أبرز التحديات الدولية التي تواجه ألمانيا عام 2020

هذه أبرز التحديات الدولية التي تواجه ألمانيا عام 2020

02 يناير 2020
تحديات خارجية كبيرة تنتظر ألمانيا (ليدوفيتش مارن/ فرانس برس)
+ الخط -
اعتبارا من الأول من يوليو/ تموز المقبل، ستتولى ألمانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة 6 أشهر وفقا لمبدأ التناوب داخل التكتل، ما يضعها أمام الكثير من المسؤوليات مع انعدام التوازن وحالة عدم التماسك بعد الخروج المقرر لبريطانيا في نهاية الشهر الحالي، إضافة إلى دورها الدبلوماسي في التدخل لحل النزاعات في مناطق متعددة من العالم، عدا عن هاجس التباطؤ الاقتصادي وزيادة الأعباء الداخلية والخارجية.

وضمن مهمات التدخل في حل النزاعات الدولية، تسعى ألمانيا مع بريطانيا وفرنسا لخلق ترتيبات تنقذ التعثر الذي حل بالملف النووي الإيراني مع الولايات المتحدة، من أجل مواجهة ضغوط العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على الشركات التي ستتعامل مع إيران. ويبدو أن طهران غير قادرة على مقاومة العقوبات بعدما صار من غير المحتمل العمل بنظام "انستكس" الذي أنشاته الدول الثلاث لمعالجة التعامل التجاري معها بعيداً عن العقوبات الأميركية.
وسيكون على برلين مجاراة السياسة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب، لكي تتمكن من التعامل مع الولايات المتحدة كقوة نظام عالمي في ظل سعي سيد البيت الأبيض لضمان رخاء اقتصادي لبلاده من خلال الحروب التجارية، ما يهدد تجارة الصناعات الألمانية.

وفي ملفات الأزمات في الشرق الأوسط يرجح أن تفعل ألمانيا دبلوماسيتها مع إيران من أجل حثها على الحد من زعزعة الاستقرار في دول مثل اليمن وسورية والعراق. ويبقى الأهم القلق الذي يسود ألمانيا وأوروبا من تدهور الوضع في ليبيا التي تعيش حربا منذ بدء اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، في إبريل/ نيسان الماضي عدوانه على العاصمة طرابلس. وفي السياق فإن ألمانيا تبدو جادة وبمساعدة أممية في التوسط بين أطراف النزاع، وتواصل عقد سلسلة اجتماعات للتحضير لمؤتمر في برلين ينهي حال الانقسام، ناهيك عن الأزمات في دول الساحل الأفريقي والنقاش الذي يسود في ألمانيا حول أهمية وضرورة وجود قوات ألمانية ضمن البعثة الأممية في مالي.
ومن الملفات المتوقع أن تنال حيزا من اهتمامات السياسة الألمانية وضع التمويل وميزانية الاتحاد الأوروبي، لا سيما أنه من المفترض أن تلعب برلين دورا رئيسيا في ظل ضعف قدرات دول شرق أوروبا، إلى ما يتعلق بملف اللاجئين والهجرة والتنمية التي تتطلب تمويلات ضخمة. وحيال ذلك أيضا على ألمانيا، أن تعمل بعد تطبيق "بريكست"، على آلية لضبط العلاقات المستقبلية بين الاتحاد وبريطانيا لما لهذا الأمر من أهمية على جميع المستويات السياسية والأمنية والاجتماعية، وصولا إلى الاقتصادية وما يتعلق منها بالتجارة البينية.
وفي ما يتعلق بالعلاقة مع روسيا، فإن ألمانيا لن تغفل الطرف عن مهمة الاستمرار في منع التصعيد العسكري بين موسكو وكييف، والذي تتوالى فصوله منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم واندلاع الحرب عام 2014، وعدم تنفيذ اتفاق مينسك. في الموازاة يتوقع أن تنسق برلين، وتماشيا مع مصالحها في مجال الطاقة، مع موسكو درءا لتداعيات العقوبات الأميركية على الشركات الملتزمة بمد خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي سينقل الغاز الروسي إلى أوروبا.
وربما عليها أيضا تقديم بعض المقترحات في ظل الحديث عن مجموعة عمل لمناقشة التحديات والمشاكل حول مستقبل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بعد الملاحظات التي أبداها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، واعتباره أن الحلف بات في حالة موت دماغي رغم التحضيرات الحالية لتنفيذ مبادرة "حالة التأهب والاستعداد". أما فيما يخص الملف الأفغاني وبعدما ساعدت ألمانيا ولسنوات خلت في إنشاء قناة اتصال بين حركة "طالبان" والأميركيين ولعبت دور الوساطة، فيبدو أنها ستواصل تفعيل وساطتها مجددا إلى جانب النرويج، وفق ما ذكرت تقارير صحافية ألمانية.


لكن كل هذه التحديات تبقى مرهونة باستقرار الوضع السياسي الداخلي في البلاد وعدم مغادرة "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" الائتلاف الحاكم، رغم أن التحالف الكبير حقق الكثير من أهدافه منذ إقامته، في ملفات الهجرة والعمالة المتخصصة والمناخ والمعاشات التقاعدية.
وفي حال انهيار التحالف الكبير عندها ستكون الجمهورية الألمانية في خطر بفعل التباينات السياسية، وهذا ما قد يتيح لليمين المتطرف والشعبوي مهاجمة السلطة لإضعافها.

المساهمون