الاحتلال يلاحق الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي

الاحتلال يلاحق الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي

02 مايو 2016
تخوّف إسرائيلي من تغيير نمط العمل المقاوم(جعفر اشتيه/فرانس برس)
+ الخط -
شكّل الاحتلال الإسرائيلي وحدة عسكرية خاصة تُعنى بتتبّع حسابات الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف التعرّف على الشباب الذين لديهم "قابلية" لتنفيذ عمليات فردية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية وداخل إسرائيل. وفي تحقيق نشرته في عددها الصادر الثلاثاء الماضي، أشارت صحيفة "ميكور ريشون" إلى أن ضباط وجنود الوحدة، التي تنتمي لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، يحرصون على تصفّح حسابات الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية بدقة والتوقّف عند بعض المنشورات التي قد تشي مضامينها بشكل مباشر أو غير مباشر بنيّة أو استعداد كاتبها لتنفيذ عمل مقاوم ما.
وقال معدّ التحقيق، الصحافي أساف جيبور، إن الطابع الفردي للعمليات قلّص هامش المناورة أمام الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على اعتبار أن منفذي العمليات لا ينتمون لتنظيمات محددة يسهل جلب المعلومات عنها من خلال المتابعة والرصد. وأضاف جيبور أن الاستخبارات الإسرائيلية شعرت بالحرج الشديد أمام المستوى السياسي الحاكم وأمام الرأي العام عندما عجزت عن وضع حد للعمليات الفردية، ما أصاب الجمهور الإسرائيلي بالإحراج. ونقل جيبور عن المقدّم "أ" (كما سمّاه)، ضابط الاستخبارات الرئيس في قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي (تشمل الضفة الغربية)، قوله إن تتبّع حسابات الشباب الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي كان "نتاج أبحاث نفسية معمّقة أجريت من أجل التعامل مع الوضع الجديد". وأضاف: "هناك كراهية نتيجة الصراع، وهناك تحريض، والمشكلة بالنسبة لنا تتمثّل في التعرف على الشخص الذي يمكن أن ينطلق بالكراهية خطوة أخرى وينفذ عملية"، مشيراً إلى أن الاستخبارات دعت مختصين في علم النفس من أجل تحديد عدة أنماط (بروفايل)، للشخص الذي يمكن أن ينفذ عملية. وحسب المقدّم "أ"، فقد التقى في السجون بالعشرات من منفذي العمليات الذين ظلوا أحياء "وعرفت منهم الأسباب التي دفعتهم لتنفيذ العمليات". وادعى أنه بناءً على نتائج الأبحاث والمقابلات التي أجريت مع منفذي العمليات فقد "تمكّنّا من اعتقال أشخاص بدوا لنا مستعدين لتنفيذ عمليات حتى قبل أن يقرروا ذلك بشكل نهائي". وشدد المقدّم "أ" على أن الاستخبارات الإسرائيلية تركز على استهداف الأطر الطلابية ذات التوجّه الإسلامي، مشيراً إلى أنه يتم اعتقال الطلاب الذين يدرسون التخصصات الدينية وأولئك الذين يدرسون الاختصاصات العملية والتقنية التي تؤهلهم لإعداد المتفجرات.


وفي سياق متصل، نقلت الإذاعة الإسرائيلية، أمس الأول الجمعة، عن مصادر إسرائيلية قولها إن تراجع مستوى العمليات جاء أيضاً بفعل سياسة العقوبات الجماعية التي تضمّنت ممارسة ضغوط اقتصادية وتدمير منازل وسحب تصاريح العمل ومعاقبة الأشخاص الذين يقومون بتهريب العمال غير الحاصلين على التصريحات، علاوة على مصادرة أية ممتلكات يمكن أن تسهم في تمويل العمليات. ولم تستبعد المصادر أن يغيّر الشباب الفلسطيني أنماط العمل المقاوم بشكل مفاجئ ويهموا بالتنفيذ باستخدام السلاح أو عبر تنفيذ عمليات تفجير، مثل عملية تفجير الحافلة في القدس المحتلة أخيراً، ما قد يمثّل مقدمة لمرحلة جديدة من العمليات. وأشارت المصادر إلى أن ما يفاقم المخاوف لدى الجيش الإسرائيلي حقيقة أن هناك الكثير من السلاح في الضفة الغربية، معتبرة أن توفر السلاح والاستعداد لتنفيذ "عمل انتحاري" يجعل نتائج العمليات أكثر خطورة.
لكن هناك في إسرائيل من يقلّل من أهمية تأثير الإجراءات التي يتخذها الجيش والاستخبارات، ويرى أنه في حال تواصل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية فلن يكون أمام إسرائيل "إلا الأسوأ". وفي هذا السياق، قال الكاتب الإسرائيلي آرييه شافيت إن إسرائيل تدفع ثمن تخلّيها عن حل الدولتين وتحوّلها إلى "الدولة الواحدة التي تسمح للفلسطينيين بالتواجد في قلب التجمّعات اليهودية، ما يسهّل عليهم توجيه الضربات".
وفي مقال نشرته صحيفة "هأرتس"، الثلاثاء الماضي، حذر شافيت من أن ضم الضفة الغربية الفعلي لإسرائيل يعني منح التنظيمات الإسلامية الفرصة "لإحراق إسرائيل من الداخل، إذ إنه سيكون من المستحيل إحباط العمليات عندما يعيش الراغبون في تنفيذها بينك". وتوقّع شافيت أن تتحوّل إسرائيل إلى نسخة جديدة مما كانت عليه كوسفو، حيث تتقاتل المدن بعضها مع بعض.

المساهمون