محاولة قتل الجاسوس الروسي: لندن تسعى لمعرفة مصدر السم

محاولة قتل الجاسوس الروسي: لندن تسعى لمعرفة مصدر السم

08 مارس 2018
لا يزال سكريبال في حالة حرجة مع ابنته(مات كاردي/Getty)
+ الخط -
يبذل المحققون البريطانيون، اليوم الخميس، جهوداً لمعرفة مصدر غاز الأعصاب المستخدم في محاولة قتل الجاسوس المزدوج الروسي السابق، سيرغي سكريبال، وابنته، في بلدة في جنوب غرب بريطانيا.

ولا يزال سكريبال (66 عاماً)، الذي انتقل إلى بريطانيا في العام 2010 في إطار صفقة تبادل جواسيس، في حالة حرجة في المستشفى مع ابنته يوليا، بعد العثور عليهما في حالة انهيار على مقعد أمام مركز تسوق يوم الأحد الماضي.

وأصيب شرطي حضر لإسعافهما بعوارض مرض، لكن حالته "تتحسن"، بحسب وزيرة الداخلية آمبر راد، التي أوضحت لبرنامج "صباح الخير يا بريطانيا" على قناة "آي تي في وان" التلفزيونية، أن المُستهدفين الإثنين "لا يزالان في حالة خطيرة جداً، فيما الشرطي يتحدث ويتفاعل ولذا فإني أكثر تفاؤلاً بشأنه، لكن من المبكر جدا التأكيد".

ويحمل سياسيون بريطانيون ووسائل الإعلام موسكو مسؤولية عملية التسميم الجريئة التي حصلت في بلدة سالزبري جنوب غرب بريطانيا، ما أثار رداً غاضباً في موسكو. وأكدت الشرطة البريطانية الأربعاء، وللمرة الأولى، استخدام غاز أعصاب، وبأن تحقيقاتها تتعلق الآن بمحاولة قتل.

وقالت شرطة مدينة لندن إنها "حالياً تستطيع التأكيد أن العوارض التي بدت عليهما (سكريبال وابنته) ناجمة عن التعرض لغاز أعصاب"، مضيفة أن "الاختبارات العلمية التي أجراها خبراء حكوميون، حددت نوع غاز الأعصاب المستخدم، وهو ما سيساعد في تحديد المصدر".

وذكرت صحيفة "تايمز" اليوم الخميس، نقلاً عن مسؤول حكومي بريطاني لم تسمه، أن وضع سكريبال دقيق بشكل خاص، لافتةً إلى أن "المؤشرات تدلُّ على أنه لن ينجو" بحسب المصدر، الذي أعرب أيضاً عن اعتقاده بأن "الوضع قد يكون أكثر تفاؤلا بالنسبة ليوليا".

وفرضت الشرطة طوقاً على مطعم إيطالي وحانة، يعتقد أن سكريبال وابنته ارتاداهما.

وقال أحد الأشخاص الذين كانوا في المطعم لـ"تايمز"، إن سكريبال تناول الطعام هناك الأحد، وإنه كان مضطرباً، موضحاً أن الأخير "كان يتصرف بشكل جنوني، لم أفهم ما كان يجري". وأضاف شاهد العيان: "لم يبدُ مريضاً جسدياً، بل ربما نفسياً، بالطريقة التي كان يتصرف بها".

وقالت الشرطة إن مئات المحققين في قوة مكافحة الإرهاب يعملون "على مدار الساعة" لتحديد التسلسل الزمني لتحركات الضحيتين، وأنه تتم مراجعة "العديد من الساعات" التي سجلتها كاميرات المراقبة.

وتحقق الشرطة لمعرفة ما إذا كانت ابنة سكريبال، التي وصلت بريطانيا الأسبوع الماضي قادمة من موسكو، وحاملة "هدايا لأصدقاء"، قد أدخلت معها غاز الأعصاب عن غير قصد.

وذكرت الصحيفة في وقت سابق أن المحققين سينظرون أيضاً في ظروف وفاة زوجة سكريبال عام 2012 إثر معاناة مع السرطان، ووفاة ابنه البالغ من العمر 44 عاماً في سان بطرسبورغ العام الماضي من مشكلات في الكبد، بحسب تقارير.

وفيما قالت الشرطة إنها منفتحة أمام جميع الاحتمالات بشأن ما حصل، قال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اليوم الخميس، إن ما يشتبه في أنه تسميم لسكريبال هو "جريمة مروعة وطائشة"، وهو كلام يتطابق مع ما أكدته وزيرة الداخلية البريطانية أمام البرلمان، قائلةً إن "استخدام غاز للأعصاب على أرض المملكة المتحدة عمل وقح وطائش". واعتبرت آمبر راد أن "هذه محاولة للقتل بأعلى درجة من الوحشية وفي العلن"، مؤكدة التزام لندن بـ"ببذل كل ما في وسعها لتقديم المعتدين للعدالة، أياً كانوا وأينما كانوا".

ولمّح وزير الخارجية بوريس جونسون إلى روسيا، مشيراً إلى "أوجه التشابه" مع تسميم الجاسوس الروسي السابق، منتقد الكرملين المعارض ألكسندر ليتفيننكو، في لندن في العام 2006، في حادثة وجهت بريطانيا فيها أصابع الاتهام لروسيا.

بدوره، قال وزير الدفاع البريطاني غافين وليامسون، اليوم، إن روسيا "تمثل تهديداً أكثر من أي وقت مضى". كما غرّد النائب المحافظ نيك بولز: "لا أرى كيف يمكننا الحفاظ على علاقات دبلوماسية مع دولة تحاول أن تقتل أشخاصاً على الأراضي البريطانية".

وذهبت رئيسة الحكومة البريطانية إلى القول، إن الحكومة قد تفكر في منع مسؤولين بريطانيين وشخصيات من حضور كأس العالم 2018 في روسيا، إذا ما ثبت تورطها في تسميم سكريبال، فيما نقلت وسائل إعلام بريطانية عن مصادر في القصر الملكي البريطاني أن الأمير وليام لن يحضر الألعاب. لكن وزيرة الداخلية دعت إلى "الهدوء"، فيما تقوم الشرطة بتحقيقاتها.


من جهتها، اتهمت موسكو سياسيين بريطانيين وصحافيين بتأجيج المشاعر المعادية لروسيا.

وقالت المتحدثة باسم الكرملين ماريا زخاروفا إن القضية "استخدمت على الفور لتعزيز الحملة المعادية لروسيا في وسائل الإعلام".

يذكر أن سكريبال كان كولونيلاً سابقاً في الاستخبارات العسكرية الروسية، وسُجن في بلاده بتهمة الخيانة لحساب جهاز الاستخبارات البريطاني "إم آي 6"، وحصل على عفو، ثم انتقل إلى بريطانيا في إطار صفقة تبادل جواسيس بين روسيا والولايات المتحدة في 2010.

(فرانس برس)