دفع لاتفاق أميركي روسي... والمعارضة تتحضر للمرحلة الانتقالية

دفع لاتفاق أميركي روسي... والمعارضة تتحضر للمرحلة الانتقالية

16 يوليو 2016
أكد بوتين سعي البلدين لتحقيق نتائج (Getty)
+ الخط -


كشفت معطيات المشاورات الأميركية الروسية خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، عن سعي حقيقي للتوصل إلى اتفاق بين البلدين لتعزيز تعاونهما في سورية، والاتفاق على الاستراتيجية الجديدة التي تطرحها الإدارة الأميركية للتعاون مع موسكو لاستهداف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة". وعلى الرغم من إعلان الكرملين أن اللقاء بين كيري وبوتين لم يتطرق للتعاون العسكري المباشر في سورية، إلا أن كلام المسؤولين أبرز مساعي للاتفاق على تعاون مشترك في نهاية اللقاءات الأميركية الروسية. وتأتي التحركات الروسية الأميركية، وسط غموض يلف مصير المفاوضات السياسية، والتي تسعى الهيئة العليا للمفاوضات، خلال اجتماعات بدأتها أمس الجمعة في الرياض، لإقرار استراتيجية للتعامل معها.
وفي موسكو، شدد وزير الخارجية الأميركي أمس الجمعة على ضرورة تعزيز التعاون مع روسيا في سورية. وفي اليوم الثاني والأخير من زيارته إلى موسكو، دعا كيري الى تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا لدحر المجموعات الجهادية وإعادة احياء عملية السلام المتعثرة في سورية. وقال كيري بعد مشاركته في دقيقة صمت حدادا على أرواح ضحايا اعتداء نيس وقبيل محادثات مع لافروف: "ليس هناك بؤرة أو حاضنة لهؤلاء الإرهابيين أفضل مما يحصل في سورية". وأضاف "أعتقد أن الناس في جميع أنحاء العالم يتطلعون إلينا من أجل إيجاد وسائل سريعة وملموسة" لمحاربة الإرهاب. وكان المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف قال إنه "لم يتم بحث موضوع التعاون العسكري المباشر في الحرب على الإرهاب"، خلال لقاء بوتين وكيري الخميس. لكن بيسكوف لفت إلى أن تبادل المعلومات في هذا الموضوع "يتواصل لكننا لم نقترب مع الأسف من تعاون حقيقي يزيد من فاعلية الجهود لمكافحة الإرهاب في سورية". وأشار إلى أن موقف روسيا إزاء مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد "لم يتغير".
وجاء ذلك بعدما كان بوتين قال في بداية لقائه مع كيري، إن روسيا والولايات المتحدة "تتطلعان فعلاً وبصدق ليس فقط إلى التعاون، إنما أيضاً إلى تحقيق نتائج". وأضاف أنه سيكون بإمكان كيري في نهاية اللقاء، أن يبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما، بأنه "تم إحراز تقدم في المحادثات وفي حل المسائل التي اجتمعنا لأجلها". فيما رد كيري بالقول: "لنأمل بأننا سنتمكن من تحقيق تقدم حقيقي وملموس وقابل للتطبيق يمكن أن يُحدث فرقاً في سير الأحداث في سورية".
من جهته، أفاد المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي، بأن اللقاء بين الوزير الأميركي والرئيس الروسي تناول "ضرورة زيادة الضغط على المجموعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة". كما جاء كلام المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، ليؤكد العمل على تنسيق بين بلاده وروسيا في سورية، مع إشارته إلى أن هذا الأمر لا يزال يحتاج للكثير من العمل. مقابل هذه الجهود بين البلدين للاتفاق على استراتيجية التعاون، تتزايد التحذيرات من مغبة الاتفاق الذي كانت صحيفة "واشنطن بوست" كشفت عنه وقالت إنه سيكون محور بحث كيري في موسكو.
وفي هذا السياق، حذر الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أندرو تابلر، في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"، من أن الاتفاق المقترح، إذا ما تم تطبيقه، من شأنه أن يضمن بقاء النظام السوري في السلطة، وأن تستمر الحرب الأهلية في سورية ويواصل الإرهاب انتشاره في منطقة الشرق الأوسط وحول العالم. وأضاف أن "الروس يريدون بقاء الأسد، وهم قالوا ذلك مسبقاً، وعبر هذا الاقتراح فإننا نصبح شركاء في ذلك".


في سياق آخر، تواصل الهيئة العليا للمفاوضات اجتماعاتها في مقرها بالرياض، والتي بدأتها أمس الجمعة، وتستكملها اليوم السبت، لـ"تقديم الرؤية العامة للفترة الانتقالية في سورية، إضافة إلى تقييم الوضع العام، وما آلت إليه عملية الحل السياسي، والتطورات الإقليمية، والدولية". وأوضح المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان آغا، أن اجتماع الرياض "يرتكز على إقرار رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية المقبلة، بحيث تكون سيناريو متكاملاً يدرس كل تفاصيل الانتقال السياسي"، مشيراً في تصريحات نُشرت على موقع الهيئة الرسمي إلى أن الاجتماع "سيحاول تقييم الموقف بهدف دراسة الموقف الدولي بكثافة، إضافة إلى دراسة آفاق الحل السياسي في المرحلة المقبلة".
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر خاصة أن الاجتماعات ستتطرق إلى نتائج الحوار مع منصتي موسكو والقاهرة للمعارضة، ومع فعاليات المجتمع المدني السوري، واستراتيجية الهيئة في التعامل مع المفاوضات وسيرها في حال دعت الأمم المتحدة إلى جولة جديدة خلال الشهر الحالي، أو شهر أغسطس/آب المقبل. كما ستعمل على إعادة تشكيل وفدها المفاوض إثر استقالة محمد علوش من منصبه ككبير المفاوضين في الوفد، كما من المتوقع أن يتقدّم أسعد الزعبي باستقالته من رئاسة الوفد، ليفسح بالمجال أمام اختيار شخصية أخرى، إذ كانت مصادر في الائتلاف الوطني السوري ذكرت أن هناك عدة شخصيات مرشحة لتولي هذا المنصب منها بسمة قضماني، ونصر الحريري. من المرجح ألا تخرج الهيئة بمواقف حاسمة تجاه بعض القضايا، أبرزها مسألة العودة إلى طاولة التفاوض، وهذا ما أكده رياض نعسان آغا بقوله "ننتظر الظروف المواتية".
ويرى مراقبون أن أي مفاوضات مقبلة "لن تكون ذات قيمة، وهي مجرد شراء للوقت لا أكثر" ما دام نظام الأسد يصر على التمسك ببقاء الأخير في السلطة في مرحلة انتقالية، وإمكانية ترشحه في انتخابات رئاسية مقبلة، وهذا ما يجعل الموفد الأممي "يتريث" في الدعوة لجولة جديدة تحمل في داخلها بذور الفشل، ما قد يعقّد المشهد السوري أكثر، ويدفعه إلى اتجاهات أكثر دموية.
ويرى الكاتب والمعارض السوري صلاح بدر الدين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الوطنيين السوريين" لا يراهنون على الحوار مع النظام "كطريق لتحقيق انتصار الثورة، أو الحد من الخسائر في صفوف المدنيين، والتقليل من الدمار"، مشيراً إلى أنه في ظل المفاوضات "منذ جنيف 1 وحتى الآن، تضاعفت الخسائر البشرية، والنزوح، والهجرة، كما تراجعت المعارضة سياسياً، وتوسعت الهوة بينها وبين الثوار، وكل الحراك الوطني داخل البلاد وخارجها".
ويعتبر بدر الدين أن قوى الثورة العسكرية "تراجعت في الكثير من المناطق، في ظل التفاوض، وبالتالي فقدت أوراق الضغط"، لافتاً إلى أن "المضي في مغامرة التفاوض ما هو إلا إفساح في المجال للقضاء على البقية الباقية من قوى المقاومة، وقبول النظام نهائياً بكل مؤسساته". ويدعو بدر الدين إلى "إعادة بناء الثورة، وتشكيلات الجيش الحر، وتجديد الطاقات عبر عقد المؤتمر الوطني السوري العام، والخروج ببرنامج سياسي واضح وحاسم وانتخاب مجلس سياسي-عسكري إنقاذي لقيادة المرحلة المقبلة".