مؤشرات التصعيد العسكري تحيط بصنعاء

مؤشرات التصعيد العسكري تحيط بصنعاء

18 ديسمبر 2017
صعّدت قوات الشرعية عملياتها أخيراً (صالح العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -


بالتزامن مع التصعيد العسكري في أكثر من محافظة يمنية، تتجه الأنظار نحو العاصمة صنعاء، مع إعلان التحالف بقيادة السعودية أن منظمات دولية طلبت إجلاء موظفيها، الأمر الذي لم تؤكده الأخيرة. غير أن مغادرة البعثة الدبلوماسية الروسية الأسبوع الماضي، كانت المؤشر الأبرز، على احتمالات توجّه البلاد نحو مزيد من التصعيد، وباتجاه صنعاء تحديداً، في وقت تتباين فيه المواقف الدولية، بين التأييد للشرعية ومهاجمة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وبين التأكيد على الحل السياسي، الموقف الذي تجلى بتصريحات مثيرة للسفير الأميركي ماثيو تولر أخيراً.

وفي تطور لافت أيضاً، كُشف أمس عن مغادرة أسرة علي عبد الله صالح، صنعاء، ووصولها مساء السبت إلى عدن. ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصدر عسكري حكومي أن موكب الأسرة أقل أطفالاً ونساءً من أسرة صالح، بالإضافة إلى السائقين والحراس الشخصيين، مشيراً إلى أن أسرة صالح ستغادر إلى الإمارات، حيث يقيم أحمد، نجل صالح الأكبر، في أبوظبي منذ اندلاع الحرب في اليمن مطلع عام 2015. وأكد نائب رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي"، هاني بن بريك، وصول الأسرة إلى عدن. وقال في تغريدة له على موقع "تويتر" إن "أسرة صالح وأقرباءه سيجدون في الجنوب كل الرعاية والحماية التامة حتى يبلغوا وجهتهم التي يريدون، وإن أرادوا البقاء في الجنوب فمرحباً وأهلاً وسهلاً".

من جهة أخرى، أكدت مصادر يمنية قريبة من مكتب الأمم المتحدة في صنعاء أمس الأحد، لـ"العربي الجديد"، استمرار عمل مكاتب المنظمات الإغاثية والعاملة في المجال الإنساني، على الرغم من الصعوبات التي تعترض عملها عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة اليمنية، رافضة التعليق على أنباء طلب منظمات إجلاء موظفيها من اليمن. في وقتٍ يواصل فيه مسؤولون في منظمات إغاثية عقد لقاءات بمسؤولين موالين للحوثيين.

وفي السياق، أكدت مصادر تابعة للحوثيين أن لقاءً عُقد أمس الأحد في صنعاء، جمع رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن ألكسندر فياج، برئيس ما يُسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، صالح الصماد، مشيرة إلى أن الأخير طمأن "رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكافة البعثات باستقرار الأوضاع وعدم وجود أي تخوف" مما تروج له ما وصفها بـ"وسائل إعلام العدوان" (التحالف). فيما نقلت وكالة الأنباء اليمنية، بنسختها التي يديرها الحوثيون، عن رئيس بعثة الصليب الأحمر، أنه أكد "حرص اللجنة على توسيع نشاطها وتعزيز أداء العمل في اليمن بما يتواكب ومتطلبات المرحلة الراهنة".


وكان التحالف، وفي تصريح أثار علامات استفهام عديدة، قد أعلن مساء السبت الماضي، أن منظمات إغاثية طلبت إجلاء موظفيها من صنعاء. لكن الأغرب في تصريحات التحالف التي نقلتها قناة الإخبارية السعودية، هو المناشدة للمنظمات الدولية بعدم المغادرة، ومطالبته لما وصفها بـ"المليشيا الإجرامية"، بتوفير الحماية للمنظمات الإغاثية، بحسب القانون الدولي، وهي مناشدة تتناقض مع تصريحات سابقة للتحالف والحكومة الشرعية. ويوم الأحد، جددت الحكومة اليمنية مطالبتها للمنظمات الإغاثية بالوجود في عدن التي تصفها بـ"العاصمة المؤقتة".

وعلى الرغم من عدم إعلان أي من المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن، رسمياً، عن إجلاء موظفيها من صنعاء في الآونة الأخيرة، إلا أن مغادرة بعثة روسيا الدبلوماسية، وإغلاق موسكو أبواب سفارتها في صنعاء للمرة الأولى، منذ أسبوع، كان المؤشر الأبرز على احتمال تفاقم الوضع الأمني ومضي البلاد نحو مزيد من التصعيد العسكري، وتحديداً في ما يتعلق بتصعيد قوات الشرعية للزحف صوب صنعاء، التي باتت تحت سيطرة حصرية للحوثيين.

ومنذ مطلع عام 2015، أغلقت أغلب البعثات الدبلوماسية أبوابها وغادرت اليمن، عقب انقلاب الحوثيين وإصدارهم ما سُمي بـ"الإعلان الدستوري"، وفي وقت لاحق غادرت سفارات بلدان أخرى، مع بدء عمليات التحالف بقيادة السعودية، غير أن السفارة الروسية بقيت الوحيدة من سفارات الدول المهمة عاملةً طوال الفترة الماضية، قبل أن تغادر الأسبوع الماضي، وتعلن أنها ستستأنف عملها بجزء من طاقمها الدبلوماسي من العاصمة السعودية الرياض.

وتعيش صنعاء عزلة منذ بدء عمليات التحالف وما رافقها من مغادرة البعثات الدبلوماسية، مروراً بإغلاق مطار صنعاء الدولي، منذ أكثر من عام أمام الرحلات التجارية. ودخلت المدينة في مرحلة جديدة من العزلة أخيراً ارتفعت معها احتمالات التصعيد العسكري، لقوات الشرعية المدعومة من التحالف، بالزحف نحو العاصمة. وتدور المعارك على بعد عشرات الكيلومترات إلى الشرق من صنعاء، غير أن قوات الشرعية لم تحقق حتى اليوم اختراقاً حاسماً، منذ انتقال المعارك إلى مديرية نِهم شرق صنعاء، قبل عامين.

وفي خضم توقعات مسارات التصعيد ودعوات التصعيد، يبدو الموقف الدولي مؤيداً للحكومة للشرعية ومعارضاً للحل العسكري في آن واحد، أو لا يدعمه بصورة علنية على الأقل، وهو ما يتجلى بتصريحات السفير الأميركي، ماثيو تولر، أخيراً، إذ وصف مقتل علي عبدالله صالح بأنه مثّل "صدمة كبيرة" للمجتمع الدولي، ودعا القبائل في محيط صنعاء لمواجهة "التطرف الحوثي". لكنه أكد أن مستقبل البلاد مرهون بالوصول إلى حل سياسي، واعتبر أن الحلول العسكرية تزيد من حالة الاحتقان في المجتمع اليمني.
وكان لافتاً أن موقف السفير الأميركي الذي يدعو القبائل للوقوف ضد الحوثيين، الذي أثار غضب الجماعة، جاء بعد أيام من تصريحات بريطانية لم تبتعد كثيراً في مضمونها، إذ قال المتحدث باسم الحكومة البريطانية، إدوين سموال، إن بلاده "تدعو أغلبية اليمنيين من جميع الطوائف إلى التوحد خلف الحكومة اليمنية الشرعية من أجل تشكيل حركة وطنية جديدة ضد طغيان الحوثيين وأساليب الترهيب التي يستعملونها".

الجدير بالذكر أن وتيرة المواجهات الميدانية والعمليات العسكرية تصاعدت منذ أكثر من أسبوع، عقب الأحداث التي شهدتها العاصمة اليمنية، إذ صعّدت قوات الشرعية، بدعم من التحالف، عملياتها في الساحل الغربي باتجاه الحديدة، وجنوباً في الأطراف الغربية الشمالية لمحافظة شبوة، مع ضربات جوية مكثفة، يعلن الحوثيون عن سقوط ضحايا مدنيين نتيجتها بشكل يومي، منذ أيام، فيما تقول مصادر الشرعية والتحالف إن المئات من الحوثيين قتلوا خلال أسبوع، في أكثر من جبهة.