معركة فاصلة في الفلوجة: تقدّم بطيء ولا سقف زمنياً

معركة فاصلة في الفلوجة: تقدّم بطيء ولا سقف زمنياً

24 مايو 2016
30 ألف مقاتل يشاركون في العمليات (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
تدخل معركة الفلوجة يومها الثاني منذ إطلاقها فجر أمس الإثنين، وسط تحشيد عسكري وإعلامي عراقي غير مسبوق وحضور قيادات عسكرية وسياسية ودينية أجواء المعركة لرفع معنويات المقاتلين الذين بلغ تعدادهم ثلاثين ألفاً من الجيش والشرطة والمليشيات، وسط مصير مجهول لنحو 100 ألف مدني داخل الفلوجة قُطعت عنهم أغلب وسائل التواصل.
وتركزت معارك الساعات الماضية على القصف الصاروخي والجوي والاشتباكات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة والقذائف الصاروخية فضلاً عن العمليات الانتحارية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وتدور المعارك في محاور الفلوجة الأربعة إلا أنها تبدو أكثر حدة في المحورين الجنوبي والشرقي، بسبب المساحات المفتوحة التي قد تستخدم كنقطة ضعف للدخول للمدينة. وسجلت مستشفى الفلوجة وصول 23 قتيلاً من بينهم تسعة أطفال بسبب القصف الجوي الصاروخي على المدينة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 40 مدنياً وفقاً لحصيلة أولية.
ولم تنجح القوات المشتركة في الوصول إلى حدود المدينة السكنية حتى عصر أمس، إذ كانت المعارك لا تزال تدور على بُعد بضعة كيلومترات عن أول الأحياء السكنية فيها، إلا أن هذه القوات حققت تقدماً في مناطق تحيط بالمدينة. وكشفت مصادر عسكرية عراقية لـ"العربي الجديد"، أن "القوات المشتركة حققت تقدّماً في المناطق الزراعية والريفية والصناعية المحيطة بالفلوجة وهي مناطق مفتوحة لا تحوي على أي غطاء"، مشيرة إلى أن "داعش" أوقع قتلى وجرحى في صفوف تلك القوات من بينهم ما لا يقل عن 20 عنصراً من حزب الله العراقي بتفجير انتحاري بواسطة سيارة مفخخة شرق الفلوجة، لافتة إلى أن القوات المشتركة تمكنت من السيطرة على مجمع معامل الحراريات والاسمنت على بُعد 7 كيلومترات شرق الفلوجة. فيما قدّرت مصادر عسكرية سقوط أكثر من ألف صاروخ منذ فجر الإثنين على المدينة من قِبل الطيران الدولي والمحلي وصواريخ أرض -أرض يطلقها الجيش و"الحشد الشعبي".
وأعلن قائد عمليات "تحرير الفلوجة" الفريق عبد الوهاب الساعدي لـ"العربي الجديد"، أنه لم يتم تحديد سقف زمني لمعركة الفلوجة حتى الآن، مؤكداً أن" هناك تقدّماً في محاور المعركة لكن لن نضع سقفاً زمنياً لها"، معتبراً أن المعركة "واحدة من المعارك الفاصلة مع داعش في العراق".
من جهته، توقّع العقيد الركن محمد الموسوي من قيادة الفرقة الثامنة في الجيش العراقي أن تستمر المعركة وقت أطولاً من المتوقع، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "التقدّم ببطء أفضل لتقليل الخسائر البشرية"، فيما قال عضو مجلس المحافظة، حميد أحمد هاشم لـ"العربي الجديد"، إنّ "المرحلة الأولى لمعركة تحرير الفلوجة رُسمت لها حدود ثابتة لا يمكن تجاوزها من قبل القوات العراقيّة"، موضحاً أن "القوات لم تدخل حدود الفلوجة، والعملية هي استكمال تطويق مدينة الفلوجة، فيما يجري قصف مكثّف ودقيق من قبل طيران التحالف الدولي والطيران العراقي على أهداف ومقار داعش داخل المدينة"، مبيناً أنّ "القصف ينفّذ بدقة تامة ولم يؤثّر على المدنيين المتواجدين داخل المدينة". وأشار إلى أنّ "القوات العراقيّة تحرز تقدّماً ملحوظاً في المناطق المحيطة بالفلوجة، وتمكّنت من تحرير بلدة كرمة الفلوجة ومعمل اسمنت الفلوجة بين الكرمة والفلوجة ومنطقة الشهابي". وأشار إلى أنّه "بعد استكمال هذه المرحلة ستبدأ المرحلة الثانية وهي الدخول إلى الفلوجة من قبل قوات مكافحة الإرهاب وأفواج الطوارئ وشرطة الفلوجة وأبناء العشائر".


أما القيادي العشائري رافد الزوبعي، فقال إنّ "القوات العراقيّة تعمل حالياً على تكثيف الضربات على أهداف داعش وترك منفذ له للانسحاب من المدينة". وأوضح الزوبعي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الخطة تركز على تطويق المدينة من ثلاثة محاور وترك المحور الشمالي للمدينة باتجاه جزيرة الخالدية وصحراء الثرثار مفتوحاً، لمنح فرصة للتنظيم للانسحاب من المدينة"، موضحاً أنّ "الهدف من هذه الخطة هو حماية المدنيين لأنّ المعركة قد توقع خسائر في صفوف المدنيين".
وحصلت "العربي الجديد" على قائمة الجهات المشاركة بالهجوم على المدينة من محاورها الأربعة، وهي قوات الجيش، والشرطة الاتحادية، وجهاز مكافحة الإرهاب، والشرطة المحلية، وعشيرة البو عيسى، ومليشيات "الحشد الشعبي" التي يرافقها العشرات من عناصر الحرس الثوري الإيراني الذين سيقدمون الاستشارة لها. فيما تتواجد كتائب مدفعية وصواريخ ولواءا دروع تحت غطاء كثيف من المروحيات العراقية ومقاتلات "إف 16" و"إف 18" الأميركية.
وزادت مليشيات "الحشد" تواجدها على مشارف المدينة لتكون هي القوة الأكبر عددياً في المعركة، بعكس ما وعد به رئيس الوزراء حيدر العبادي وجهاء المدينة وقيادات سنّية بارزة في تحالف القوى من أن "الحشد" لن تشارك فيها.
وحذرت كتل سياسية وشخصيات عشائرية من دخول مليشيات "الحشد" المدينة بعد رفعها ما وصفته شعارات إيرانية للانتقام من المدينة. وقال الشيخ عبد الله كسار الشمري، أحد أعضاء مجلس عشائر الأنبار، لـ"العربي الجديد"، إن "دخول "الحشد" المدينة يعني إعدامات ميدانية للمدنيين وسرقة وسطو وتفجير منازل"، لافتاً إلى توجيه "رسالة مذيلة بأكثر من 100 توقيع لشخصيات عراقية مهمة، طالبت العبادي بعدم السماح للحشد بدخول الفلوجة وتركها خارج المدينة".
كما طالبت النائبة لقاء وردي، رئيس الوزراء بمنع دخول تلك المليشيات للفلوجة، مؤكدة في بيان أن "أعداد القوات العسكرية واستعداداتهم تكفي لتحرير المدينة".
لكن مصادر سياسية عراقية كشفت أن الهجوم المفاجئ على الفلوجة "يأتي كخطة من العبادي لإعادة توحيد المليشيات". وقالت مصادر مطلعة على الشأن الداخلي لـ"التحالف الوطني"، لـ"العربي الجديد"، إن العبادي وضع جميع القوى، لا سيما الأحزاب الشيعية، أمام الأمر الواقع، في إعلانه معركة "تحرير الفلوجة" التي انطلقت فجر الإثنين.
وقال القيادي في مليشيا "الحشد الشعبي" فاضل الدهلكي، إن "العبادي نجح في تهدئة القيادات السنية، حين وعدهم بعدم مشاركة الحشد والفصائل المسلحة الأخرى (المليشيات)، لكنه اتفق مع كبار قادة التحالف والحشد بمشاركة تلك الفصائل وفق ضوابط محددة، منها عدم تقدمهم برفقة القوات العسكرية ولكن دورهم سيكون مسانداً".