المركز العربي يناقش "التحولات الاجتماعية بدول الخليج"

انطلاق فعاليات منتدى "دراسات الخليج" حول "التحولات الاجتماعية" في الدوحة

01 ديسمبر 2018
يختتم المنتدى أعماله بعقد ندوة حوارية (معتصم الناصر)
+ الخط -
انطلقت اليوم السبت، فعاليات منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، في دورته الخامسة، والذي ينظمه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، في مقره بالدوحة ويستمر يومين، بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين من المنطقة والعالم.

وينعقد المنتدى تحت عنوان "التحولات الاجتماعية في دول الخليج العربية: إشكالية الهوية والقيم". كما يناقش العلاقات الخليجية - الأميركية في محور العلاقات الدولية.

وقال رئيس وحدة تحليل السياسات في المركز العربي، ومنسق المنتدى، مروان قبلان، في كلمة افتتاحية "إن المنتدى الذي أطلقه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2014، ليكون بمثابة منبر أكاديمي لدراسة شؤون منطقة الخليج العربي وقضاياها المختلفة"، تحول في دورته الخامسة إلى واحد من أهم المنتديات الأكاديمية المختصة في شؤون منطقة الخليج، يشارك به باحثون من الخليج والوطن العربي والعالم.

وتحت عنوان "أميركا: القوة المهيمنة المترددة" قدم الباحث في كلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا، غاري سيك، محاضرة عامة قال فيها إن "الولايات المتحدة الأميركية تعتبر قوة مهيمنة، فعلا، في دول الخليج العربية اليوم"، معتبرا أن تاريخ ارتباطها بالمنطقة موسوم بالنفور والريبة والسياسات المتقلّبة. وبالنسبة للتحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه دول الخليج العربية، يقول "طرأ في خضم الركود الطويل الأمد الذي طال خلال الحرب الإيرانية - العراقية، ولا سيما بعد كارثة مبيعات الأسلحة السرية إلى إيران. فباتت بعض الدول العربية، مثل الكويت، التي كانت تمانع تنامي الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، تطالب بالحماية الأميركية لناقلاتها النفطية".

وحول سياسة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تجاه المنطقة، قال سيك، إن "أجندة ترامب (أميركا أولا) متشابهة تماما في أهدافها مع ما أسميه عقيدة (أسيكوباما)، وذلك بالتركيز بشكل حصري على المصالح الأساسية للولايات المتحدة، وتقليص البصمة العسكرية الأميركية في الخارج".
وأوضح أن "ترامب روّج للتحالف مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل مع هدف معلن هو مواجهة إيران، وذلك في ظل كراهيته للاتفاق النووي الإيراني، وعودته إلى عقيدة نيكسون".
وفي جلسة قضايا الهوية في دول الخليج العربية وتحدياتها، شارك 3 باحثين، وقدم مدير مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت، محمد غانم الرميحي، بحثا عن "حول النسيج الاجتماعي في دول الخليج العربية: واقعه وتحدياته"، وقال "إنه خلال نصف قرن تقريبا، انتقلت مجتمعات الخليج من البداوة والبساطة إلى السكن في المدن والتمتع بثمار الحضارة الحديثة على الأقل في الماديات، ولكن هل انتقلت في السلوك العام والقيم؟".



وأشار إلى "تعاظم التحدي الأمني بشقيه الخارجي والداخلي تجاه دول الخليج، فلم يعد الأمن بمعناه العام (محليا) ولا حتى (إقليميا)، إنما أصبح الأمن معولما بامتياز".
وقدمت أستاذة علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، كلثم الغانم، دراسة بعنوان "الهويات المتعددة في دول الخليج العربية: من القبيلة إلى الدولة الوطنية"، وبحثت الدراسة في مدى قدرة شعوب دول الخليج العربية على تحقيق الانسجام ما بين المسألة التاريخية المتمثلة ببعدها الديني وإرثها التاريخي؛ الذي يحاول إعادة الظهور من جديد في ضوء التحديات الجوهرية الراهنة التي تواجه دول الخليج العربية، وبين الواقع الراهن الذي يعيشه المواطن الخليجي في دول الخليج العربية. وتركز الدراسة على التركيبة البنيوية المتمثلة في وجود القبيلة التي ينتمي إليها سكان دول الخليج العربية؛ التي تعيد إنتاج نفسها، على نحو دوري، بوسائل متعددة مستفيدةً من العلاقات الاجتماعية، ولعل أهمها زواج الأقارب وقيم النسب والسلالة.

وأشارت الغانم، إلى أنه ثمة تعدد هويات وتعدد ولاءات في الخليج، فالأفراد يعرفون أنفسهم بأسرتهم وبقبيلتهم وبدولتهم، مؤكدة أن التفاعل مع مقتضيات العولمة ومظاهر الاستهلاك أدى إلى أزمة في الهوية اللغوية لدى النشء والشباب في الخليج.



أما الورقة الثالثة فقدمتها مسؤولة الأبحاث في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، كورتني فريير، وتمحورت حول "التحولات الاجتماعية في بلدان الخليج ومشكلة الهوية والقيم: دراسة دور القبائل في القرن الحادي والعشرين"، وترى الباحثة أن القبائل تظل المؤسسات غير الرسمية الأكثر نفوذاً في المنطقة، نظرا لحقيقة أن الحياة السياسية في الخليج مرتبطة بالحياة الاجتماعية بشكل كبير.
ولفتت فريير إلى أنه على الرغم من أن "شيوخ القبائل قد أصبحوا موظفين بأجر من الدولة"، فإنهم يحتفظون بمصادر للدعم الاجتماعي والسياسي المستقل، وبالتالي فإنه غالبا ما يتم التغاضي عن التماسك الاجتماعي والهوية في الأعمال التقليدية المرتبطة بنظرية الدولة الريعية.
وعقدت جلسة صباحية موازية للمحور الدولي حول "أسس العلاقات الخليجية - الأميركية ومحدداتها"، تناول فيها الوزير المستشار في وزارة الخارجية الأميركية السابق، دانيال سيروير، "العوامل الرئيسة في العلاقات الأميركية – الخليجية وتحدياتها"، واعتبر أن إمدادات الطاقة مثّلت أحد العوامل الرئيسة في العلاقات التي تربط بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية، إلى جانب عدم انتشار الأسلحة النووية، والإرهاب، ودعم الحلفاء الإقليميين، لكنه أكد أن "مصالح الولايات المتحدة في الخليج اليوم تركز على مواجهة إيران، وهي مصلحة يمكن أن تؤدي إلى حرب قد تتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها في جميع أنحاء الخليج"، حسب وصفه.
وقال "ينبغي على الخليجيين أن يقللوا من اعتمادهم على القوة العسكرية الأميركية، من خلال تحسين قدراتهم الخاصة لتوصيل النفط عن طريق مضيق هرمز وحمايته من الهجمات الإرهابية أو من إيران، وكذلك من خلال المشاركة في قوة متعددة الجنسيات تشمل الهند، والصين، وكوريا الجنوبية واليابان".
واستعرض الكاتب والباحث مروان بشارة، في ورقته "علاقات دول الخليج العربية بالولايات المتحدة: البحث عن برادايم"، وأشار إلى أن دول الخليج اعتمدت عقودا طويلة، وبشدّة، على الولايات المتحدة الأميركية من أجل أمنها ورفاهها. وأضاف أنه "لتحقيق هذه الغاية، استثمرت تلك الدول بشكل كبير في علاقاتها الثنائية بالولايات المتحدة، وبالتأكيد أكثر من أي بلد آخر في الشرق الأوسط الكبير أو في العالم النامي باستثناء إسرائيل. في المقابل، قامت استراتيجية الولايات المتحدة الإقليمية التي صاغتها إبان ذروة الحرب الباردة، في منتصف السبعينيات على الأقل، على علاقاتها الثنائية بالخليج وإسرائيل".
وقال بشارة إن "العلاقة الخليجية – الأميركية تبدو اليوم أكثر وضوحا، إذ تضاعف بعض دول الخليج استثماراتها السياسية والمالية للضغط على صناع القرار الأميركيين وتنسّق جهودها مع جماعات الضغط الإسرائيلية لتحقيق أقصى تأثير".



وقدم الباحث في معهد الشرق الأوسط، والأكاديمي في كلية الخدمة الخارجية في جامعة جورجتاون، روس هاريسون، بحثا عن "التوازن الجديد للقوة في منطقة الخليج العربية ودور الولايات المتحدة الأميركية".
وقال "إن توازن القوى بالمعنى التقليدي غير واقعي نظرا إلى وجود تفوّق عسكري تقليدي كمي ونوعي فعلي لدول مجلس التعاون، مقارنة بقدرات إيران العسكرية، ومن المرجح موازنة هذا التفوق من طرف إيران التي لديها خيارات لتعزيز علاقاتها بالمليشيات الإقليمية وروسيا، على نحو قد يولّد حالة غير مرغوب فيها بالنسبة إلى دول التعاون والمنطقة، والولايات المتحدة".



ويعقد المنتدى جلسات مسائية تتناول "التنمية وصناعة التحولات الاجتماعية في دول الخليج"، و"قضايا الأمن والتحديات الإقليمية"، فيما يعقد المنتدى غدا الأحد ست جلسات تتطرق إلى أثر حصار قطر في الهوية الخليجية، والعلاقات الاقتصادية الخليجية الأميركية. ويختتم المنتدى أعماله بعقد ندوة حوارية في ختام أعماله تتناول "إشكالية الهوية والقيم في دول الخليج".

* صور معتصم عبدو الناصر/ العربي الجديد

المساهمون