ملهاة "حل الدولتين"

ملهاة "حل الدولتين"

19 اغسطس 2016
يسرّع الاحتلال الأنشطة الاستيطانية وهدم منازل الفلسطينيين (وسام هشلمون/الأناضول)
+ الخط -
تناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين أنباءً عن عزم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، طرح مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي، يقضي بحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حدود 1967، وهو الأمر الذي نفاه مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، مؤكداً عدم علمه "بوجود أي خطة لتقديم مقترح إلى الأمم المتحدة حول حل الدولتين يتضمن عودة إسرائيل إلى حدود ما قبل 1967".
وسواء صدق الإعلام الإسرائيلي، أو أن الأمر لا يتجاوز "قنبلة اختبار" للرئيس الأميركي الذي بدأ بجمع حقائبه لمغادرة البيت الأبيض مطلع العام المقبل، فإن الحديث عن "حل الدولتين" بات ضرباً من الخيال السياسي، المنفصل عن الواقع، بل إن المجتمع الدولي صار أكثر ميلاً للاعتقاد بـ"موت خيار الدولتين"، كما لمّح تقرير أممي صدر منتصف شهر مايو/ أيار الماضي عن منسّق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، إلى تضاؤل حل الدولتين. وعزا التقرير سبب هذا "التشاؤم" إلى الاتجاهات السلبية على الأرض، ومن بينها استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وسط الحديث المُتجدد عن ملهاة "حل الدولتين"، تظل الحقيقة المؤكدة على الأرض هي تكاثر المستوطنات الإسرائيلية داخل "الدولة الفلسطينية" الموعودة، إذ فاق عدد المستوطنات في الضفة الغربية 240 مستوطنة (ما عدا القدس)، بينها نحو مائة "بؤرة استيطانية"، وزاد عدد المستوطنين في الضفة والقدس الشرقية على 640 ألف مستوطن. أما على الواجهة السياسية فليس هناك من أي ورقة ضغط فلسطينية أو عربية أو دولية تُجبر إسرائيل على الانسحاب من شبر واحد من أراضي الـ67، بل إن ما تحققه إسرائيل من اختراقات على "جبهة التطبيع" يُشجع حكومة بنيامين نتنياهو على التغوّل في سياسات الاستيطان، والتهويد، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، والاستيلاء على أملاك الغائبين، وإقامة المناطق العسكرية العازلة، والجدران الأمنية، وشق الطرق الالتفافية الخاصة بالمستوطنين، ثم ترك ما تبقى من فتات الجغرافيا للفلسطينيين، ولهم نعته على الورق بما شاؤوا من الأسماء، من "الدولة" الى "الإمبراطورية"، ولهم أن يتمتعوا فيها بنعمة الانقسام، ورفاهية التنسيق الأمني.