السيسي يستبق ذكرى الثورة: تشكيلات أمنية و"عفو" وتظاهرات مضادة

السيسي يستبق ذكرى الثورة: تشكيلات أمنية و"عفو" وتظاهرات مضادة

21 ديسمبر 2015
خلال الذكرى الرابعة للثورة المصرية (أحمد إسماعيل/الأناضول)
+ الخط -
أظهرت الأحداث الأمنية والقضائية الأخيرة في مصر قلق نظام عبدالفتاح السيسي من التظاهرات الشعبية المرتقبة في ذكرى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011؛ إذ إنها عكست اعتماد النظام لسياسة العصا والجزرة مع شعبه، لا سيما الشباب والنشطاء السياسيين والتيارات الإسلامية التي لا يزال يرفض النظام فتح صفحة جديدة معها، خوفاً من سحب بساط الشعبية من تحت قدميه، وخشية من خسارة تأييد كتلة الدولة الصلبة التي رفضت ثورة يناير، وكانت المحرك الأساسي لأحداث 30 يونيو/ حزيران 2013، والممثلة في قطاعات من الجيش ودوائر الشرطة والاستخبارات والقضاء.

اقرأ أيضاً: مصر: فعاليات ليلية ضد الانقلاب استعداداً لذكرى ثورة يناير

وخلال 72 ساعة فقط، أفرجت السلطات العسكرية عن 51 معتقلاً من أبناء شمال سيناء من سجن العازولي العسكري بالإسماعيلية، معظمهم كانوا مختفين قسرياً منذ عدة أشهر، ولم يكن معروفاً أنهم مطلوبون على ذمة أية قضايا. والأخطر من ذلك كان عدم توجيه أي اتهامات لمن تم الإفراج عنهم، مما يؤكد احتجازهم فترات طويلة دون إذن قضائي، في انتهاك فاضح للنصوص الدستورية التي تحظر ذلك.

كما تراجعت محكمة جنايات القاهرة عن قرارها السابق باستمرار حبس الناشطة إسراء الطويل وأخلت سبيلها على ذمة القضية، وإن كانت حريتها ستظل، بأمر المحكمة، منقوصة بسبب وضعها تحت الحراسة الجبرية ورهن انتقالها بموافقة الشرطة وقصر تحركاتها بين منزلها وأماكن تلقي علاجها.

ثم فاجأ وزير الداخلية المشهد السياسي والأمني بحركة تنقلات واسعة في غير موعدها، عبرت عن انتمائه للدائرة الأمنية العميقة ممثلة في جهاز أمن الدولة (الأمن الوطني حالياً) واهتمامه بشؤونها، إذ تمت ترقية نائب مدير الجهاز اللواء محمود الشعراوي إلى منصب رئيس الجهاز ومساعد الوزير لقطاع الأمن الوطني، بينما أطاح بقياديين آخرين، هما رئيس الجهاز السابق، اللواء صلاح حجازي، مسنداً له منصب مساعد الوزير للأمن الاقتصادي، ونائب رئيس القطاع، اللواء هشام البستاوي، ليصبح مساعد الوزير لقطاع المنافذ. والمنصبان الآخران أقل أهمية من قطاع الأمن الوطني.

كما تمت ترقية مساعد الوزير لمنطقة شرق الدلتا اللواء محمود يسري، إلى منصب مساعد الوزير لقطاع الأمن، وترقية مساعد الوزير لقطاع الوثائق اللواء عبدالفتاح عثمان، إلى منصب مساعد الوزير لمنطقة شرق الدلتا، وتم خفض مستوى عمل مساعد الوزير لوسط الصعيد اللواء منتصر أبوزيد، فانتقل إلى منصب مساعد الوزير للوثائق؛ وهو موقع كتابي غير عملياتي أو ميداني.

وتعكس حركة التنقلات الأمنية هذه عدم رضا الوزير عن مستوى عمل جهاز الأمن الوطني في الفترة السابقة، وغير معروف على وجه التحديد ما الأحداث التي أدت إلى فقدان الوزير الثقة في رئيس الجهاز بعد أقل من 9 شهور على توليه منصبه خلفاً للواء خالد ثروت، لا سيما أنّ حجازي سيبلغ سنّ التقاعد في مارس/آذار المقبل.

ورجحت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" أن تكون "أجهزة أمنية أو عسكرية أخرى قد شكت لوزير الداخلية من ضعف التنسيق أو سوء مستوى عمل جهاز الأمن الوطني في الشهور الأخيرة استعداداً لأحداث ذكرى الثورة، خصوصاً أنّها شهدت العديد من الحوادث الإرهابية في سيناء وغيرها من المناطق"، مشيرة إلى أنّ "إبعاد حجازي عن منصبه قبل 4 أشهر فقط من تقاعده القانوني يدل على انقضاء ثقة السلطة فيه".

وذكرت المصادر أن هناك سبباً آخر لهذه الحركة المفاجئة؛ هو رغبة الوزير في ضبط الأوضاع الأمنية والتحكم التام في التطورات الميدانية قبيل تظاهرات ذكرى الثورة المنتظرة، مما يعكس "قلق الدولة" حسب قولها.

ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن وزير الداخلية كلف مساعده للأمن العام اللواء كمال الدالي، ومساعده الجديد للأمن الوطني اللواء محمود شعراوي، بإعداد قائمة عاجلة بالسجناء ذوي الخلفيات السياسية والجنائية الأقل خطورة، لتضمينهم في قرار جمهوري بالعفو عن عدد من السجناء وبصفة خصوصاً الشبان والشابات والنساء والمرضى، بالتزامن مع ذكرى الثورة.

وذكرت مصادر مطلعة أن القرار الجمهوري المرتقب سيتضمن قائمتين، واحدة مقتصرة على المحكوم عليهم في قضايا تظاهر أو عنف خلال العامين الماضيين، والقائمة الثانية ستخصص للسجناء الجنائيين.

غير أن التهدئة ليست السبيل الوحيد لمواجهة ذكرى الثورة، ففي أسيوط أصدرت عدد من دوائر محكمة الجنايات العسكرية أحكاماً بالسجن لفترات تتراوح بين 3 سنوات و25 سنة بحق عشرات المواطنين من مراكز محافظتي المنيا وأسيوط، على خلفية اتهامهم بالضلوع في أحداث عنف في الفترة التي أعقبت فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة صيف 2013.

ولم تتمكن مصادر "العربي الجديد" وهي حقوقية، من تحديد عدد المواطنين المعاقبين، فيما لم تصدر المحكمة أي بيانات بشأن هذه الأحكام، والتي صدرت نفاذاً لقانون إسناد حماية المنشآت العامة وما في حكمها للقوات المسلحة، رغم أنه صدر بعد هذه الأحداث بنحو عام، أي أن القانون طُبق على المتهمين بأثر رجعي خارج إطار الدستور.

واعتبرت المصادر الحقوقية صدور هذه الأحكام وعدم الإعلان عنها الآن تهديداً مباشراً لمناطق محافظات الصعيد التي تسيطر عليها الانتماءات الإسلامية، تحسباً لأي حراك شعبي في ذكرى الثورة، خصوصاً أن القضايا منظورة منذ أكثر من عام وتم تحديد جلسات الفصل فيها على نحو مفاجئ.

وتتكامل هذه الأحداث مع دراسة الأحزاب المكونة لائتلاف الأكثرية النيابية "في دعم مصر" داخل البرلمان المصري، والتي يسيطر عليها رجال الأعمال النافذون المقربون من الدوائر الأمنية، لتنظيم تظاهرات حاشدة في ذكرى الثورة تأييداً لعبدالفتاح السيسي، في محاولة للقضاء مبكراً على أي تحركات معارضة أو فعاليات ثورية.

وأوضحت مصادر برلمانية مستقلة أن هذه الخطة التي طرحها أحد قيادات الائتلاف "لم تنل حتى الآن موافقة الدوائر الأمنية"، لكنها رجحت "تقدّم بعض المجموعات المؤيدة للسيسي بطلبات إلى وزارة الداخلية للتظاهر في اليوم نفسه، وأن الأمن لن يمانع".

اقرأ أيضاً: نواب "المصريين الأحرار" المتمردون يُشعلون أول معارك البرلمان