سمير سرساوي لـ"العربي الجديد": للاهتمام بأسرى الداخل الفلسطيني

سمير سرساوي لـ"العربي الجديد": للاهتمام بأسرى الداخل الفلسطيني

حيفا

ناهد درباس

ناهد درباس
04 ديسمبر 2018
+ الخط -
لا يزال بيت الأسير المحرر سمير سرساوي (51 عاماً) في قرية إبطن بقضاء حيفا، يعج بالزوار المهنئين له بالخروج من الأسر. وفود من المهنئين من مختلف أنحاء الداخل الفلسطيني، من أقصى الشمال وحتى أقصى الجنوب في النقب، زارت المنزل لتهنئة سرساوي، بعد قضائه ثلاثين عاماً في المعتقلات الإسرائيلية. أُطلق سراح سرساوي في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من سجن نفحة، وتم استقباله في حفل وطني وشعبي. خلال ثلاثين عاماً قضاها سرساوي في الأسر، وُلد جيل كامل من أبناء أشقائه وشقيقاته، لم يعرفهم من قبل ولم يشاهدهم قط، وهو الذي فَقَد خلال الأسر والده وأحد أشقائه، من أصل ثلاثة أشقاء وسبع شقيقات. سرساوي الذي اعتُقل بعد تنفيذ عمليات عسكرية ضد الاحتلال في قلب مدينة حيفا أسفرت عن إصابة 28 إسرائيلياً، تعرّف كما يقول في حديث لـ"العربي الجديد"، على العالم من داخل الأسر، من خلال قراءاته الكتب ومتابعة ما كان يصله من مجلات.

"لا قيمة للوقت في السجن"

خلال أسبوع من الحرية، كان سرساوي قد قيّم أولياً الفرق بين الحياة داخل السجن وخارجه، بجملة واحدة، "لا قيمة للوقت داخل السجن". ترجم سرساوي استنتاجه فوراً من خلال قيامه بجولة داخل الوطن، زار خلالها العديد من البلدات الفلسطينية، وخص حيفا في أقل من أسبوع بخمس زيارات، ليخلص إلى أنها "من أجمل المدن، تماماً كما كنت أقول لرفاقي في الأسر".
في حوار معه في منزله في إبطن، تسأله "العربي الجديد" عن سبل الصمود داخل الأسر، يرد سرساوي بأن "لكل مهنة أدوات لأدائها، فللنجار أدواته الخاصة وللحداد أيضاً، وكذلك الأمر عند الأسير، ومن الأدوات الأساسية الإيمان، فإذا كان مؤمناً فعلاً بما قام به فبإمكانه الصمود. أما إذا لم يكن يؤمن بما قام به، فلن يتمكن من الصمود ولو لشهر واحد"، مضيفاً "هناك أسرى لم يصمدوا حتى لفترات أقل من شهر، وبالتالي الصمود أساسه الإيمان، الإيمان بالشيء أو الأمر الذي قمت به، وإذا غاب الإيمان فلا يوجد صمود".

يشير سرساوي إلى أن "المفتاح للصمود في مواجهة السجان يبدأ من رفض سياسة السجون في الكثير من القضايا، ولكن الأساس في الصمود هو رفض سياسة السجان، إذ تحاول مصلحة السجون على مدار سنين أن تفرض سياسات على الأسرى تصعّب حياتهم وشروط عيشهم". يروي أنه عندما دخل السجن كان قد أنهى الصف الثامن الابتدائي، "وفي السجن حصلت على شهادة الثانوية العامة ثم البكالوريوس والماجيستر، هذه الشهادات حصلت عليها بشكل منهجي، وقراءتي الكتب كانت عاملاً مساعداً في تعلمي".

معاناة المرأة الفلسطينية
لا يخفي سرساوي خيبته من تعامل المجتمع مع المرأة، خصوصاً الأسيرات. ويقول عن ذلك: "أنا أحترم المرأة بشكل عام، والمرأة الفلسطينية بشكل خاص. هي التي اعتُقلت، كما اعتُقل أبناؤها وناضلوا، وهي التي عانت ودفعت ثمناً باهظاً جداً، بينما لا تجد لها مكاناً في المجتمع الفلسطيني". مضيفاً: "انظروا إلى الوضع السياسي الفلسطيني، لا توجد امرأة فلسطينية واحدة في قمة السلطة، حتى في المحافظات توجد واحدة هي ليلى غنام في محافظة رام الله". ويتابع: "المرأة لم تأخذ حقها في المجتمع الفلسطيني حتى الآن، على الرغم من أنها الأم والأخت والزوجة، وهناك إجحاف كبير جداً ويجب أن يكون لها مكان متقدّم في الهرم السياسي الفلسطيني"، مشدداً على أن "الأسيرات جزء من الشعب الفلسطيني وكن دائماً في المقدمة وشريكات في المقاومة والعمل المقاوم، ويجب إعطاؤهن اهتماماً حتى قبل الأسرى الذكور".

معضلة أسرى الداخل

لا يخفي ابن قرية إبطن أساه من الملف الشائك المتعلق بأسرى الداخل الفلسطيني ممن كانوا في المقاومة في فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ووقعوا في الأسر قبل اتفاق أوسلو، قائلاً إن "موضوع أسرى 48 كان يستفزني داخل السجن وبعد خروجي، إسرائيل تتعامل معنا كمواطنين، ولكن تميّزنا عن الأسرى اليهود الذين قاموا بقتل فلسطينيين". ويضيف "الآن هناك 12 أسيراً من معتقلي ما قبل أوسلو، أربعة منهم قضوا 29 عاماً، وثمانية أكثر من ثلاثين سنة وما زالوا في السجن وهم يحملون الجنسية الإسرائيلية، وهم: كريم يونس، وماهر يونس، ووليد دقة، وإبراهيم بيادسة، وصالح أبو مخ، ورشدي أبو مخ، ويحيى إغبارية، ومحمد توفيق سليمان، ومحمد حسن إغبارية، وإبراهيم حسن إغبارية، ورشيد خطيب، وأحمد علي جابر".

ويشير إلى أن هؤلاء قضوا في السجن لغاية الآن أكثر من 29 عاماً ومنهم من أنهى في الأسر 36 عاماً، مثل كريم يونس وماهر يونس، وإسرائيل تتعامل معهم كمواطنين وترفض إطلاق سراحهم لأنهم قاموا بعمليات ضد إسرائيليين، بينما هناك مواطنون إسرائيليون من اليهود، قاموا بقتل فلسطينيين، مثل يورم كشكولنيك الذي كان مسؤول أمن مستوطنة إيتمار في الضفة الغربية وأطلق النار على شاب فلسطيني كان مقيد اليدين ومعصوب العينين، لكن بعد أن حُكم عليه بالسجن تم العفو عنه وأطلق سراحه بعد سبع سنوات". ويضيف: "في المقابل فإن الأسرى وليد دقة، وإبراهيم بيادسة، وصالح أبو مخ، وإبراهيم أبومخ، هؤلاء الأربعة كانوا في مجموعة واحدة، قاموا بقتل جندي إسرائيلي وما زالوا منذ 33 عاماً في السجن، كما أن ماهر وكريم يونس قاما بقتل جندي عام 1981 وقضيا 36 عاماً في السجن. أما المجموعة الإرهابية اليهودية "همحتيرت هيهوديت" فكان لديها مخطط لتفجير الأقصى، وقامت بوضع عبوات ناسفة ضد رؤساء بلديات في الضفة الغربية، ومنهم بسام الشكعة الذي بُترت قدماه، كما قامت بإلقاء قنابل يدوية على الجامعة الإسلامية في الخليل، وعمليات أخرى، وأعضاء هذه العصابة لم يقضوا في السجن أكثر من بضع سنوات، وهم اليوم في مواقع عمل مرموقة".

خلل في التفكير

يرى سرساوي أن "هناك مشكلة في العقلية الفلسطينية التي لا زالت حتى هذه اللحظة لا تفهم الإسرائيليين، بدءاً من الذين فاوضوا عام 1985 لإتمام صفقة أحمد جبريل، إذ تركوا كريم وماهر يونس في السجون لغاية اليوم. وتكرر الأمر عندما قادت حركة حماس عملية إبرام صفقة جلعاد شاليط عام 2011". ويضيف "المفاوض الفلسطيني سلّم بقضية أننا نحمل الهوية والجنسية الإسرائيليتين، وعندما تمت العودة للحديث مع الأميركيين عام 2013 (تفاهمات سبتمبر والتي كان يفترض أن تطلق مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وفق خطط وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري) كان هناك مطلب فلسطيني بأن يتم اطلاق سراح جميع الأسرى القدامى، قبل اتفاق أوسلو، ومن ضمنهم أسرى الداخل"، لافتاً إلى أن "حكومة الاحتلال تراجعت عن تنفيذ الدفعة الرابعة التي كان يفترض أن تشمل أسرى الداخل، بحجة توجّه القيادة الفلسطينية إلى المسار الدولي وطلب الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال".

ويرى سرساوي أنه يجب معالجة قضية أسرى الداخل الفلسطيني بشكل خاص. ويضيف: "نحن جزء من الشعب الفلسطيني وناضلنا ضمن التنظيمات الفلسطينية، حتى إخوتنا من الأسرى من القدس والضفة وغزة يحترمون أسرى الداخل بشكل كبير ويقرون بأنه يجب إعطاء هذه القضية اهتماماً، ولكي يكون لها حل يجب أن يكون لها خصوصية".

ذات صلة

الصورة
مشهد لموقع مجمع الشفاء الطبي في غزة في 1 إبريل 2024 (محمد الحجار)

مجتمع

كشف فلسطينيون كانوا في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في شمال قطاع غزة عن فظائع ارتكبتها القوات الإسرائيلية في خلال اقتحامها المستشفى قبل انسحابها منه كلياً.
الصورة
بيان أبو سلطان (إكس)

منوعات

أعلنت الصحافية الفلسطينية بيان أبو سلطان "نجاتها"، بعدما اعتقلها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مستشفى الشفاء، غربي غزة، وانقطعت أخبارها منذ 19 مارس/آذار الحالي.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.