سوء التنسيق الأمني يفاقم قلق الأوروبيين من "شهر اليورو"

سوء التنسيق الأمني يفاقم قلق الأوروبيين من "شهر اليورو"

11 يونيو 2016
تدريبات تحسباً لاعتداءات في فرنسا (جان فيليب كسيازيك/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال قضية إلقاء القبض على الخلية، التي خططت لتنفيذ هجوم في مدينة ديسلدورف الألمانية، ترخي بظلالها على الوضع الأمني في البلاد، مع تزايد الشكوك في وجود عدد من الخلايا النائمة استناداً إلى معلومات ووثائق أمنية يتم تداولها بين أجهزة الاستخبارات الأوروبية في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وما يزيد هذه المخاوف احتمال تنفيذ عمليات إرهابية خلال بطولة أوروبا لكرة القدم، والتي بدأت أمس الجمعة في فرنسا، حيث من المتوقع أن يزورها أكثر من مليوني شخص، وهو ما عبّر عنه أكثر من مسؤول أمني أوروبي على الرغم من التدابير الأمنية المشددة، التي اتخذت على الحدود.

وجاء كلام رئيس مؤتمر وزراء داخلية ألمانيا، وزير داخلية ولاية زارلاند، كلاوس بويلون، لصحيفة هاندلسبلات، هذا الأسبوع، ليزيد المخاوف وذلك بإعلانه عن وجود 100 "إرهابي محتمل" على الأقل تسللوا إلى أوروبا، معتبراً أن هذا الرقم غير مبالغ فيه وأنه من السذاجة القول إنه لا يوجد المزيد من الخلايا الإرهابية في ألمانيا. وأتى كلام كلاوس بعد ما أعلنته وزارة العدل الألمانية بأن هناك 180 مشتبهاً فيهم على صلة بالتنظيمات الإرهابية، مما يفاقم بالتالي حالة الخوف والقلق لدى المواطنين.

وأمام هذا الواقع يطالب العديد من الخبراء الأوروبيين باعتماد داتا معلومات موحدة، بسبب تشابه الكثير من الأسماء وطريقة كتابتها، التي تلعب دوراً سلبياً في عمليات التدقيق، وبسبب وجود منطقة "شينغن" التي تتيح للأفراد أن يتنقلوا بحرية، دون الحاجة إلى إظهار جوازات سفرهم للقوى الأمنية. ويعتبر الخبراء أنه من الصعب الاستمرار على هذا المنوال في هذه الظروف، إذا لم تُتَّخذ إجراءات تنسيق وتعاون وتبادل للمعلومات بشكل فعال بين كافة الأجهزة الاستخباراتية في أوروبا، لأن الجميع يعاني من هذا التسيّب والتفلّت للحدود مع وجود ظاهرة "الإسلام المتطرف".

ويؤكد الخبراء أن المشكلة تكمن في نقطتين أساسيتين لدى "اليوروبول"؛ الأولى هي أنه لم تلتزم سوى أربع دول بتسليم المعلومات، وأنه لا يوجد اليوم سوى أسماء 2000 شخص من أصل 6000 من المتطرفين الذين غادروا للقتال خارج أوروبا؛ أما المشكلة الثانية فتكمن في أن معظم أسماء الأشخاص الخطيرين المشتبه في تورطهم بـ"الإرهاب" وأولئك الذين يقاتلون مع الجماعات المتطرفة، تتوافر لدى أجهزة الاستخبارات وليس أجهزة الشرطة، علماً بأن "اليوروبول" ينسق مع الشرطة، أي أنه يتلقى المعلومات من أجهزة الشرطة وليس من أجهزة الاستخبارات، وهذا ما يسمح بحدوث خروقات أمنية نتيجة النقص في المعلومات، لا سيما في ظل غياب أية حماية خارجية صارمة لدول الاتحاد الأوروبي، والتي لا تزال تعتبر شأناً وطنياً بامتياز.


في المقابل، يشدد الكثير من الخبراء والمراقبين على أهمية عدم إلقاء الاتهامات جزافاً، وعدم تعميم الإرهاب على كل المسلمين، مؤكدين أن السلفيين لا يشكلون سوى عدد قليل من المجتمع المسلم في ألمانيا، في حين يؤكد آخرون على أن اتخاذ إجراءات في شأن اللجوء وملاحقة الخلايا الإرهابية يقطع الطريق على الحزب اليميني الشعبوي من نشر سياسته المناوئة للمهاجرين.

وفي تقرير نشر أخيراً في صحيفة "فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ"، ووفقاً لأرقام صادرة عن مكتب مكافحة الجريمة، يتبيّن أن هناك حوالى 500 شخص يصنفون على أنهم إسلاميون خطيرون، علماً بأن تقارير أخرى تظهر أن حوالى 397 شخصاً صنفوا بين "الأشخاص ذوي الصلة"، أي أشخاص مساعدين أو متعاطفين مع الإرهابيين المحتملين.

وفي ظل المخاوف من تنفيذ هجمات خلال بطولة أوروبا لكرة القدم، لا يستبعد خبراء أوروبيون استغلال الفجوة بين القدرات الهجومية والقدرات الدفاعية للقوات الأمنية في إحداث أي خلل، مؤكدين أن الهجمات قد تحصل بواسطة أسلحة من نوع "كلاشينكوف"، الذي يمكن الحصول عليه بسهولة في فرنسا، إذ لا يتجاوز سعره 100 دولار في كثير من الأحيان. ويضيف الخبراء أنه على الرغم من تجهيز ضباط وعناصر الشرطة بسترات واقية من الرصاص، إلا أنه لا يمكن الوقوف بوجه نيران رشاش حربي وفي أماكن مكتظة بالجموع.

في هذا الصدد، انتقد مدير جهاز الأمن والتخطيط لكأس العالم 2006 في ألمانيا، هيلموت شبان، في حديث صحافي، الخلل في التنسيق بين الأجهزة الأمنية الأوروبية، مشيراً إلى أن هناك تاخيراً واضحاً في التعاون الأمني بين الأجهزة الفرنسية ونظرائها من الدول الأوروبية للتحضير والجهوزية الأمنية خلال بطولة كأس أوروبا، والتي انطلقت أمس. ولفت إلى أنه خلال التحضير للبطولة في ألمانيا، بدأ التنسيق قبل 3 سنوات من الحدث، وتم تبادل المعلومات والخطط، وهذا ما يدفع إلى الشك حول ما إذا كانت الأجهزة الأمنية مستعدة بشكل جيد، في ظل الوضع الأمني المتوتر والإضرابات التي تشلّ باريس.