شبهات فساد بصفقة تسليح عراقية ـ مصرية

شبهات فساد بصفقة تسليح عراقية ـ مصرية

26 يناير 2016
جندي عراقي في مدينة البصرة (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -

من شأن صفقة أسلحة عراقية ـ مصرية أن تتحوّل إلى ملف آخر من ملفات الفساد، فقد كشفت مصادر حكومية عراقية لـ"العربي الجديد"، عن "إبرام العراق ومصر اتفاقاً نهائياً لشراء الأسلحة من مصر، بطريقة الدفع الآجل، لكن بسعر أعلى من المعدّل الطبيعي". وتشمل صفقات الأسلحة، وفقاً للمصادر العراقية "أسلحة وذخائر روسية، فضلاً عن أسلحة وصواريخ وعربات، من صناعة مصرية". ويُشكّك سياسيون في بغداد بنزاهة الاتفاق، مطالبين بعرضه على البرلمان.

ويأتي الإعلان الجديد، بعد أيام من إعلان وزارة الدفاع العراقية، عن نجاح مباحثات الوزير خالد العبيدي مع نظيره المصري الفريق صدقي صبحي بالقاهرة، تشمل تعاونا عسكريا مفتوحا بين البلدين لمحاربة الإرهاب والاتفاق على صفقات شراء أسلحة وذخيرة لصالح الجيش العراقي، الذي يخوض معارك عنيفة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بهدف استعادة نحو 35 في المائة من أراضيه، التي يحتلّها التنظيم.

ونقل بيان وزارة الدفاع العراقية عن صبحي قوله، إن "مخازن السلاح المصرية مفتوحة أمام الأشقاء في العراق، طبقاً لمتطلباتهم القتالية في الحرب ضد قوى الإرهاب". كما كشف البيان عن عقد الوزير العراقي اجتماعاً مغلقاً مع وزير الصناعات الحربية المصرية اللواء محمد سعيد العصار، الذي أبدى فيه استعداد مصر لتلبية احتياجات الجيش العراقي العسكرية. وكان العبيدي قد وصل على رأس وفد عسكري رفيع إلى القاهرة، والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزراء وقادة بالقوات المسلحة المصرية.

ويكشف مسؤول عسكري عراقي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الاتفاق المبرم بين القاهرة وبغداد عبر وزيري دفاع البلدين، يتضمّن تزويد مصر للعراق بأكثر من 3 ملايين طلقة ذخيرة لأسلحة رشاشة متوسطة وخفيفة، روسية الصنع، طراز كلاشنكوف عيار 7.62 مليمتر، وسلاح البي كي سي، والآر بي كي، فضلاً عن صواريخ محمولة على الكتف من طراز آر بي جي 7 و9، بالإضافة إلى صفقة تسليح دروع وعربات مصفّحة وصواريخ متوسطة المدى وحشوات مدافع".

ويبيّن أن "الصفقة تتحدث عن سرعة تجهيز مصر للعراق بتلك الأسلحة والذخائر وبوقت قياسي. ولا تشترط القاهرة دفعا مسبقا بل بطريقة الدفع الآجل، لكن بسعر أعلى من السعر المعتاد وبأجل يصل إلى خمس سنوات". ويتابع أن "الصفقات لا تتضمن أي بند يضمن جودة الأسلحة أو فاعليتها، خصوصاً أن الذخيرة المتفق عليها تعود صناعتها لسنوات تصل ما بين 7 إلى 9 سنوات، حسب التسريبات".

اقرأ أيضاً مسؤول عراقي: البلاد لا تستطيع تجاوز أزماتها إلا بالحوار

ويضيف أنه "كما أننا لا نعرف حتى الآن جدوى الاتفاق على الاستعانة بمستشارين في القوات المسلّحة المصرية، لتقديم خبرات للقوات العراقية، وما إذا كان ضمن اتفاق مالي، أم أنه فقط مساهمة ضمن جهود محاربة الإرهاب، على الرغم من وجود مستشارين أميركيين وفرنسيين وألمان بالعراق يقومون بالمهمة".

وينوّه إلى أن "غموض الاتفاق وعدم إعلانه بتفاصيله من قبل حكومة حيدر العبادي أو السيسي، كما درجت عليه كل الدول في مثل تلك الصفقات، يؤكد شبهات الفساد التي وُجّهت للصفقة قبل وصولها العراق". ويُعدّ الاتفاق العراقي المصري العسكري، الثاني من نوعه على مستوى شراء بغداد للأسلحة من القاهرة، إذ سبقته مطلع عام 2014 صفقة شراء رشاشات رباعية وأسلحة مضادة للطائرات من مخازن السلاح في مصر، بعد تأخر واشنطن بتسليم بغداد صفقة سلاح اتُفق عليها لسدّ العجز الحاصل لدى القوات العراقية.

من جهته، يطالب القيادي بـ"تحالف القوى العراقية" محمد عبد الله، الجانب المصري: "التأكّد أولاً، وقبل كل شيء، من أن السلاح والذخيرة المصرية، لن تذهب لصالح المليشيات التي تنفذ عمليات قتل على الهوية في العراق، ضد مكوّن دون آخر".

ويضيف عبد الله في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حكومة العبادي ترفض تسليح العشائر لكنها تجمع الأموال وتشتري للمليشيات، وهذا بحدّ ذاته سبب كاف، جعل دولاً أوروبية وعربية ترفض التعاون العسكري مع الحكومة ببغداد".

وبحسب عضو بلجنة الأمن والدفاع البرلمانية العراقية، فإن "الاتفاق يحتاج إلى توضيح". ويؤكد في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يعرض على البرلمان بحيلة قانونية دستورية، إذ تمّ تجزئة الاتفاق إلى صفقات صغيرة، لتكون عادية ضمن صلاحيات الحكومة".

ويتابع العضو قائلاً، إن "المعلومات تؤكد أن الأسعار التي طلبتها القاهرة كبيرة، مقارنة بالأسعار الاعتيادية في صفقات مماثلة، لأن العراق سيدفع بالآجل بسبب الأزمة المالية التي يمرّ بها وحاجته الماسة للسلاح". ويُبدي شكوكه حول "فساد يلفّ هذا التعاون العسكري من كلا الطرفين".

من جانبها، تنقل وكالة أنباء عراقية محلية، عن العضو بمجلس الشعب المصري علي أبو دولة، قوله إن "مصر تهدف للتوقيع على عقود أمنية، فضلاً عن العقود المتعلقة بالجانب التسليحي". ويكشف أبو دولة أن "من بين العقود التسليحية، الاتفاق على شراء عربات هامر عسكرية ودبابات، فضلاً عن التعاقد مع مستشارين عسكريين مصريين".

اقرأ أيضاً الاقتصاديون العراقيون الشباب: ضد الإسقاطات النظرية