عقبات تغيير اسم مقدونيا: الانتخابات المبكرة هي الحل

عقبات تغيير اسم مقدونيا: الانتخابات المبكرة هي الحل

6F7A33BD-9207-4660-8AF7-0EF5E3A4CD6C
بيار عقيقي
صحافي لبناني، عمل في صحف ومجلات ودوريات ومواقع لبنانية وعربية عدّة. من فريق عمل قسم السياسة في الصحيفة الورقية لـ"العربي الجديد".
02 أكتوبر 2018
+ الخط -
البلقان ليس تفصيلاً في أوروبا، بل مقياساً لجنوحها إلى السلم أو الحرب. في مقدونيا، لم يعد تغيير اسم هذا البلد أمراً ثانوياً يخصّ أهلها، كما في سريلانكا التي تحولت من سيلان، وميانمار التي كانت بورما. في مقدونيا الأمور أكثر تعقيداً، كشأن كل بلدان البلقان. اسم البلاد مرتبط بالذاكرة التاريخية والجماعية لليونان، المتفاخرة بتراثها الإغريقي ـ المقدوني، وبإسكندرها المقدوني، ومحافظة مقدونيا الخاصة بها، مع ما ترتّب على ذلك من خلافات بين البلدين، كما أن اسم مقدونيا نفسه عرقل انضمام سكوبيي إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

يوم الأحد الماضي، كانت مقدونيا أمام استفتاء شعبي، بعنوان "هل تؤيد الاتفاق المقدوني ـ اليوناني للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي؟". كان من الطبيعي أن يكون الاستفتاء خلاصة نقاش طويل بين حكومتي اليسار في البلدين، بين أليكسيس تسيبراس في أثينا وزوران زايف في سكوبيي. حاول الطرفان إبعاد المؤثرات اليمينية عن القرار، خصوصاً مع بروز جماعات صغيرة في مقدونيا، مؤيدة للخيارات الصربية والروسية، وهو ما شكّل خطراً أساسياً على البلاد الطامحة إلى الخروج من عزلتها. ووقوعها بين اليونان وبلغاريا وصربيا وكوسوفو وألبانيا، ضيّق الخيارات الاقتصادية والسياسية عليها. ومنذ الاستقلال عام 1991 عن يوغوسلافيا السابقة، شكّل النزاع مع اليونان حول اسم البلاد، عقبة أمام انطلاق مقدونيا نحو العالم الغربي.

العقدة اليونانية تعود إلى اعتبار أثينا أن "اسم مقدونيا يتعارض مع إقليم مقدونيا الواقع في الشمال اليوناني، على المقلب الآخر من دولة مقدونيا، وهو ما قد يؤدي لاحقاً إلى نشوء نزعة استقلالية لدى المقدونيين للانضمام إلى الدولة المقدونية". وللدلالة على أهمية إقليم مقدونيا اليوناني، فإن مساحته تبلغ 34.177 كيلومتراً مربعاً، من أصل 131.957 كيلومتراً مربعاً هي مساحة اليونان. في يونيو/ حزيران الماضي اتفق تسيبراس وزايف على إجراء استفتاء، يتمّ بموجبه تغيير اسم مقدونيا إلى مقدونيا الشمالية، لإنهاء الملف الشائك. وتمّ تحديد موعد أوّلي للاستفتاء في يوليو/ تموز الماضي، قبل تأجيله إلى 30 سبتمبر/ أيلول الماضي. وحاول زايف، المنتمي إلى الاتحاد الاشتراكي - الديمقراطي، الدفع باتجاه تأييد تغيير اسم البلاد، بدعمٍ هائل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.


استجاب 36.62 في المائة من الناخبين لطلب زايف، في ظلّ مقاطعة الحزب اليميني ("التنظيم الثوري الداخلي المقدوني - الحزب الديمقراطي للوحدة الوطنية المقدونية"). صوّت من هؤلاء 94.19 في المائة لصالح تغيير الاسم، ورفض 5.81 في المائة. عملياً يجب أن يمرّ الاستفتاء، لكن المادة 30 من الدستور المقدوني تنصّ على أنه "لا يمكن تمرير أي استفتاء ما لم يتجاوز عدد المشاركين فيه نسبة 50 في المائة من الناخبين". وللتحايل على هذه المادة، يسمح الدستور بتمرير الاستفتاء إذا نال تأييد ثلثي أعضاء البرلمان، أي 80 نائباً من أصل 120، وهنا المعضلة، إذ إن الحكومة تملك 71 نائباً في مقابل 49 نائباً لـ""التنظيم الثوري الداخلي المقدوني - الحزب الديمقراطي للوحدة الوطنية المقدونية"، وهو ما قد يعرقل الأمر دستورياً. مع العلم أن التغيير إن حصل، سيطاول أيضاً إزالة الرموز والشعارات المرتبطة بمقدونيا اليونانية، كـ"شمس فيرجينا" التي ترمز إلى اليونان، وكل ما يمت بصلة إلى الإسكندر المقدوني.

بالتالي، يبقى أمام المقدونيين والحكومة حل واحد، قد يلجأ إليه زايف، وهو الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة تسمح لحزبه بالحصول على ثلثي أعضاء البرلمان ومن ثم تمرير الاستفتاء كقانون في البرلمان، وذلك رغم التأييد الأوروبي والأميركي لقوننة نتيجة الاستفتاء. مع العلم أن الدفع بزخمٍ كبير في هذا الاتجاه، قد يؤدي إلى توترات مع الصرب واليمين المقدوني. زايف طامح أصلاً لعلاقة محددة مع الأميركيين، فقد رحبت واشنطن بنتيجة الاستفتاء، مؤكدة أن "ذلك يمكن أن يقرب مقدونيا من الغرب اقتصادياً وعسكرياً". وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت، في بيان، إن "الولايات المتحدة تدعم بقوة التطبيق الكامل للاتفاق الذي يسمح لمقدونيا بأن تأخذ مكانها الصحيح في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وتساهم بذلك في الاستقرار والأمن والرخاء الإقليمي". ودعت أعضاء البرلمان المقدوني إلى "الترفع عن السياسات الحزبية وانتهاز الفرصة التاريخية لضمان مستقبل أفضل للبلاد بمشاركتها الكاملة في المؤسسات الغربية".



ذات صلة

الصورة

مجتمع

واجهت رئيسة جامعة كولومبيا الأميركية ضغوطا جديدة أمس الجمعة إذ وجهت لجنة الإشراف بالجامعة انتقادات حادة لإدارتها بسبب قمع احتجاجات داعمة للفلسطينيين في الجامعة.
الصورة

سياسة

يعتزم مجلس النواب الأميركي التصويت على مجموعة من العقوبات على إيران بعد الهجوم الذي شنّته على إسرائيل ليل السبت، فيما سيحاول تمرير مساعدات عسكرية لإسرائيل.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة
تظاهرة ووقفة بالشموع أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن

سياسة

شهدت العاصمة الأميركية واشنطن وقفة بالشموع وتجمّعاً للمئات من الناشطين أمام السفارة الإسرائيلية تأبيناً للجندي آرون بوشنل و30 ألف شهيد فلسطيني في غزة.

المساهمون