ارتباك معركة الموصل: "الحشد" تفتح جبهة تلعفر بإيعاز إيراني

ارتباك معركة الموصل: "الحشد" تفتح جبهة تلعفر بإيعاز إيراني

30 أكتوبر 2016
دخلت مليشيات "الحشد" المعركة من المحور الغربي(بولينت كيليش/فرانس برس)
+ الخط -


بدا مشهد معركة الموصل أمس السبت مرتبكاً ومشتتاً، بين وقف القتال الذي أعلنته قيادة التحالف الدولي، ودخول مليشيات "الحشد الشعبي" المعركة من المحور الغربي، وسط مخاوف من أن يصب ذلك في صالح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عبر استغلاله الأمر لتعويض خسائره التي تكبّدها خلال الأيام الماضية من المعركة، وأن يدفع المدنيون الثمن بأرواحهم.
وجاء إعلان مليشيات "الحشد" دخول المعركة بعد أيام قليلة من وصول قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى بغداد، حيث بدأ التنسيق مع قادة المليشيات لمعركة الموصل، لتعلن "الحشد" دخولها المعركة من المحور الغربي وتحديداً مدينة تلعفر، القريبة من تركيا، بعدما كان وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، حذر من أن بلاده ستتخذ تدابير أمنية في حال تشكيل قوات "الحشد" خطراً على أمن تركيا، قائلاً "إننا مصممون على حماية حقوق أشقائنا التركمان هنا (في تلعفر)، ونحن قادرون على ذلك، وفي حال تعرضهم لهجمات فلن نقف غير مبالين".
وتفاوتت المعادلة العسكرية على الأرض في جبهات القتال بعد إعلان التحالف الدولي وقف العمليات ليومين، إذ إن وجود التحالف وغطاءه الجوي للقطعات العراقية كان العامل الرئيس بإحراز التقدّم، وبالتالي أُجبرت قطعات الجيش والبشمركة على الالتزام بإعلان التحالف وأوقفت معاركها، بينما استمرت قطعات الشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الإرهاب بقتالها متجاوزة القرار، الأمر الذي تسبب بارتباك في جبهات على حساب أخرى.
ومع فجر أمس السبت، خيّم الهدوء الحذر على معظم محاور القتال في الموصل. وقال ضابط في قيادة العمليات العراقية المشتركة، لـ"العربي الجديد"، إن المناوشات مع عناصر تنظيم "داعش" كانت مستمرة حتى ليلة الجمعة، لكنّها توقفت صباح السبت بشكل مفاجئ، لافتاً إلى أنّ "القتال قد يندلع مجدّداً في أية لحظة بسبب قرب خطوط التماس مع مسلحي التنظيم في مختلف محاور القتال". وأضاف أنّ "القطعات العراقية المتمثلة بالجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب، لا تكترث بما يصدر من بيانات وتصريحات سياسية"، مبيناً أنها تأخذ أوامرها من القيادات العسكرية الميدانية حصراً. ورجّح "اندلاع القتال مجدداً في حال أمر قادة عمليات تحرير الموصل بذلك".
فيما أكّد العقيد من قيادة عمليات نينوى سلام العامري، أنّ "إعلان التحالف الدولي تعليق القتال في محاور الموصل لمدة يومين، كان مفاجئاً وأربك القطعات العراقية". وقال العامري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القطعات العراقية كانت مستمرّة بالتقدّم في كافة المحاور، لكنّ قرار التحالف لم يكن متوقّعاً في هذا التوقيت، وأُجبرت بعض القطعات العراقية ومنها البشمركة على الالتزام به، بينما لم تلتزم به الشرطة الاتحادية ولا قوات مكافحة الإرهاب، الأمر الذي تسبّب بخلاف باستلام الأوامر العسكرية، وقضى على وحدة القرار العسكري". وأشار إلى أنّ "القيادات العسكرية ستعقد اجتماعاً لبحث هذه التداعيات وتأثيرها الميداني، وضرورة أن يكون هناك قرار عسكري واحد تلتزم به كل القطعات العسكرية دون استثناء".


من جهتها، أعلنت عضوة تحالف القوى عن محافظة نينوى وصال سليم، أنّ "دخول الحشد الشعبي في معركة الموصل غير مرحب به". وقالت سليم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي الموصل يرحبون بقوات الجيش والشرطة والبشمركة والقوات العشائرية في تحرير المحافظة"، مؤكدة أنّهم "يريدون أن لا تتكرّر مأساة الفلوجة وصلاح الدين وديالى في الموصل، وأن لا تكون أي مشاركة للحشد الشعبي في المعركة". وشدّدت على "ضرورة أن تكون معركة الموصل نظيفة وغير طائفية".
بينما حذّر النائب عن ائتلاف الوطنية، عبد الكريم عبطان، من "خطورة تأثير الخلافات على معركة الموصل". وقال عبطان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "القائد العام للقوات المسلّحة يتحمّل مسؤولية تقدير الموقف العسكري في الموصل، وعليه أن يرى مجريات المعارك الميدانية ليتخذ القرار المناسب إزاءها"، مشيراً إلى أنّ "معركة الموصل حساسة وخطيرة، وتتطلّب القرار العسكري الدقيق، الذي يضمن الحفاظ على وحدة المحافظة وتعزيز تعايشها السلمي، ويضمن أمن المدنيين وفتح ممرات آمنة لهم، فضلاً عن تحديد القوات التي تشارك في المعركة من غيرها". وأكد أن "أي مشاركة من أي جهة عسكرية يجب أن تصب في صالح سير المعركة، وأن لا يكون لها أثر سلبي على القطعات الأخرى أو على حياة المدنيين"، محمّلاً رئيس الحكومة حيدر العبادي "مسؤولية كل ذلك".
من جهته، رأى الخبير العسكري عبد الرحمن الغانم، أنّ "تعليق واشنطن لمعارك الموصل جاء بسبب دخول الحشد المعركة تحت إشراف قائد فيلق القدس قاسم سليماني". وقال الغانم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الولايات المتحدة لا تريد أن تقاتل إلى جانب مليشيات الحشد وإلى جانب سليماني، وهي خاضت المعركة مع القطعات العراقية لمدة 12 يوماً وحقّقت تقدّماً كبيراً، لكنّ عجز الحكومة العراقية عن منع المليشيات من دخول المعركة دفع باتجاه تعليقها".
وأضاف أنّ "معركة الموصل شهدت اليوم (أمس) ارتباكاً واضحاً بين القطعات المقاتلة، فبعضها التزم بالوقف وبعضها الآخر لم يلتزم، الأمر الذي سيمنح تنظيم داعش ثغرة أمنية واضحة قد يستغلها لتغيير معادلة المعركة وقلبها لصالحه". وأشار إلى أنّ "القطعات العراقية لا تستطيع تحقيق الانتصار والاستمرار في المعارك بلا غطاء جوي من قِبل التحالف الدولي، وأنّ التحالف قد يمدّد قرار التعليق، ما قد يتسبب بشلل المعارك بشكل كامل، وهذا بحد ذاته فرصة لتنظيم داعش يلتقط خلالها أنفاسه ويعيد تنظيم صفوفه من جديد، ويكسب الوقت".
وأكد الغانم أنّ "معركة الموصل أصبحت بحاجة لاتفاقيات جديدة، بعد أن دخلت المليشيات فيها"، موضحاً أنّ "واشنطن تحتاج إلى تعهدات من قِبل الحكومة بهذا الصدد أو تقديم تنازلات لواشنطن مقابل قبولها بوجود الحشد في المعركة، وهذا كلّه على حساب الموصل وأهلها".

المساهمون