شرعنة الأذرع العسكرية تستبق الحل السياسي في ليبيا

شرعنة الأذرع العسكرية تستبق الحل السياسي في ليبيا

15 ديسمبر 2016
تعزيز احتمال الصدام المسلح (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -
لم يعد يفصل المجلس الرئاسي الليبي عن العمل وفق الاتفاق السياسي، الذي تم إقراره عام 2015، سوى يومين، وإلى الآن لم يصدر عن الأطراف الليبية أي تعليق رسمي، في ظل تراجع بحث الحل السياسي لصالح مناقشة إمكانيات شرعنة الأذرع العسكرية، ما ينذر بمزيد من التوتر وتعزيز احتمال وقوع صدام مسلح بين مكونات العملية السياسية.


وتتزامن هذه التطورات مع اجتماعات احتضنتها عواصم عربية في اليومين الماضيين، والتي عكست، بدورها، استمرار حالة الجمود والغموض.

ففي القاهرة، أنهى المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، ليل أمس الأربعاء، لقاءات مع مسؤولين مصريين وليبيين كانوا قد شاركوا في لقاءات، الإثنين والثلاثاء الماضيين، والتي جمعت ممثلين عن برلمان طبرق وآخرين من حلفاء اللواء المتقاعد، خليفة حفتر.

وعلى الرغم من عبارات التفاؤل التي أطلقها كوبلر، في تغريدة على حسابه عبر "توتير"، لا تعبّر النتائج المعلنة عن أي تقارب أو انفراج في الأزمة. ففريق البرلمان وحلفاء حفتر أعلنوا قبول الاتفاق السياسي، لكنهم اشترطوا تعديل المادة الثامنة منه لضمان وجود قوات اللواء المتقاعد ضمن أية حزمة اتفاقات مستقبلية.




وحضرت لقاء القاهرة شخصيات محسوبة على نظام معمر القذافي، من بينهم أمين مؤتمر الشعب العام (البرلمان)، محمد الزوي، في خطوة جديدة ومعلنة تؤكد وجود تحالف بين حفتر ورموز النظام السابق.

أما في تونس، فقد رعت البعثة الأممية، الثلاثاء الماضي، لقاء جمع رئيس جهاز الحرس الرئاسي، نجمي الناكوع، ونائب رئيس المجلس الرئاسي، أحمد معيتيق، بممثلين عن دول كبرى، من بينها بريطانيا وكندا والولايات المتحدة وإيطاليا، لحشد الدعم لإطلاق جهاز الحرس الرئاسي ومناقشة إمكانية تقديم طلب لمجلس الأمن لاستثنائه من حظر التسليح المفروض أمميا على ليبيا.

واللافت، في المسعيين المنفصلين في القاهرة وتونس، أن الطرفين تحولا من الحديث عن التوافق السياسي إلى بحث إمكانية شرعنة الأذرع العسكرية لكلا الطرفين، كما أن استمرار تعنت البرلمان في منح الثقة لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، والتصويت على الاتفاق السياسي، جعلا من المجلس الرئاسي وأجهزته طرفا في الأزمة.

وعلى الرغم من تصريحات الناكوع، إثر الإعلان عن البدء في فتح الأبواب لاستقبال طلبات الراغبين في الانخراط في صفوف الحرس الرئاسي، والتي أكد فيها أن الجهاز لا يتعارض مع صلاحيات وأعمال مؤسستي الجيش والشرطة، اعتبر الموالون لحفتر أن حلفاء المجلس الرئاسي الدوليين يسعون إلى خلق جيش مواز لجيش البرلمان. ويتكون من أفراد المجموعات المسلحة السابقة، التي شاركت في القتال ضدهم ضمن عملية "فجر ليبيا" نهاية 2014، بالإضافة إلى "تطمينات" رئيس جهاز الحرس الرئاسي، شدد معيتيق على أن "الجهاز مكوّن من كافة مناطق وأطياف الشعب، بعيدا عن الجهوية والأحزاب السياسية"، مبرزا، في تدوينة على صفحته الرسمية عبر "فيسبوك"، أن "انضمام التشكيلات المسلحة السابقة سيكون بشكل فردي بأرقام عسكرية وفقاً للآليات المعتمدة في الأجهزة الأمنية"

في المقابل، هاجم ممثل حفتر بالمجلس الرئاسي، علي القطراني، الخطوة، معتبرا، في بيان رسمي، أمس الأربعاء، أن "إنشاء ودعم الحرس الرئاسي من قبل أطراف دولية يعد انتهاكا صارخا للسيادة الليبية، وتدخلا سافرا في الشؤون الداخلية". ووصف الحرس بأنه "جسم مواز للجيش العربي"، في إشارة إلى قوات اللواء المتقاعد الموالية للبرلمان.

وقال القطراني إن "ما يسمى بالحرس الرئاسي ما هو إلا إعادة تدوير وشرعنة للمليشيات الخارجة عن القانون"، وأن "قرارات وتوصيات هذا المؤتمر تعد باطلة، كونها تصدر عن جهات غير مخولة باتخاذ قرارات مصيرية"، بحسب نص البيان.

وتعبر هذه التطورات عن تحول جديد في الأزمة الليبية، إذ انتقل الحديث من النقاش السياسي إلى الحديث عن شرعنة السلاح ودخول أقطاب دولية جديدة، كروسيا الساعية للحضور في ليبيا، مقابل دعم دولي غربي للمجلس الرئاسي، الأمر الذي ينذر بفتح الباب على كل الاحتمالات، بما فيها الصدام المسلح. 

وما يعزز احتمال الصدام المسلح استمرار قوات اللواء المتقاعد في تحركاتها للسيطرة على مواقع جديدة، كقاعدة براك جنوب البلاد، ومحاولة استفزاز قوات المجلس الرئاسي بإعلانها عن فرض حظر جوي وبري وبحري في منطقة وسط البلاد، حيث تحتشد أغلب قوات المجلس.





المساهمون