الخليج 2015... العيش على وقع الحروب والنفط والإرهاب

الخليج 2015... العيش على وقع الحروب والنفط والإرهاب

03 يناير 2016
الملف اليمني بدّل المعطيات هذا العام (أحمد علي/ الأناضول)
+ الخط -
حجز عام 2015 مكاناً مهماً له في الذاكرة الخليجية، حتى ولو لم يكن عاماً سعيداً، لكنه بات امتداداً للعام السابق، في ملفات عدة. وتراوح تلك الملفات بين مواجهة الإرهاب، والدخول في مناوشات سياسية مع إيران. كما شهد العام الحالي تحوّلاً جذرياً في السياسة الخارجية الخليجية، السعودية تحديداً، وذلك باستخدام القوة العسكرية بشكل مباشر، مع بدء الحرب في اليمن، بدعم التحالف العربي الذي شكّلته المملكة. أما على الصعيد المحلي، فلم يأتِ عام 2015 بالكثير للخليجيين، مع بروز ملامح تراجع اقتصادي في ظلّ هبوط أسعار النفط، العصب الاقتصادي الأهم لدول المنطقة. وبالنسبة للمرأة الخليجية، فقد كان العام ناجحاً في السعودية وعُمان والإمارات.

إرهاب وخلايا

كان عام 2015 دموياً في الكويت والسعودية، بعد استهداف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مساجد في البلدين، وتشكيله خلايا إرهابية، قامت بتخزين السلاح، والتدرّب عليه. وقد استهدف "داعش" مسجد الإمام الصادق في الكويت في 26 يونيو/ حزيران الماضي، والذي أدى إلى مقتل 27 مصلياً. كما شنّ التنظيم قبلها هجمات مشابهة في السعودية، باستهداف مسجد الإمام علي بن أبي طالب، في بلدة القديح، شرقي المملكة، في 22 مايو/أيار، والذي أدى لمقتل 21 مصلياً. كما تم إحباط عملية انتحارية استهدفت مسجد الحسين بن علي، في حي العنود بالدمام في 29 مايو/ أيار، وأسفرت عن مقتل أربعة أشخاص خارج المسجد. وتواصل مسلسل الاستهدافات، بفعل استهداف رجال أمن سعوديين في حوادث متفرقة، بالإضافة إلى قيام انتحاري بتفجير نفسه في مسجد لقوات الطوارئ، في مدينة عسير، جنوبي المملكة في 6 أغسطس/آب المنصرم، وأدى الهجوم إلى مقتل 15 شخصاً، بينهم 12 رجل أمن.

في هذا السياق، نشطت الكويت والبحرين والسعودية في ملاحقة خلايا تابعة لـ"داعش"، أو خلايا تابعة لحزب الله، كما في الكويت، والتي عُرفت إعلامياً بـ"خلية العبدلي". كما كشفت مملكة البحرين عن وجود خلايا، أكدت أن لها ارتباطات بالحرس الثوري الإيران، مما زاد العلاقات البحرينية ــ الإيرانية سوءاً.

معارك الخليج مع الإرهاب لم تنته، وما دخول الدول الخليجية، عدا سلطنة عُمان، في "التحالف الإسلامي ضد الإرهاب"، إلا دليل إضافي على أهمية مواجهة الإرهاب بالنسبة لهذه الدول، والذي يُتوقع أن يكتسب أهمية مضاعفة خلال الأشهر القليلة المقبلة.

مع إيران

استقبل الاتفاق النووي الإيراني، الموقّع بين إيران ودول "5+1" في 14 يوليو/تموز الماضي، بشكل متباين في الخليج، فبينما كانت عُمان، من المساهمين في الوصول إليه، باستضافتها مداولاته الأولية في مسقط قبل سنوات، هنّأت الكويت والإمارات المرشد الإيراني، علي خامنئي، على الاتفاق. أما السعوديون فاستقبلوا الاتفاق بحذر، ومزجوا بين ترحيبهم به، وخشيتهم من أن يؤدي رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران إلى إطلاق يدها في المنطقة، وزيادة قدراتها على تمويل المليشيات في العراق وسورية.

اقرأ أيضاً: تراجع النفط يقلص الإنفاق على السلاح

وقد بلغت العلاقات السعودية ـ الإيرانية ذروة اضطرابها إبان موسم الحج الأخير. وقد هاجمت إيران السعودية بشكل عنيف، إثر حادثة سقوط الرافعة في الحرم المكي قبيل الحج، في 11 سبتمبر/أيلول الماضي، ثم حادثة التدافع في منى، في 24 سبتمبر/أيلول، والتي راح ضحيتها المئات، منهم قرابة أربعمائة حاج إيراني، من بينهم دبلوماسيون.

كما صعّدت السعودية من لهجتها ضد إيران، من خلال تأكيد المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، قبل الخوض في أي حلّ سياسي في سورية. وسحبت البحرين سفيرها من طهران، وقامت بطرد القائم بالأعمال الإيراني، نتيجة لما اعتبرته "تدخّلاً سافراً في الشؤون الداخلية البحرينية من قبل الجانب الإيراني، وصل إلى حدّ دعم خلايا مسلحة".

في هذا الإطار، اتهمت الكويت أعضاء "خلية العبدلي" بشكل مباشر بالتخابر مع إيران، وبأنهم على علاقة بحزب الله اللبناني، وكان الرد الإيراني باتهام السعودية بأنها تسعى إلى توتير العلاقات الكويتية ـ الإيرانية. بالتالي، فإنه من المستبعد أن يشهد عام 2016 أي تهدئة على صعيد العلاقات الخليجية ـ الإيرانية، إلا أنه من الصعب التنبؤ بأنها ستتحول إلى مواجهة مفتوحة مباشرة، فقد ظلّت العلاقات الخليجية ـ الإيرانية في حالة مدّ وجزر لعقود، من دون أن يتجاوز أي من الأطراف الخطوط الحمر، والتي قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة مفتوحة بين الجانبين.

حرب اليمن

أعلنت السعودية في 26 مارس/آذار عن تكوين تحالف عربي للتدخل في اليمن، تزامناً مع بدء العمليات العسكرية هناك، والتي استهدفت مليشيات الحوثيين، وقوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، في العمليات التي أُطلق عليها اسم "عاصفة الحزم". وهدفت العمليات أساساً لحماية مدينة عدن من اجتياح الحوثيين، بعد سيطرتهم على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014. وشارك في التحالف العربي، كل دول الخليج باستثناء عُمان، بالإضافة إلى المغرب والأردن والسودان واليمن ومصر. وقد أعلنت قوات التحالف العربي آنذاك رغبتها في إيجاد حلّ سياسي في اليمن، يتمثل في تخلي الحوثيين وقوات المخلوع عن السلاح، وخضوعهم للشرعية، والاحتكام إلى طاولة المفاوضات.

مع العلم أن الحرب في اليمن شكّلت تغيّراً كبيراً في السياسية الخارجية السعودية، وفقاً لمراقبين، تمثّل في استخدام قوتها العسكرية للمرة الأولى منذ سنوات، فيما اعتُبر نهجاً مختلفاً عن الميل إلى التسويات السياسية، وتجنّب الصدامات المباشرة، وانتهاج سياسات أكثر محافظة قائمة على الاحتواء لا التصعيد والمواجهة.

لم ينتهِ عام 2015، حتى أعلنت السعودية عن قيام تحالف آخر، إسلامي هذه المرة، لتنسيق الجهود لمحاربة الإرهاب. ويُظهر التحالف الجديد، الذي لم تظهر ملامحه بعد، أن السياسة السعودية في عام 2015 لم تعد كما كانت قبله.

هبوط أسعار النفط

ربما كان هبوط أسعار النفط، من أكبر التحديات التي يجب على بعض دول الخليج التعاطي معها خلال السنوات القليلة المقبلة، وبينما لا تعتمد عُمان والبحرين على النفط بصورة كبيرة في ميزانيتهما، إلا أن النفط يمثل عصب الحياة في السعودية والكويت. لم ينعكس هبوط أسعار النفط، من 115 دولاراً للبرميل تقريباً في نهاية 2014، إلى ما دون الـ40 دولاراً للبرميل اليوم، على حياة الناس في الخليج بصورة مباشرة. وذلك لتمتّع الدول النفطية الخليجية باحتياطات نقدية عالية، ساهمت في تغطية العجز هذا العام، وربما العام المقبل. لكن إذا استمرت أسعار النفط في الهبوط، فإن تغييرات كبرى تنتظر المنطقة، تحديداً في سياسات الإنفاق الحكومي.
وقد بدأت السعودية بتهيئة نفسها لهذا التحول، من خلال الحديث عن تغييرات اقتصادية كبرى مرتقبة في بداية عام 2016، تشمل رفع الدعم عن الطاقة، وفرض ضرائب ورسوم حكومية، والسعي لتنويع مصادر الدخل، من أجل تمويل مشاريع الدولة التنموية، حتى في حال استمرار أسعار النفط في الهبوط لفترة طويلة.

عام المرأة في الخليج

شغلت الانتخابات البلدية في السعودية وسائل الإعلام الغربية والعربية، باعتبارها أول انتخابات تشارك فيها المرأة السعودية في الانتخاب والترشح. وقد حصدت السيدات السعوديات 19 مقعداً في المجالس البلدية في مختلف مناطق المملكة، مما اعتبر خطوة تطويرية كبرى على صعيد مشاركة المرأة في الشأن العام.

السعودية لم تكن وحيدة في ذلك، فقد ترأست أمل القبيسي المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، لتصبح أول امرأة في تاريخ البلاد تصل لهذا المنصب، وفي سلطنة عُمان، أصبحت سعاد اللواتية، أول امرأة تنتخب لمنصب نائب رئيس مجلس الدولة العُماني، منذ انطلاقه في 1997. مع أنه دائماً ما كان هناك جدل حول انعكاس هذه الخطوات على حياة النساء في الخليج، إلا أنها تطورات قُوبلت بترحيب محلي ودولي واسع، بانتظار أن تحمل الأيام حضوراً أكبر للمرأة الخليجية في الفضاء العام.

اقرأ أيضاً: حكومات الخليج تتأهب لجمع تمويلات قياسية من أسواق السندات

المساهمون