قمة بيروت: مشاركة ليبيا تثير جدلاً وملف سورية حاضر

قمة بيروت في موعدها: مشاركة ليبيا تثير جدلاً وملف سورية حاضر

12 يناير 2019
وجّه عون الدعوات لحضور القمة منذ شهور (Getty)
+ الخط -

وسط تحديات جسام تشهدها المنطقة العربية، تجري الجامعة العربية استعداداتها مع لبنان لعقد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة.

وتكتسب هذه القمة، التي ستعقد في 20 يناير/ كانون الأول الحالي، أهمية كبرى، بعد توقف استمر خمس سنوات، وذلك بعد آخر قمة اقتصادية استضافتها الرياض في عام 2013، حيث كانت تعقد مرة كل عامين، فرؤي عقدها كل خمس سنوات، وهو ما ستتم إعادة النظر فيه، بحيث تعقد بشكل دوري خلال فترة زمنية أقل من خمس سنوات.

وبالرغم من وجود مطالب برلمانية لبنانية برزت خلال الأيام الماضية بتأجيل انعقاد تلك القمة، خاصة مع استمرار معضلة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إلا أن الجامعة العربية أكدت في تصريحات للسفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة، أن قمة بيروت الاقتصادية ستعقد في موعدها، ولن يتم تأجيلها، مؤكداً أنها ستركز بالأساس على الموضوعات الاقتصادية، ولن تتطرق لملفات سياسية، إلا أن الوضع الراهن والتجاذبات السياسية باتت تطرح نفسها بقوة، وتلقي بظلالها على هذه القمة، خاصة في ما يتعلق برفض لبناني لمشاركة وفد ليبيا في القمة.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه اللجنة الإعلامية المنظمة للقمة الاقتصادية عن موافقة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري على دعوة ليبيا للمشاركة في الفاعليات، نفى المكتب الإعلامي للأخير صحة ما نُسب إليه، وتمسك برفض حضور الوفد الليبي لأعمال القمة في بيروت.

ونقل عن المكتب الإعلامي لرئيس المجلس النيابي في لبنان أنّ ما جرى تداوله بشأن ترحيبه بدعوة ليبيا للقمة الاقتصادية "عار عن الصحة تماماً".

وأشار البيان إلى أن وزير المالية علي حسن خليل، نقل إلى الرئيس اللبناني ميشال عون احتجاج رئيس مجلس النواب على توجيه دعوة إلى ليبيا للمشاركة في القمة.

يشار أيضاً إلى أن المرجع الشيعي الشيخ عبد الأمير قبلان أبدى احتجاجه على توجيه الدعوة إلى ليبيا للمشاركة في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المزمع عقدها في بيروت.

ودعا قبلان إلى اجتماع طارئ لبحث ما قال إنه "تداعيات دعوة ليبيا للمشاركة في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المزمع عقدها في بيروت".

إزاء ذلك، قال السفير حسام زكي، في تصريحات له من بيروت، تعقيباً على مسألة حضور ليبيا والخلاف بشأنها: إن "التجاذبات سياسية داخلية، ولا تخص الجامعة العربية، فالجامعة معنية بانعقاد القمة، ونحن هنا لوضع الترتيبات مع السلطات اللبنانية لانعقادها، والقمة في موعدها".

وعلى الرغم من كونها اقتصادية، إلا أن القمة تأتي وسط مؤشرات بدأت تظهر عربياً بعودة العلاقات الدبلوماسية مع سورية، واستئناف عمل العديد من السفارات العربية بدمشق، في ما اعتبره مراقبون تمهيداً لإمكانية إنهاء قرار رفع الحظر عن قرار تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية.

واستبعدت مصادر أن يتم رفع هذا الحظر خلال قمة لبنان، وأن تشارك سورية، إذ أكد زكي في تصريحات له أن عودة مقعد سورية تحتاج إلى توافق عربي واتخاذ قرار في هذا الشأن خلال اجتماع لوزراء الخارجية يعتمده القادة العرب، وبالتالي يمكن أن تكون النقاشات بشأن سورية محل تداول بين القادة العرب والوفود المشاركة في قمة لبنان، لكن في إطار مباحثات ثنائية ونقاشات غير معلنة، اعتبر مراقبون أنها يمكن أن تمهد لعودة سورية للحضن العربي خلال الفترة المقبلة، وربما تحدث مفاجأة في هذا الخصوص بقمة تونس المقررة في نهاية مارس/ آذار المقبل. 

وكانت بيروت قد أعلنت أنها أنهت جميع تحضيراتها اللوجستية لاستضافة القمة الاقتصادية، إذ وجه الرئيس اللبناني الدعوات للقادة العرب منذ شهور من خلال إرسال عدد من الوزراء اللبنانيين إلى مختلف العواصم العربية، كما أن وفد الأمانة العامة للجامعة العربية زار بيروت برئاسة السفير زكي، للوقوف على الترتيبات اللوجيستية للقمة وأماكن استضافة الاجتماعات التحضيرية، التي ستبدأ باجتماع لكبار المسؤولين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي في 17 يناير/ كانون الثاني، ثم اجتماع للوزراء المعنيين بالمال والاقتصاد والتجارة في 18 يناير/ كانون الثاني، ثم الانعقاد على مستوى القادة العرب في 20 يناير/ كانون الثاني.

وكشف زكي أن الترتيبات التي اتخذها الجانب اللبناني توفر فيها عنصر الجدية التامة، معرباً عن تفاؤله بأن تكون قمة بيروت مفيدة وناجحة، وذلك في ضوء العناية الكبيرة بها، سواء من قبل الرئاسة اللبنانية أو من الجهات الحكومية، متوقعاً أن تشهد مشاركة موسعة فيها من القادة العرب.

وقال السفير زكي إن جدول أعمال قمة بيروت سيكون كله اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً، ولن يتضمن أي ملفات سياسية أو غيرها، وذلك نظراً للحاجة إلى التركيز على محاور هذه القطاعات في العمل العربي المشترك.


ومن أبرز الملفات التي ستعرض على القمة، استكمال منطقة التجارة العربية الكبرى، والتي حققت نتائج مهمة خلال الفترة الأخيرة، بعدما تم الانتهاء من 95 في المائة من قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية، ودخلت بالفعل حيز التنفيذ في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومن المنتظر أن يستغرق الانتهاء من باقي النسبة خلال فترة زمنية وجيزة، بالإضافة إلى موضوع تحرير تجارة الخدمات في ضوء التصديق على اتفاقية بهذا الشأن بين كل من مصر والسعودية والأردن.

وأكد زكي في هذا الصدد على أهمية تجارة الخدمات، معتبراً أن دخولها حيز التنفيذ في الفترة المقبلة سيشكل مؤشراً على بدء حقبة جديدة وأكثر فاعلية في العمل الاقتصادي المشترك.

وستطرح أمام قمة بيروت مشروعات عدة لاعتمادها من قبل القادة العرب، ومن بينها الاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة، بعدما تم اعتمادها على المستوى الوزاري، إلى جانب تفعيل الاستراتيجية العربية للأمن المائي، التي أقرها المجلس الوزاري العربي للمياه في اجتماعه الأخير، وذلك لمواجهة تحديات التنمية المستدامة 2010 - 2030.

وتتطلع بيروت إلى أن تشكل القمة فرصة مواتية لصياغة خطة اقتصادية عربية شاملة تراعي الاقتصاد الرقمي لأهميته في مواكبة المتغيرات الراهنة، بحسب ما أكده وزير الاتصالات اللبناني جمال جراح، الذي ترأس وفد بلاده إلى الاجتماع غير العادي الذي عقده المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجامعة العربية قبل أسابيع للتحضير للقمة.

ووفق تقرير للأمانة العامة للجامعة العربية، فإن مشروع قمة بيروت يتضمن 24 بنداً، في مقدمتها تقرير الأمين العام للجامعة العربية عن العمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي المشترك، وتقرير حول متابعة تنفيذ قرارات القمم العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الثالثة بالرياض 2013.