حراك مصري لتثبيت تهدئة غزة يسبق مليونية سنوية العودة

حراك مصري لتثبيت تهدئة غزة يسبق مليونية سنوية العودة

06 مارس 2019
تواصل قوات الاحتلال استهداف متظاهري مسيرات العودة (الأناضول)
+ الخط -
على وقع تصعيد ميداني متبادل لكنه لا يزال محدوداً وتحت السيطرة، ومع تزايد القصف الإسرائيلي لمواقع ومراصد المقاومة الفلسطينية على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة والتهديدات بتوسّع العدوان، بدأ وفد أمني مصري، أمس الثلاثاء، جولة مباحثات جديدة في غزة، لمنع انزلاق الأوضاع ولتثبيت التفاهمات بين الجانبين، وذلك بعدما زار تل أبيب لمدة ثلاثة أيام. وفور وصوله إلى القطاع، عقد الوفد المصري الذي يضم وكيل جهاز الاستخبارات، اللواء أيمن بديع، ومسؤول الملف الفلسطيني في الجهاز، اللواء أحمد عبد الخالق، واللواءين عمر حنفي وسامح نبيل، اجتماعاً مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، في مكتبه بمدينة غزة. وحضر الاجتماع مسؤول "حماس" في القطاع، يحيى السنوار، وعضوا المكتب السياسي للحركة خليل الحية وروحي مشتهى، وعدد من المسؤولين في الحركة.

ويعمل الوفد المصري على منع تدهور الأوضاع الأمنية، لا سيما مع الاستعدادات الفلسطينية لإطلاق مليونية الذكرى الأولى لمسيرات العودة وكسر الحصار في الثلاثين من شهر مارس/آذار الحالي، والتي يسعى القائمون على الهيئة الوطنية للمسيرات إلى توسيعها لتضم أماكن إضافية.

وفي السياق، قال مصدر مصري مطلع على ملف المفاوضات مع الفصائل الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوفد الأمني اتجه إلى قطاع غزة، لعرض مجموعة من التصورات الخاصة بملف التهدئة مع إسرائيل، بعدما زار تل أبيب لمدة ثلاثة أيام، حيث التقى عدداً من أبرز المسؤولين الأمنيين والحكوميين هناك، وفي مقدمتهم رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين".

وتأتي الزيارة بعد أيام من عودة وفد حركة حماس من القاهرة إلى القطاع بعد مكوثه هناك لفترة هي الأطول وامتدت 24 يوماً. وبحسب المصدر، فإنّ الجانب المصري اختبر التزام "حماس" بتقدير الموقف المصري في الوساطة مع الاحتلال، بعد التزام الحركة بعدم الردّ على الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع عسكرية تابعة لها في قطاع غزة، وذلك بعد تدخل من المسؤولين في جهاز الاستخبارات المصري.

وأوضح المصدر أنّ مباحثات الوفد الأمني المصري مع "حماس" تشمل ما دار في المفاوضات مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن استعداد الاحتلال للعودة إلى الهدوء السابق، وإعادة إدخال الأموال القطرية بطريقة سلِسة بعيداً عن التعقيدات السابقة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من التزامات التهدئة التي سبق وتمّ التوصل إليها، والتي تبدأ بتوسيع مساحة الصيد إلى 20 ميلاً بحرياً، وفتح المعابر، ورفع الحظر عن إدخال عدد كبير من السلع الحياتية اليومية.

وأشار المصدر إلى أنّ المفاوضات تتضمّن أيضاً استكمال مناقشة التزامات الاتفاق الخاص باستمرار فتح معبر رفح، والضمانات الخاصة بعدم استخدامه في إدخال أي وسائل أو معدات أو أسلحة من شأنها توتير الأجواء داخل القطاع، مع تفعيل اتفاق للتجارة البينية مع قطاع غزة ومصر.

وبحسب المصدر ذاته، فإنّ دوائر أمنية وعسكرية في إسرائيل لا تزال ترى في قطاع غزة جبهة قصيرة الأمد، مشيراً إلى أنّ "هناك أكثر من جهة أمنية وضعت خططاً وسيناريوهات جاهزة للتنفيذ في غزة، وجيش الاحتلال لا يزال يدرس المزيد من السيناريوهات، ويستعد لعملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع، قد تكون قريبة، وهو ما تسعى القاهرة جاهدة لتحجيمه عبر كبح عوامل اندلاع تلك المواجهة".

وتصاعد في الأيام الماضية العدوان الإسرائيلي على غزة، إذ قصفت طائرات الاحتلال ومدفعيته أكثر من عشرة مراصد للمقاومة الفلسطينية على طول الحدود الشرقية. وزعم الاحتلال أنّ هذا القصف يأتي رداً على تصعيد فعاليات "الإرباك الليلي" على حدود القطاع، وعقب استخدام المتظاهرين الأدوات الخشنة في المقاومة السلمية.

وعاد "الإرباك الليلي" على الحدود بعد تراجع الإسرائيليين عن التفاهمات التي أبرمت بوساطة مصرية وقطرية وأممية، فيما يشترط القائمون على فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار إلزام الاحتلال بالتفاهمات وبتنفيذها لإيقاف "الفعاليات الخشنة" والتي من ضمنها إطلاق البالونات الحارقة. ووفق مصادر فلسطينية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ الوفد الأمني المصري معني بالحفاظ على حالة الهدوء والاستقرار، وخصوصاً مع تصاعد الأوضاع وسخونتها، والمؤشرات التي أطلقها الفلسطينيون خلال الأيام الماضية عن نيتهم التصعيد أكثر على الحدود.

وذكرت المصادر الفلسطينية أنّ إسرائيل تراجعت عن تفاهمات عدة، منها توسيع مساحة الصيد، والسماح بدخول الأموال القطرية لموظفي غزة المدنيين والأسر المحتاجة، كما أنها لم تبدأ بنقاش ملف الممر المائي الذي جرى الاتفاق على أنّ يكون على جدول أعمال المرحلة الثانية من التفاهمات، إضافة إلى "تلكؤ" الاحتلال في بدء الإجراءات الخاصة بتحسين البنية التحتية والكهرباء في القطاع المحاصر.

وزيارة الوفد الأمني المصري، وإن كانت مهتمة بالعودة إلى التفاهمات والسعي لتخفيف الحصار، إلا أنّها ستبحث أيضاً ملف المصالحة مع الأطراف الفلسطينية المختلفة لمحاولة تجاوز التعثر الحالي الذي يعتريها، في ظلّ التراشق الإعلامي المستمرّ بين حركتي "فتح" و"حماس" منذ أكثر من شهر، والإجراءات المتبادلة في كل من غزة والضفة الغربية.

في غضون ذلك، أكّد عضو الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، ماهر مزهر في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "أياً من التفاهمات التي يجري الحديث عنها غير مرتبط بمسيرات العودة، والفلسطينيون حصلوا عليها بالصمود والصبر وبالقوة التي أرغمت الاحتلال الإسرائيلي عليها". وشدد على أنّ "المسيرات مستمرة، ولن تتوقف، وسنكون أمام مليونية كبيرة باتجاه البدء في العام الثاني لمسيرات العودة وكسر الحصار".

وأكد مزهر "لن ننطلق من مفهوم الاحتفال بالذكرى الأولى فقط، بل ببعث رسالة أكيدة على أننا سنواصل وننطلق بقوة وعزيمة للاستمرار بهذه الفعاليات حتى نيل الحقوق الفلسطينية". وأضاف أنه "لن ندفع أثماناً سياسية لما يحصل عليه الشعب الفلسطيني من خلال التفاهمات، وجوهر نضال الشعب الفلسطيني سياسي وليس إنسانياً"، مؤكداً أنّ مليونية الثلاثين من مارس المقبل "ستكون فعلاً وطنياً في الداخل والشتات وبشكل موحد".

ووفق مزهر، فإنّ "كل أشكال التصعيد الذي يتبناها العدو الإسرائيلي، سواء التهديد بإغلاق المعابر أو القصف أو تشديد الحصار أو حتى احتلال غزة، لن تثنينا عن مواصلة المسيرات، وستكون هذه الأفعال هي المقود لاستمرارها"، مضيفاً أنّ "كل أشكال الاحتجاج التي تستخدم في ميدان المسيرات هي أشكال شعبية".

وتابع القيادي البارز في الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار: "سنستمر في إطلاق البالونات، وسنتجه لمزيد من التصعيد، وفي جعبتنا الكثير من الإمكانيات الشعبية التي يصنعها شعبنا للتنغيص على مستوطني غلاف غزة". وقال "الحصار سيكسر آجلا أم عاجلاً، ولن نربط كسره بأي أثمان سياسية، ولن يدفع الشعب الفلسطيني الفاتورة وحده".

المساهمون