خلافات باكرة في حكومة ميركل: الإسلام واللجوء والعدالة الاجتماعية

خلافات باكرة في حكومة ميركل: الإسلام واللجوء والعدالة الاجتماعية

19 مارس 2018
انتقد عدد من الوزراء تصريحات زيهوفر (أود أندرسن/فرانس برس)
+ الخط -


بعد أيام قليلة على تأدية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليمين الدستورية، ودخول حكومتها الرابعة مرحلة العمل الفعلي، بدت الاختلافات في المواقف واضحة بينها وبين البعض من وزرائها، إلى حدّ تراشق الاتهامات الكلامية بين الوزراء أنفسهم نتيجة بعض المواقف أو السياسات التي ينوون اعتمادها داخل وزاراتهم، فيما المستشارة آثرت بدء عملها بالتركيز على الهمّ الأوروبي، فحطّت رحالها يوم الجمعة الماضي، في باريس، وأجرت محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الترتيبات المفترض العمل عليها من أجل التعاون والإصلاح على المستوى الأوروبي والدولي.

حكومة ميركل الجديدة لن تكون بمنأى عن الكثير من الصراعات بين أطرافها، خصوصاً أن بعض الوزراء داخل حكومتها سيشكلون عبئاً عليها. وهذا ما تجلّى أخيراً بتصريحات وزير داخليتها هورست زيهوفر لصحيفة "بيلد"، الذي اعتبر فيها أن "الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا". ما دفع ميركل للنأي بنفسها عن تلك المواقف، وتجديد موقفها السابق بأن "الإسلام جزء من ألمانيا"، ومشدّدة على "ضرورة بذل كافة الجهود لصياغة حياة مشتركة على نحو جيد بين الأديان".

وانسحب أمر التوضيح على العديد من الوزراء داخل الحكومة لتبيان موقفهم وتوجيه اللوم لزميلهم في الحكومة، ومنها ما جاء على لسان وزير العمل الاشتراكي هيبرتوس هايل، الذي اعتبر في حديث صحافي أن "الجدل الذي يثيره زيهوفر بشأن الإسلام يخدم فقط مزاجاً معيناً قبل الانتخابات البرلمانية في ولاية بافاريا الخريف المقبل"، التي سلّم فيها زيهوفر قبل يومين رئاسة حكومتها إلى وزير المالية في الولاية ماركوس سودر، للتفرغ لعمله على رأس وزارة الداخلية.

وعدا السياسيين، كان هناك موقف لافت للإعلامي الساخر يان بومرمان على موقع "تويتر" جاء فيه إن "هورست زيهوفر لا ينتمي إلى كل ما هو خارج بافاريا"، فيما طالب المجلس الأعلى للمسلمين السياسيين الألمان بإخراج المسلمين من حساباتهم الانتخابية.




واعتبر باحثون أن "موقف زيهوفر ظرفي ولأغراض انتخابية بحتة وفي التوقيت الخطأ، خصوصاً أن العديد من المؤسسات الإسلامية تتعرض خلال الفترة الأخيرة للاعتداءات وعمليات الحرق، ويشعر المسلمون أنهم في موقف دفاعي ويطالبون بالتضامن والدعم". كما اعتبر باحثون أنه "سيكون من الضروري على الحكومة الاتحادية البدء بمناقشة ما إذا كان زيهوفر يصلح ليكون الشخص المناسب لوزارة الداخلية الاتحادية".

وظهرت يوم السبت، مواقف لسياسيين من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أشارت إليها صحيفة "هامبورغر مورغن بوست"، حول التوجه المستقبلي لحزبهم ومطالبتهم بتجديد برنامج الحزب، وانتقادهم السياسة المالية لوزير حزبهم في الحكومة الجديدة أولاف شولتز، واعتبروا أن "موازنة متوازنة تماماً ومن دون عجز لا يمكن اعتبارها هدفاً سياسياً مستقلاً، وبالتالي يجب على المرء أن ينقذ نفسه في المستقبل وأن يستثمر في التعليم والإسكان والنقل والبنية التحتية الرقمية لأن الأمر متعلق بفرص الحياة الجيدة لجميع الأجيال، حسبما جاء في ورقة البحث، التي دعوا فيها إلى الابتكارات الاجتماعية. وعللوا ذلك بأن "الموقف من الليبرالية الجديدة عفا عنه الزمن، والناس في ألمانيا لم يعودوا آمنين، وتبقى المطالبة بتعزيز التأمين القانوني للأجور بدلاً من الاعتماد على شركات التأمين. والحاجة باتت ملحة لإعادة تنظيم السياسة الاجتماعية ليتمكن الناس من الاعتماد على الدولة القوية، وحيث تريد العقول الشابة مزيدا من الشفافية واستعادة الثقة المفقودة".

وفي ملف اللجوء والهجرة استذكر المراقبون مقولة ميركل: "لا أستطيع أن أرى ما ينبغي أن نفعله بشكل مختلف الآن"، مشيرين إلى أن "تلك العبارة لميركل تتردد مع ازدياد الشوق إلى التغيير في ذهنية التعاطي مع الملفات، وهي التي وافقت أخيراً وزير الداخلية الجديد بتسريع عمليات الترحيل. الأمر الذي دفع المنظمات الإغاثية وحقوق الإنسان لإبداء رفضها لتلك التوجهات، مخافة أن يتعرّض الكثير من المرحّلين للاضطهاد في بلدانهم". وهو ما تخوّف منه أيضا حزب اليسار، الذي أوضحت المتحدثة باسمه أوله يلبكه أخيراً لوكالة الأنباء الألمانية أن "السياسة التي ينوي أن يعتمدها الوزير تدفع إلى الخوف من أن يكون هناك المزيد من الترحيل التعسفي". كما حذّرت جمعية "برو أزول" المدافعة عن حقوق اللاجئين من الآلية المطروحة القاضية بإنشاء مراكز إيواء مركزية لاحتواء اللاجئين، للبتّ بطلبات لجوئهم، ما وُصف من قبل المنظمة بـ"الأمر الذي يساهم في الترويج للشعبوية اليمينية".



دلالات