ما بعد الحكم على مرسي: تشدّد قبل المصالحة؟

ما بعد الحكم على مرسي: تشدّد قبل المصالحة؟

23 ابريل 2015
يستخدم النظام مرسي للضغط على "الاخوان" (فرانس برس)
+ الخط -

يفرض أول حكم قضائي على الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"أحداث الاتحادية"، متغيّرات قد تطرأ خلال الفترة المقبلة على المشهد المصري. وتتمثل هذه المتغيّرات بما اعتبره البعض مقدمة وبداية للدخول في عملية مصالحة بين النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، وجماعة "الإخوان المسلمين" ومؤيدي مرسي.

بينما تتّجه كيانات انسحبت من التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، الموالي لمرسي، إلى إعادة النظر في موقفها ودراسة مسألة العودة إلى التحالف مرة أخرى، لعودة الاصطفاف ضد النظام الحاكم.

وكانت محكمة جنايات القاهرة أصدرت حكماً على مرسي بالسجن لمدة عشرين عاماً على خلفية اتهامه بالأحداث المعروفة إعلامياً بـ"أحداث الاتحادية"، والتي وقعت في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2012.

ولم يستبعد الخبير السياسي محمد عز أن تكون الأحكام القاسية هي مقدمة لمصالحة مع جماعة "الإخوان" ومؤيدي مرسي، معتبراً أنه لا يمكن الحكم على هذا الأمر إلا عقب إتمام اتفاق بين النظام الحالي ومؤيدي مرسي للخروج من الأزمة الحالية.

ويضيف عز، في حديث لـ"العربي الجديد": "نسمع بين الحين والآخر حصول مفاوضات أو مبادرات لحل الأزمة، ولكن من دون نتائج محددة، ولا أحد يعرف صحة هذه الأنباء"، مشيراً إلى أن "أي نظام عندما يريد حل أي قضية يضغط بكل قوة على الطرف الآخر من أجل تسوية الأمر"، مشدداً على أن "أي قضية أو أزمة داخلية في أي دولة لا يمكن أن تحل إلا من خلال الحوار والتسوية، وليس بالعنف والعنف المضاد".

ويرى الخبير السياسي أن مسألة التسوية مع جماعة "الإخوان" تحتاج لوقت، وخصوصاً أنه لا يمكن أن يكون النظام الحالي يعتبر "الإخوان" جماعة إرهابية، وبين ليلة وضحاها يحوّلها لجماعة وطنية، موضحاً أن التسوية تحتاج إلى ترتيبات معينة، منها تهيئة الرأي العام الداخلي للأمر، فضلاً عن استشارة حلفاء السيسي من بعض دول الخليج، وخصوصاً دولة الإمارات، بخلاف السعودية التي بدت في انفراجة لجهة الموقف من الجماعة.

وما يدعم اتجاه المصالحة، ما استدل عليه رئيس المحكمة السابق، المستشار رفعت سعيد، على أنه حكم سياسي بقرار المحكمة خلال النطق بالحكم، عندما برّأت جميع المتهمين من اتهامات القتل العمد وحيازة السلاح من دون ترخيص، وهذا دليل على أن جميع المتهمين الموجودين داخل القفص براءة من قتل المتهمين، موضحاً أن "المتهم بقتل الـ10 أشخاص حتى الآن مجهول".

وأضاف سعيد، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن "تلك الأحكام ليست نهائية، وقبول الطعن وارد بنسبة مئة في المئة"، متوقّعاً أن "يكون الهدف من وراء الأحكام المشدّدة التي يلاقيها قادة الإخوان، استخدامها كأداة ضغط في المستقبل لثني مرسي وقيادات الجماعة عن المطالبة بعودة نظام الحكم، واعتبارها ورقة ضغط في مراحل التفاوض المقبلة".

موقف عز وسعيد، لم يختلف عن حديث القيادي في "الجبهة السلفية"، مصطفى البدري، الذي يقول إن النظام ربما يفكر في الضغط أكثر على رافضي الانقلاب من خلال الأحكام القاسية، من أجل تمرير الانقلاب وفرض أمر واقع، معتبراً أن "النظام الحالي يريد إشغال الرافضين له عن جوهر القضية وهي الانقلاب، وبالتالي تكون القضية الرئيسية الإفراج عن الشباب والقيادات".

ويشدد البدري، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "لا مصالحة مع هذا الانقلاب، لأن ذلك سيكون تنازلاً عن المبادئ العامة لدى المؤيدين لمرسي"، مشيراً إلى أن "رافضي الانقلاب لا تشغلهم أحكام أو قتل من قبل الآلة القمعية طالما أنها في سبيل الحرية والثورة".

ويضيف: "في ظل دولة القانون، ينبغي أن نسأل المحكمة عن اختصاصها بالحكم في قضيةٍ طرفها رئيس الجمهورية، كما نسألها عن صحة الإجراءات المتعلقة باعتقال الرئيس وباقي المتهمين، هذا من حيث الشكل"، معرباً عن استغرابه من تصريح ممثل الادعاء أن "النيابة تولت التحقيق في قتل أحد المجني عليهم وتركت الباقي".

ويرى البدري أن "مصر لا تُعتبر دولة قانون، فلا يستطيع أحد أن يسأل عن شيء مطلقاً"، مشيراً إلى أن "القضاء يتستر على قتل الآلاف ويبرئ القتلة ويسهم في القتل بأحكام إعدام جائرة".

اقرأ أيضاً: الحكم على مرسي: ثغرات قانونية... والإلغاء ممكن

ويبدو أن الأحكام على مرسي ستدفع لعودة الاصطفاف والوحدة بين معارضي الانقلاب كافة، خصوصاً من الكيانات التي أعلنت انسحابها من التحالف الوطني لدعم الشرعية.

وكان تحالف دعم الشرعية في تركيا، وجّه رسالة لكل الكيانات التي انسحبت من التحالف الوطني في مصر، مطالباً إياها بإعادة النظر بما آلت إليه الأمور، والعودة للاصطفاف الوطني مرة أخرى.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر، أن الكيانات التي انسحبت من التحالف الوطني بدأت في إعادة تقييم الموقف على الساحة السياسية، سواء بالعودة إلى التحالف أو الاستمرار في الانسحاب. ومن بين الكيانات والأحزاب التي انسحبت، حزبا "الوطن" و"الاستقلال"، إضافة إلى الجبهة السلفية.

وفي أول بادرة رسمية على دراسة العودة للتحالف، ثمّن المتحدث باسم الجبهة السلفية، خالد سعيد، دعوة تحالف دعم الشرعية بتركيا لعدد من الفئات السياسية بالعودة للانضمام للتحالف مرة أخرى.

وقال سعيد، في بيان حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إن "التحالف هو الواجهة السياسية المحترمة والثورية التي تحمّلت عبء التصدي للانقلاب العسكري في أعتى موجة للثورة المضادة لثورة 25 يناير المجيدة، وقد كنا أحد مكونات التحالف من أجل خدمة مصر واستعادة الثورة".

ولفت إلى أن "الانسحاب من التحالف جاء بناءً على رؤية جديدة لمعطيات الساحة السياسية إبان انتفاضة الشباب المسلم ومعركة الهوية"، مشيراً إلى "وجود خلافات مع التحالف في توجهات معينة استشرفناها وقتها، ثم خلاف مع جماعة الإخوان، أكبر مكونات التحالف، وتلاسن من بعض فئاته بل واتهامات".

وشدد على "الاصطفاف مع جميع القوى الثورية والحرة في مصر، وعلى رأسها التحالف الوطني لدعم الشرعية، وبالطبع ستكون دعوته الكريمة محل دراسة متأنية".

اقرأ أيضاً: الحكم على مرسي: ورقة للمساومة لا تعدم حظوظ التسوية

المساهمون