السياسة اللبنانية على وقع القلمون... وعون يلعب بالوقت الضائع

السياسة اللبنانية على وقع القلمون... وعون يلعب بالوقت الضائع

19 مايو 2015
نصر الله بارك خطوة عون التعجيزية (Getty)
+ الخط -
في بيروت، تستحوذ معركة القلمون الغربي، عند الحدود الشرقية بين لبنان وسورية، على المشهد السياسي والإعلامي. تقدّم حزب الله في هذه التلة وتراجع في أخرى، سقط له عشرات القتلى أو البضعة منهم، مع تأكيد الحزب على أنّ "معركة الربيع" باتت معركة دفاعية لحماية الحدود اللبنانية. جاء الخطاب الأخير للأمين العام في حزب الله، حسن نصر الله، ليؤكد على أنّ معركة القلمون تحوّلت إلى مستنقع يستنزف الطرفين، بدون سقف زماني ولا وعود قادر نصر الله نفسه على قطعها بالحسم وبالانتصار. عادت لغة "التخويف" إلى خطاب نصر الله في محاولة لدفع اللبنانيين، تحديداً سكان البقاع (شرقي لبنان)، إلى الالتفاف حوله لدرء الخطر الآتي من خلف الحدود. أبرز النقاط الجغرافية التي أعلن نصر الله السيطرة عليها تقع في عمق الأراضي السورية، وتبعد كيلومترات عن الحدود اللبنانية، الأمر الذي يدفع المقاتلين السوريين إلى التوجه باتجاه الجرود الفاصلة بين البلدين، أي إجبارهم بشكل أو بآخر على الدخول إلى الأراضي اللبنانية.

إقرأ أيضاً: نصر الله يحرض على مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال


في سياق الخطاب نفسه، من جملة ما تطرّق له نصر الله الوضع المحلي. استعرض الأوضاع في اليمن ووجه رسالة إلى أهل البحرين، ليعود إلى لبنان ويقدم مباركته الكاملة لمبادرة الحلّ الرئاسي التي تقدم بها حليفه النائب ميشال عون. التحرك في خطوات مماثلة، بالنسبة لنصر الله، أفضل من أن "يجلس كل في بيته، وكل القوى مدعوة إلى دراسة المخارج التي يقدمها العماد عون". وفي هذا الإطار، تندرج اللقاءات التي ينوي نواب من تكتل التغيير والإصلاح (برئاسة عون) القيام بها مع مسؤولين مسيحيين، أبرزهم رئيسا حزب القوات اللبنانية والكتائب، سمير جعجع وأمين الجميّل. في الوقت بدل الضائع من عمر الأزمة السياسية والرئاسية المستمرة منذ ما يقارب العام، (الشغور الرئاسي مستمر منذ 25 مايو/أيار 2014)، يعيد عون اقتراح انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب. كرّر عون طرحه مشيراً إلى أنّ هذه العملية يمكن أن تتم على مرحلتين، "الاولى مسيحية، والثانية وطنية"، أي أن ينتخب المسيحيون مرشحاً لرئاسة الجمهورية، ثم في مرحلة أخرى يتم الاستفتاء على مستوى كل الطوائف، ويتوجه أول فائزين إلى المجلس النيابي لينتخب النواب أحدهما رئيساً للجمهورية. كما تشترط مبادرة عون "إجراء انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية، على أساس قانون انتخاب جديد يؤمّن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين".

يحمل نواب من تكتل التغيير والإصلاح هذه المبادرة ويدورون بها في المجالس المسيحية ثم العامة، في حين يجوز إطلاق وصف "مبادرة الوقت الضائع" على حراك عون، لاعتبارات كثيرة منها السياسي والتشريعي. فالمجلس النيابي معطّل وغير قادر على إقرار أي مشروع في ظلّ نيّة رئيسه، نبيه بري، دعوة المجلس إلى الانعقاد في جلسة تشريعية لتمرير جملة من القوانين الأساسية. إلا أنّ دعوة بري تصطدم برفض مسيحي لإعادة الحياة إلى المجلس في ظل الشغور الرئاسي، مع تأكيد هذه القوى على أنّ الأولية تكون بانتخاب الرئيس وثم إقرار قانون للانتخابات النيابية. لا رغبة للأطراف السياسية الأخرى في خوض المعركة الانتخابية في الظرف الراهن. الأمر الذي يعني أنّ المبادرة العونية سقطت قبل أن تولد، خصوصاً أنها تتضمن تعديلاً للدستور ولاتفاق الطائف.

إقرأ أيضاً: لبنان: عون يُكرر دعوته لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب

علّقت مصادر قواتية لـ"العربي الجديد" على طرح عون، مشيرةً إلى أنّ "القوات منفتحة لمناقشة أي طرح ولو كان التوافق عليه بعيداً"، في إشارة سلبية مستبقة تجاه الطرح العوني. في حين وضع نواب الكتائب خطوة عون في إطار "التقارب المسيحي الضروري، بغض النظر عن نتائج النقاش حول مبادرة عون". وجاء الرفض الأولي من قبل نواب في كتلة المستقبل، منهم أحمد فتفت الذي قال إن ثمة " تناقضاً كبيراً في ما يطلبه عون"، مشيراً إلى أنّ "الحل يكون بالمبادرات الوطنية، والذهاب لانتخاب رئيس وتأليف حكومة ثم تشريع قانون الانتخاب وإجراء انتخابات نيابية". في حين أكد النائب محمد الحجار أنّ "لبنان لا يحتمل أي حديث عن تعديل في النظام أو أي مس باتفاق الطائف"، مع إشارة أوساط مستقبلية إلى أنّ موقفاً واضحاً يؤكد على التمسك بالطائف سيصدر عن المستقبل بعد اجتماع كتلته الثلاثاء.

بالنسبة لبعض المتابعين، يبدو أنّ الأهم بالنسبة لعون، على ما يبدو، أن "يظهر نفسه في موقع الحريص على حلّ الأزمة والرجل المبادر لإنهائها"، في حين أنّ تكتله والحلفاء يعطّلون منذ عام انتخاب رئيس الجمهورية، ويهدّد منذ أشهر بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء الغارق بمناقشة ملف الموازنة العامة. فعلى خلفية التعيينات الأمنية، وطموح عون تعيين صهره قائد فوج المغاوير، العميد شامل روكز، قائداً للجيش، لمّح عون أكثر من مرة إلى إمكانية مقاطعة جلسات الحكومة والاعتكاف. الأمر الذي يعني بشكل مباشر تعطيل عمل مجلس الوزراء، باعتبار أنّ الحكومة تسلّمت صلاحيات رئاسة الجمهورية وبات أي قرار تصدره بحاجة إلى موافقة كل أعضائها.