روحاني... خيار الإصلاحيين الوحيد لرئاسيات إيران

روحاني... خيار الإصلاحيين الوحيد لرئاسيات إيران

14 مارس 2017
يريد الإصلاحيون تأمين الدعم لروحاني (الأناضول)
+ الخط -
قرر إصلاحيو إيران أن يوفروا على أنفسهم عناء خوض السباق الرئاسي المرتقب، والذي سيجري في مايو/أيار المقبل، فلن يكرروا السيناريو نفسه الذي وقع قبل أربعة أعوام حين انسحب مرشح التيار، محمد رضا عارف، لصالح دعم الرئيس المعتدل، حسن روحاني. فقد كان عارف يعلم يومها أن البقاء حتى النهائيات يعني تقسيم الأصوات بين "تيار الاعتدال" والإصلاح، وهو ما سيسهل مهمة فوز مرشح من التيار المحافظ، لكن الدعم الذي ناله روحاني عبّد الطريق لعودة الإصلاحيين إلى المشهد السياسي، وهم من غابوا عنه منذ أزمة الحركة الخضراء التي أعقبت رئاسيات عام 2009.

اجتمع أعضاء المجلس الأعلى للتخطيط، وهو المجلس الذي يضم تحت رايته كل الجبهات الإصلاحية، ليل الأحد - الإثنين، وناقش في جلسته التي طالت لأكثر من ساعتين مشروع التيار الإصلاحي ورؤيته حول الانتخابات الرئاسية المقبلة. وعقب انتهاء الاجتماع، أعلن عارف، وهو من يتولى رئاسة المجلس، أن روحاني سيكون مرشحاً للإصلاحيين وسيدعمونه خلال الاستحقاق المرتقب. وفي تصريحات صحافية، ذكر عارف أنه تم الاتفاق على تقسيم العمل في مراكز انتخابية ستوزع بين المحافظات، بين الإصلاحيين و"المعتدلين"، مشيراً إلى أن خطاب الإصلاحيين لا يزال يحظى بشعبية لدى الشارع الإيراني، وبأن الشعارات نفسها ستبقى حاضرة.


عارف، الذي كان نائباً للرئيس السابق، محمد خاتمي، ويحمل شهاداته العليا من الولايات المتحدة الأميركية، شارك في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت العام الماضي، فعرض لائحة إصلاحية واحدة سميت بلائحة الأمل، ضمت شخصيات معتدلة وإصلاحية على حد سواء، ونجح من خلال هذه الخطة في إيصال كل أعضائها إلى مقاعد البرلمان، وحل أولاً عن دائرة العاصمة طهران، وهي الدائرة الأثقل.  وربما يدرك عارف اليوم أنه لن يستطيع الوقوف في وجه روحاني، في وقت لا يزال يعاني فيه التيار من غياب الرموز الكبرى، وعدم القدرة على تقديم شخصية تستطيع أن تكتسح الرئاسيات، بوجود مرشح كروحاني من ناحية، وبوجود صقور المحافظين.

لم يخفِ الرجل وجود خلاف بين الإصلاحيين والرئيس روحاني، فقال صراحة إن البعض يرون في الرئيس الإيراني الحالي الفرصة الوحيدة للنجاح بما يضمن استمرار الحضور في مؤسسات الدولة، فيما يرى البعض الآخر أنه يجب دعم أكثر من مرشح إصلاحي، وانتظار ما سيحمله السباق الرئاسي، ليتم الاتفاق حينها على دعم أكثر الشخصيات التي ستلقى ترحيباً شعبياً في النهائيات.

وفي السياق نفسه، نقل موقع تسنيم الإيراني، عن أمين حزب نداء الإيرانيين، الإصلاحي مجيد فراهاني، قوله إن حزبه يؤمن بضرورة مشاركة مرشحين إصلاحيين إلى جانب روحاني، معتبراً أن شعبية الرئيس الحالي لم تعد كما السابق، لكنه جدد التأكيد على اتفاق المنتمين إلى التيار على دعم روحاني على الرغم من كل التحفظات.  وذكر فراهاني أن بلاده تواجه تحديات عديدة في الوقت الراهن، وهو ما يستلزم علاقات أقوى مع الدول الكبرى والجارة، قائلاً إن تسلم دونالد ترامب  الرئاسة في الولايات المتحدة يهدد المصالح الإيرانية، مما يعني ضرورة ترميم العلاقات مع الآخرين بما يقلص من هذا الخطر إلى حده الأدنى. وتوقع أن يتحول السباق الرئاسي إلى صراع بين قطبين، وهو ما يعني ضرورة وقوف شخصيات قوية إلى جانب روحاني، الذي من الممكن أن يفاجئ الجميع في الدقيقة التسعين في حال لم يستطع الصمود أو التأهل للنهائيات.

وفي سياق تحضيرات الإصلاحيين لتحقيق الجهوزية بما يؤمن دعماً قوياً لروحاني، اجتمع أعضاء من جبهة الأمل مع الرئيس الإيراني أمس، الإثنين، كما سيعقد اجتماع آخر في مقر الرئاسة مع أعضاء المجلس الأعلى للتخطيط، اليوم الثلاثاء.

 كل هذا يعني أن الإصلاحيين لا يزالون يلملون الجراح التي تسببت بها احتجاجات عام 2009، والتي لم تنهِ واقع فوز الرئيس المحافظ، محمود أحمدي نجاد، بدورة ثانية على منافسه الإصلاحي، مير حسين موسوي، على الرغم من التشكيك في نزاهة الانتخابات. كما يعني في الوقت نفسه أنهم لا يزالون غير قادرين على اختيار اسم واحد يستطيع أن يمثل الإصلاح الحقيقي، ويكون قادراً على المنافسة والحصول على موافقة لجنة صيانة الدستور التي تمنح أهلية الترشح للمتنافسين.

وعلى الرغم من حصولهم على مقاعد كثيرة في البرلمان الإيراني، واحتلالهم مناصب حكومية ومقاعد وزارية في حكومة روحاني، إلا أن لدى بعض الإصلاحيين تحفظاتهم إزاء الرئيس الذي لم يفِ بكل وعوده ولم يعط الإصلاحيين حصصهم كاملة على الرغم من كل الدعم الذي وفروه له. 

استراتيجية الإصلاحيين هذه المرة لم تتغير عن سابقاتها، لكن تشكيل المجلس الأعلى للتخطيط، بمباركة الرئيس السابق محمد خاتمي، والراحل أكبر هاشمي رفسنجاني، كان خطوة هامة نحو الأمام. ويضم المجلس 32 عضواً وهم من رؤساء أحزاب التيار وشخصيات إصلاحية.

في المقابل، يبدو المحافظون أكثر حذراً، فلم يحددوا حتى الآن أسماء مرشحيهم، وقد يكون الأمر مرتبطاً بملفات تعني البلاد كثيراً كمستقبل الاتفاق النووي، والسياسة الأميركية الجديدة فضلاً عن الأوضاع الإقليمية. وقد أعلن هؤلاء في ديسمبر/كانون الأول الماضي عن تشكيل الجبهة الشعبية لقوات الثورة الإسلامية، والتي لا تشمل كل المحسوبين على الأصوليين، لكنها لاقت دعم كثيرين.

 وأفادت بعض المواقع أن هذه الجبهة تدرس ترشيح ودعم خمسة مرشحين، من أصل عشرة أسماء، تم تسريبها أخيراً. ومن هذه الشخصيات أمين مجلس الأمن القومي السابق، سعيد جليلي، رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، وأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، وكلهم خاضوا استحقاقات رئاسية سابقاً، فضلاً عن أسماء ثانية.

ويرى البعض أن المحافظين هم من يحتاجون إلى التنسيق والاتحاد أكثر من غيرهم، فخسارتهم في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2013، تعود إلى توزع نسب الاقتراع على عدد من المرشحين، شاركوا في النهائيات أمام روحاني، الذي حصد أصوات مؤيدي الاعتدال والإصلاح معاً. وتأتي هذه التطورات في وقت يكثف فيه الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، من نشاطه لدعم مرشح عن تياره، وهو رئيس مكتبه السابق حميد بقائي الذي قرر الترشح، ليعزز هؤلاء الانقسام داخل التيار المحافظ نفسه، لا سيما أن خلافاتهم مع المحافظين التقليديين لا تزال قائمة.

المساهمون