الأمن والطائرة المصرية: هل مرت الكارثة أمام "الشارات الحمراء"؟

الأمن والطائرة المصرية: هل مرت الكارثة أمام "الشارات الحمراء"؟

21 مايو 2016
جميع الفرضيات مطروحة بشأن الطائرة المنكوبة (Getty)
+ الخط -

سواء كانت المتفجرات على شكل أوراق أو مخفية في علبة بحجم علب الدواء وتبدو كالملح، فقد تدرب موظفو الأمن في المطار الرئيسي بباريس على كشف سائر أشكال العبوات الناسفة متناهية الدقة، التي بمقدورها تفجير طائرة.


لكن يبدو أن ثمة حقيقة مروعة مفادها أن الأمن عرضة للخطأ في نهاية المطاف.
هذا ما يؤكده، سيلفان بريفوست، الذي يدرب من يسعون إلى الحصول على الشارة الحمراء التي تتيح الدخول إلى المناطق المحظورة في المطار، قائلاً إن "الكمال التام غير موجود"، بحسب ما تنقل وكالة "أسوشييتد برس".

هذا الوضع قائم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بوجود خمسة وثمانين ألف شخص يحملون هذه الشارة في مطار شارل ديغول، التي تستمر صلاحيتها ثلاث سنوات وكثير منهم يعمل لصالح عدد من الشركات الخاصة.

وفيما تعلم سلطات المطارات في فرنسا وأماكن أخرى بالمخاطر، فإنها تردّدت في التكهن بما إذا كانت هفوة أمنية بالمطار ربما ساهمت في تحطم الطائرة المصرية يوم الخميس.

فقد أقلعت الطائرة المصرية طراز "إيرباص إيه 320" في الرحلة رقم 804 من مطار شارل ديغول حاملة ستة وستين شخصاً، قبل أن تتمايل بعنف يمنة ويسرة وتدور حول نفسها وتسقط في شرق البحر المتوسط. ولا يزال سبب الحادث مجهولاً.
وتعيش فرنسا حالة طوارئ منذ هجمات باريس التي وقعت في الثالث عشر من نوفمبر / تشرين ثان 2015 وأودت بحياة 130 شخصاً، وذلك عقب هجومين دمويين وقعا في وقت سابق من العام نفسه، فيما أشارت جميع الخيوط إلى تورط تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وشددت السلطات الفرنسية التدابير الأمنية قبل انطلاق بطولة فرنسا المفتوحة للتنس والتي تبدأ غداً الأحد، وبطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم 2016 والتي تنطلق في العاشر من يونيو / حزيران المقبل وتستمر مدة شهر.

وأضافت الهجمات التي وقعت في الثاني والعشرين من مارس / آذار الماضي في مطار ومحطة لقطارات الأنفاق ببروكسل وأودت بحياة اثنين وثلاثين شخصاً، (أضافت) إلى شعور سائد أن الأماكن العامة، مثل المطارات، أصبحت عرضة للخطر.



ويقول العالم الشهير المتخصص في علم الجريمة آلان باور "من الممكن أن تحمل أي شيء خطير داخل أي مطار بالعالم بسبب التناقض بين الوقت والأمن. كل شخص يريد الصعود على متن الطائرة بسرعة. ولذا يقدم الجميع تنازلات فيما يتعلق بالوقت والأمن".

ويستجوب محققون فرنسيون موظفي مطار شارل ديغول الذين كانت لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة برحلة الطائرة المصرية، من حاملي الحقائب إلى موظفي البوابات، حسبما قال مسؤول قضائي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، كونه غير مخول الحديث علانية عن التحقيق، بحسب تحقيق "أسوشييتد برس".

ومنذ مذبحة غرفة التحرير في جريدة شارلي إيبدو في يناير / كانون الثاني 2015، سحبت السلطات الفرنسية أو رفضت منح خمس وثمانين شارة حمراء، وفقاً لشركة مطارات باريس، والتي ذكرت أن سبعين شارة من تلك الشارات سحبت في غضون شهر من وقوع هجمات نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

ويقول رئيس شركة مطارات باريس لإذاعة "أوروبا 1" في ديسمبر/ كانون أول الماضي، إن معظم تلك الشارات سحبت على خلفية "ظاهرة التطرف".
ومن الممكن سحب الشارة لأسباب أخرى، على سبيل المثال، عندما يقع شخص ما في متاعب قانونية ويصبح له سجل لدى الشرطة. كما أن الغياب الطويل عن العمل يتسبب في فتح تحقيق.

ويشار إلى أن واحداً من الانتحاريين اللذين نفذا الهجوم على مطار بروكسل، ويدعى نجم العشراوي، كان موظفاً بأحد المطارات. كما أن سامي عميمور، وهو عنصر في التشكيل "الإرهابي" الذي شن هجوماً على مسرح باتاكلان في باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كان يعمل لدى هيئة النقل الفرنسية.
وبعد وقوع هجمات نوفمبر/ تشرين الثاني، حسبما قال وزير النقل، آلان فيدالي، أمس الجمعة، "فحصنا وضع موظفي (المطار) جميعاً، وبمجرد وجود شك، وليس اشتباه حتى، تم سحب الشارات".
وجرى تفتيش ما يقرب من أربعة آلاف خزينة خاصة في شارل ديغول بعد هجمات باريس. ويقول الأمين العام لفرع نقابة الكونفدرالية العامة للعمل النافذة في المطار (سي جي تي)، سيرج نيبيلين، إن المحققين لم يجدوا أي شيء يحمل دليل إدانة.

ويضيف نيبيلين "يمكن أن تكون هناك مجموعات صغيرة" من نفس الأصل، "لكن ليس لدي علم بأشخاص متطرفين". وقال إنهم لو كانوا موجودين لكان قد تم إبلاغه.
ومن المتوقع مراقبة الأشخاص الذين يحملون شارات الأمن الحمراء للاشتباه في تصرفاتهم، وفقاً لمدير مطار باريس، أوغاستان دو رومانيه، وآخرين.
ويتم منح الشارات من نائب مدير شرطة المطارات، وهو ممثل للدولة، وذلك بعد دورة تدريبية واختبار بالإضافة إلى فحص أمني من الشرطة.



وقبل عقد من الزمان، قام المسؤولون بحملة على ما قالوا، إنها عملية تسلل لمتشددين بمطاري شارل ديغول وأورلي، ثاني مطارات باريس، حيث أغلقوا حوالي 15 غرفة للصلاة في المطارين. وتم سحب التصاريح الأمنية من 72 شخصاً، بعضها بسبب مسائل جرى تحديدها في رسالة اطلعت عليها "أسوشييتد برس" تتعلق "بالتصرفات" و"السلوك".
وقال الموظفون الذين خسروا تصاريحهم الأمنية في ذلك الوقت، إنه جرى استجوابهم حول ممارساتهم الدينية وما إذا كانوا قد توجهوا إلى مكة المكرمة، على سبيل المثال، أم لا. ويقول سيلفان بريفوست، من مركز تدريب أمن الطيران "ليست مشكلة الديانة. إنها مشكلة الشخص"، وتطورت أسلحة الدمار جنباً إلى جنب مع التطرف.

ويضيف بريفوست "نظام أمن المطارات جرى إعادة تعريفه كما تعلمون". ويتابع "هناك ترون عبوة ناسفة على شكل ورقة، بحيث يمكن إخفاؤها داخل كمبيوتر محمول أو كمبيوتر لوحي صغير"، حسبما قال بريفوست، وهو في مركز التدريب الذي يعمل به مظهراً عنصراً تم كشفه بالكاد على الشاشة، يظهر واضحاً للعيان فقط عند وضعه على التطبيق الخاص به.
ويرى أن الأدوات الحادة مثل السكاكين المصنوعة من مركب البوليمر والبلاستيك شديد الصلابة، يمكنها الإفلات من أجهزة الكشف عن المعادن.
ويقول إن "التحدي الحقيقي اليوم هو التحليل بالتصوير الإشعاعي"، في إشارة إلى الأشعة السينية في الكشف عن مثل هذه الأجسام التي توضع وسط الأمتعة.
ويشير بريفوست إلى أن التواطؤ مع أي طرف خارجي من شأنه أن يكون السبيل الأكثر احتمالاً لتخريب طائرة، لأن المطار عبارة عن "فقاعة". غير أنه يخلص إلى أن "التهديد في كل مكان كما أنه يتغير".