاقة بين سيّد درويش وثورة 1919 في سياقين، الأول يتعلّق بآخر طبعة ثورية عرفتها مصر؛ "25 يناير" والتي بدت وكأنها ظلّت تبحث دون جدوى عن "فنان شعب" جديد، قبل أن توأد كلّ الاحتمالات، وتهدر الطاقة الثورية في مسالك شتّى. حال مصر في ذلك كحال تونس وغيرها من البلاد التي عرفت انتفاضات شعبية في نفس الفترة الزمنية. على مسافة زمنية غبر بعيدة، نشعر أن هذه الثورات لم تجد من يلحّنها، إنها أشبه ببويضة لم تجد من يلقحها فنياً.

من جانب آخر، يمكن استحضار العلاقة بين سيّد درويش وثورة 1919، ونحن نرى الاحتفالات بمئويّتها في مصر منذ أيام. هل تستطيع ضوضاء هذه الاحتفالات أن تخفي القطيعة بين 1919 و2019؟ هؤلاء الذين يسهرون اليوم على ترتيب الاحتفالات بثورة 1919، ماذا فعلوا بثورة 2011؟

حين ننظر في مشهد الاحتفالات سنجد أن هؤلاء لا يفهمون الاحتفاء بحدث تاريخي إلا بتحويله إلى فولكلور. وتلك محاولة تتخذ أشكالاً عديدة في فصل الناس عن انتماءاتهم للتاريخ وهموم الوطن. من حسن الحظ لا يمكن فصل نشيد "بلادي بلادي" أو أغان مثل "أهو دا اللي صار" و"ما قلتكش ان الكترة" عن سياقاتها الثورية، عن كونها اشتغالاً فنياً للتعبير عن إرادة الشعب.

المساهمون