غريفيث من صنعاء إلى الرياض: اتفاقات السويد مهددة

غريفيث من صنعاء إلى الرياض: اتفاقات السويد مهددة

07 يناير 2019
التحضير لعقد جولة جديدة من المحادثات (جوناثان ناكستراند/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن الاتفاقات اليمنية في السويد وصلت إلى منعطف حرج مع اختتام المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، زيارة إلى صنعاء دونما إعلان عن نتائج واضحة بشأن الخطوات التنفيذية لاتفاق استوكهولم المبرم منتصف الشهر الماضي، في مدينة الحديدة، غربي البلاد، إذ يتمسك الطرفان برؤيتين مختلفتين حيث يفسره كل واحد منهما بمنظاره الخاص، ويزيد الغموض الصيغ المبهمة الواردة في الاتفاق، والتي لم تحدد على وجه الدقة هوية الأطراف التي ستؤول إليها الحديدة. 

وبدأ غريفيث، الاثنين، زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض، لنقل نتائج زيارته إلى صنعاء للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ومسؤولي حكومته، وفي إطار مهمته المستعجلة، الرامية إلى إيجاد نقاط التقاء جديدة بشأن آلية تنفيذ اتفاق الحديدة، بعدما غادر صنعاء دون الإدلاء بأي تصريح صحافي حول حصيلة لقاءاته التي أجراها على مدى يومين مع قيادات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والتي قالت مصادر سياسية في العاصمة اليمنية لـ"العربي الجديد"، إنها تمحورت حول الخلافات بشأن خطوات تنفيذ اتفاق الحديدة، والتحضيرات لعقد جولة جديدة من المحادثات، تسعى الأمم المتحدة لتنظيمها أواخر يناير/ كانون الثاني الجاري.

وعلى الرغم من الغموض الذي يلف نتائج الزيارة، كانت تصريحات القادة الحوثيين، بما فيها تصريحات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، والذي التقى غريفيث الأحد الماضي، مؤشراً واضحاً على أن اتفاقات السويد المبرمة الشهر الماضي باتت موضع اتهامات مباشرة بين الطرفين بالتنصل من خطوات التنفيذ، إذ اتهم الحوثي التحالف السعودي الإماراتي بالمماطلة ووضع العراقيل أمام تنفيذ الاتفاقات، ووضع مطالب جديدة فشل التفاوض حولها في السويد، وأبرزها إعادة فتح مطار صنعاء الدولي وصرف مرتبات الموظفين الحكوميين في مختلف محافظات البلاد، علماً أن القضيتين (المرتبات والمطار) كانتا على رأس عناوين نقاشات مشاورات السويد وأخفق الطرفان في الوصول إلى اتفاق بشأنهما.

وبدأت معالم أزمة تنفيذ اتفاق الحديدة مع فشل الاجتماعات التي ترأسها رئيس فريق المراقبين الدوليين الهولندي باتريك كاميرت، للجنة التنسيق وإعادة الانتشار في الحديدة، أواخر الأسبوع الماضي، بمشاركة ممثلي الطرفين، إذ كان من المقرر أن يتم التوصل خلالها إلى آلية مزمنة لتنفيذ مقتضيات الاتفاق، وهو ما لم يتم، ليفتح الطريق مجدداً أمام غريفيث في جولته الحالية، التي يسعى من خلالها لإنقاذ الاتفاق، قبل أيام من انتهاء المهلة المحددة للمرحلة الأولى والمحددة بـ21 يوماً، بدأت بسريان وقف إطلاق النار في الـ18 من ديسمبر/كانون الأول المنصرم. 

ويختلف الطرفان بشأن اتفاق الحديدة في بنود محورية، يفسرها كل حسب ما يريد، كنتيجة لثغرات موجودة في الصياغة، ومن ذلك عدم تحديد هوية القوات الأمنية التي تُسند إليها مهام الأمن في الحديدة وموانئها (الحديدة والصليف ورأس عيسى)، حيث شرع الحوثيون بتقديم قوات الأمن التابعة لهم كمعني بتسليم زمام الأمور في الحديدة.


وقال المبعوث الأممي خلال لقاء وفد الحوثيين وحلفائهم في صنعاء، إن قوات الأمن المحلية حسم النقاش حولها في السويد، من دون أن يوضح طبيعة هذا الحسم وما إذا كان يصب في رؤية الحوثيين أو الحكومة، أم أنه يمثل رؤية ثالثة بقوات أمنية محلية مشتركة بين الطرفين. 

وفي ظل حالة عدم الثقة السائدة بين الأطراف، والاتهامات المتبادلة بخروقات يومية، واقتراب نهاية المهلة المحددة لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق دون الوصول إلى آلية تنفيذية متفق بشأنها، يبدو الاتفاق في منعطف خطير، بين أن ينجح المبعوث الدولي بتمديد المهلة وتحقيق اختراق بشان الآلية التنفيذية، وعدا ذلك، فإن المواجهات العسكرية في الحديدة قد تكون النتيجة الطبيعية لأي إخفاق في هذا السياق. 

من زاوية أخرى، وإذا كان اتفاق الحديدة هو أبرز ما خرجت به مشاورات السويد، فإن الملف الآخر كان اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرياً، وهو الأمر الذي جرى الاتفاق حوله قبل الذهاب إلى المشاورات، ثم وقع الطرفان في استوكهولم على آلية تنفيذية مزمنة للتنفيذ، ومع ذلك فإن الملف لم يشهد أي تقدمٍ بالتنفيذ حتى اليوم، بل تبادل الطرفان اتهامات بوضع عراقيل، بما في ذلك رفض الحوثيين الحديث عن مصير المئات من الأسماء التي وردت ضمن كشوفات الحكومة. 

وفيما يقول المبعوث الأممي إنه يحضر لجولة مشاورات جديدة أواخر الشهر الجاري، من شبه المؤكد أن الطرفين لن يذهبا إلى أي جولة جديدة دون الاتفاق حالياً بشأن الحديدة واتفاقات السويد الأخرى بشكل عام، وهو ما أكدته الحكومة اليمنية مراراً، وكل ذلك يجعل المسار السياسي، الذي تصدر منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مهدداً أكثر من أي وقتٍ مضى، مع عدم إهمال التقدم المحدود في  الحديدة، بما يتعلق بوقف إطلاق النار، إذ تراجعت العمليات العسكرية إلى حد كبير، مع خروقات يتبادل فيها الطرفان الاتهامات.